مع اشتعال الحرب بين ايران والكيان الصهيونى المحتل عادت ازمة الغاز الطبيعى لتلقى بتداعياتها السلبية على قطاعات كثيرة فى مصر فى مقدمتها شركات الأسمدة التى اضطرت مع هذه الأزمة وعجز حكومة الانقلاب عن توفير كميات الغاز التى تحتاجها إلى الإعلان عن توقفها عن الانتاج وهو ما سينعكس على القطاع الزراعى وقد يؤدى إلى سوق سوداء للأسمدة تشهد فيها الأسعار ارتفاعات جنونية وهذا سيؤدى الى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الآخرى . كانت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، قد قررت بدء تنفيذ خطة صيانة مكثفة لمصانع الشركة على مدار الساعة، وذلك نتيجة لتداعيات الحرب بالشرق الأوسط وتأثر إمدادات الغاز الطبيعي للمصانع. وأوضحت أبو قير للأسمدة، في بيان إلى البورصة المصرية ، أن خطة صيانة مصانع الشركة ستكون على مدار الساعة لحين تحسين ظروف التشغيل. وأكدت أنها ملتزمة بالإفصاح عن أي مستجدات جوهرية في حينه وفقا لقواعد الإفصاح الخاصة بالشركات المقيدة بالبورصة المصرية. وفي وقت سابق، كشفت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية أنه تم إخطارها بتخفيض كميات الغاز الطبيعي الموردة لمصانع الشركة لمدة أسبوعين الأمر الذي أدي إلى خفض الإنتاج بنحو 30%.
6 مصانع
حول هذه الأزمة كشف المهندس شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات عن موقف مصانع الأسمدة قائلًا: ال 6 مصانع الخاصة بالأسمدة توقفت تقريبًا، ومتوسط إنتاج المصنع الواحد كان يتراوح ما بين 50 ألف طن إلى 150 ألف طن شهريًا بحسب حجم المصنع. وقال الجبلى فى تصريحات صحفية : جميع المصانع سوف تتوقف في المرحلة الحالية، رغم أنه لا توجد مشكلة في الغاز مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تعاقدت على الشحنات التي تحتاجها البلاد في الفترة الراهنة، والمراكب وصلت بالفعل لتحويل الغاز السائل للطبيعي في الشبكة،. وأوضح أن الإجراء الذي اتخذته حكومة الانقلاب هو اجراء تحوطي في ضوء الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة مع تزايد أخطار مثل إغلاق مضيق هرمز على سبيل المثال وما قد يؤدي إلى اضطراب سلاسل الإمداد، موضحا أن حكومة الانقلاب لجأت إلى إجراء احترازي وفق فقه الأولويات، ما تحتاجه الكهرباء أولًا ثم الصناعة. وردًا على سؤال حول وجود ثلاث مراكب في الميناء، أحدها تم ربطه بالشبكة والمركبان الاخران جاري ربطهما، وهل في حال إتمام عملية الربط للمراكب الثلاث يعود ضخ الغاز في شرايين الصناعة؟ قال الجبلى: ليس شرطا، لأن المراكب الثلاث موجودة في الميناء ودورها هو تحويل الشحنات المسالة لغاز طبيعي وتكلفتها اليومية عالية حيث لها إيجار يومي، ولكن الأهم هو وصول المراكب المحملة بالشحنات من مصدرها.
خسائر القطاع
وعن حجم خسائر القطاع جراء التوقف قال : ما نقدرش نحسبها لأن فيه أنواع كثيرة، مثلًا أسمدة النيتروجين وهو المعتمد على الغاز، وهناك الفوسفات والبوتاسيوم، والمعتمد على الغاز هو النيتروجين والمعروف باسم 'اليوريا'، وهي الأكثر تأثرًا، وتختلف الخسائر بحجم الإنتاج لكل مصنع. وعن حجم الصادرات السنوية من الأسمدة أوضح الجبلى أنه يتم التصدير بحوالي 3 – 3.5 مليار دولار سنويا على الأقل بحسب سعر الصرف، وبناء على ما سبق سيتوقف التصدير، الذي سيصدر هو من عنده مخزون فقط. وحول ظهور سوق سوداء مع تزايد الطلب على الأسمدة أكد أن سماد اليوريا مقسوم لنوعين: المدعم لمن حيازته 25 فدانا وأقل مدعوم مثبت السعر من قبل حكومة الانقلاب، وما فوق هذه الحيازة يحصل عليه بالسعر الحر، والأخير ممكن يتحرك.
سوء تخطيط
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فؤاد ، إن إنتاج مصر المحلي من الغاز الطبيعي يبلغ حاليًا نحو 3.8 مليار قدم مكعب يوميًا، يضاف إليها 700 مليون قدم مكعب من خلال محطة التغويز، ليصل الإجمالي إلى 4.5 مليار قدم مكعب وكان الغاز المستورد من دولة الاحتلال يضيف مليار قدم مكعب أخرى، ليبلغ الإجمالي 5.5 مليار قدم مكعب، متوقعا أن يرتفع هذا الرقم إلى 7.5 مليار قدم مكعب مع دخول سفن التغويز الجديدة الخدمة خلال الشهر المقبل، وهو ما يعادل الاحتياجات الكاملة للبلاد من الغاز. وأضاف فؤاد فى تصريحات صحفية : قطاع الكهرباء يستهلك حوالي 3.2 مليار قدم مكعب من الغاز، بالإضافة إلى استخدام نحو 40 ألف طن من المازوت و4 إلى 5 آلاف طن من السولار يوميًا لتوليد الكهرباء، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب اضطرت لاتخاذ إجراءات لمواجهة العجز في إمدادات الغاز، من بينها إغلاق المباني الحكومية في الثامنة مساءً وإطفاء إعلانات الشوارع بين التاسعة مساءً والثانية عشرة منتصف الليل وتقليص إنارة الشوارع بنسبة 60%، بالإضافة إلى محاولة الالتزام بمواعيد الإغلاق الرسمية للمحال والمولات التجارية . وأشار إلى أنه تم وقف تشغيل قطاع الأسمدة بالكامل، وتعليق العمل في بعض المجمعات الصناعية، كإجراء لتقنين استهلاك الغاز مؤكدا أن البنية التحتية اللازمة لعملية التغويز لم تكتمل بعد، والسفن الثلاث المخصصة لعملية التغويز ليست مربوطة بالشبكة القومية للغاز واعتبر أن هناك سوء تخطيط تسبب في هذه الأزمة، حيث لم يُدرك حجم المشكلة إلا بعد تفاقمها مؤكدا أن الغاز الإسرائيلي لا يمثل أكثر من 15% من احتياجات السوق المحلي، ويمكن الاستغناء عنه، إلا أن البدائل الأخرى، مثل الغاز المسال، أكثر تكلفة، حيث يبلغ سعر الوحدة الحرارية منه نحو 13 دولارًا، مقارنة ب5 دولارات للغاز المستخرج محليًا، في حين يبلغ سعر الغاز المستورد من دولة الاحتلال نحو نصف سعر الغاز المسال
جرس إنذار
وأكد الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس أن اعتماد حكومة الانقلاب على الغاز الإسرائيلي لا ينبغي أن يكون طويل الأجل، مشددا على ضرورة أن يكون هذا التوقف جرس إنذار لصناع القرار . وقال أبوالعلا فى تصريحات صحفية : الإنتاج المحلي يتراجع نتيجة تآكل إنتاج الحقول القديمة، لكن لا يجب أن يصبح الحل هو الاستيراد فقط، بل الإسراع في تطوير اكتشافات جديدة مثل شمال الحماد ونرجس.