كشفت مصادر في حركة "حماس، أن الوفد الإسرائيلي يحاول إجهاض مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، بمحاول إدخال شروط جديدة على اتفاق الإطار، الذي جرى التوصل إليه خلال 10 أيام من المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة، ما أدى إلى تأجيله. وقالت المصادر إن الوفد الإسرائيلي طالب في الأيام الأخيرة بإدخال 11 محتجزاً إسرائيلياً من فئة الشباب إلى المرحلة الأولى من تبادل الأسرى، وإن الحركة رفضت ذلك، لأن هذه المرحلة تسمى مرحلة "تبادل إنساني"، وتضم حالات إنسانية مثل كبار السن، وصغار السن، والمرضى، والنساء. وأضافت المصادر: "الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أراد من وراء إدخال هذا الشرط تغيير المسار التفاوضي كلياً، بحيث يحصل على أعلى عدد ممكن من الأسرى في المرحلة الأولى لأهداف سياسية، وربما لأنه خطط لإطلاق أكبر عدد ممكن من المحتجزين الإسرائيليين في المرحلة الأولى بغية استئناف الحرب فور انتهاء هذه المرحلة من وقف النار، ومدتها شهر ونصف الشهر". وقال مسؤول في "حماس" إن إدخال فئة جديدة من المحتجزين الإسرائيليين إلى المرحلة الأولى التي لها شروط مختلفة أمر يخل بأسس الاتفاق ذلك أن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين جرى الاتفاق على إطلاق سراحهم مقابل كل محتجز إسرائيلي في المرحلة الأولى مختلف عن عددهم المتوقع في المرحلة الثانية التي تشمل الجنود أو جنود الاحتياط. وأضاف أن الجانب الإسرائيلي اشترط حق الفيتو على عدد من الأسرى الفلسطينيين، كما اشترط أيضاً إبعاد عدد من الأسرى إلى الخارج في هذه المرحلة، وهو أمر لا ينطبق على الفئات التي تدخل في المرحلة الثانية من التبادل. لكن المصادر قالت إن إطار الاتفاق سقط إكلينكيا بسبب العراقيل التي يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي. عراقيل جديدة ومن العراقيل الجديدة التي ظهرت في الساعات الأخيرة رفض الجانب الإسرائيلي تقديم خرائط تبين مناطق انسحابات الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى. وقالت المصادر إن عدم وجود خرائط متفق عليها يفتح الطريق أمام الجانب الإسرائيلي لتحديد مناطق تواجده وفق اعتباراته وليس وفق الاعتبارات الفلسطينية، وعلى نحو يؤثر على وقف النار وعلى عودة النازحين. ونص الاتفاق على إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي خارج المناطق المأهولة والانسحاب من قاطع "نتساريم" الذي يفصل شمال قطاع غزة عن باقي أجزاء القطاع. وأعربت الحركة عن شكوكها بإمكانية حدوث مثل هذا الانسحاب بصورة تامة، دون وجود خرائط تحدد مناطق الانسحاب. نتنياهو لا يريد اتفاق وأثارت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس التي أطلقها من محور فيلادلفيا الفاصل بين قطاع غزة ومصر، الأربعاء، شكوكاً عميقة لدى حركة "حماس" بنوايا إسرائيل مواصلة احتلال أجزاء من القطاع، إذ قال إن إسرائيل "تعتزم إنشاء مناطق عازلة ومواقع سيطرة أمنية في قطاع غزة من شأنها ضمان أمن البلدات الإسرائيلية المجاورة". وأضاف: "إسرائيل لن تتنازل عن السيطرة الأمنية على قطاع غزة"، مشيراً إلى أنها ستواصل احتلال مناطق عازلة ومواقع حيوية في القطاع. وعاد الوفد الإسرائيلي، الأربعاء، للتشاور مع حكومته. ويرى مراقبون أن الشروط الأخيرة التي حاول الوفد إدخالها على الاتفاق، بتعليمات من نتنياهو، ربما كانت "تكتيكاً تفاوضياً"، يهدف إلى ممارسة ضغوط اللحظات الأخيرة، وربما كان "وسيلة للتهرب من الاتفاق واستحقاقاته". **مرونة حماس وتشدد نتنياهو** وتابع المصدر: "حماس وبالاتفاق مع فصائل المقاومة، أبدت مرونة كبيرة ما سهل التوصل لاتفاق حول معظم النقاط الخلافية، ووافقت على تجاوز كلمة وقف النار الدائم والشامل في المرحلة الأولى ووافقت على الانسحاب التدريجي من القطاع لتدفع باتجاه الاتفاق، لكن الطرف الإسرائيلي بناءً على توجيهات من المستوى السياسي، قدم شروطاً غريبة عطلت وأجّلت الاتفاق". وأوضح أن الوفد الإسرائيلي "طلب تسليمه قائمة كاملة بأسماء الأسرى الأحياء بحجة جدولة وترتيب أولويات الأسماء المفرج عنهم، رغم أنه كان تم الاتفاق على منح وقت لفصائل المقاومة في الأسبوع الأول لتنفيذ الاتفاق، للتواصل مع المجموعات الآسرة والتي تتولى حراسة المحتجزين من أجل حصر نهائي للأسرى الأحياء والأموات". واستدرك المصدر قائلاً: "سلّمت حماس مع بدء جولة المفاوضات الأخيرة قائمة أولية للوسطاء بأسماء محتجزين أحياء مدنيين، من بينهم مزدوجي الجنسية الأميركية والإسرائيلية" دون مزيد من التفاصيل. وأضاف: "تريد إسرائيل التراجع عن الانسحاب الكلي في نهاية الاتفاق، وطلب وفدها إعادة انتشار الجيش وليس الانسحاب الكامل في المرحلة التالية، بمعنى أنهم يريدون إبقاء قوات من الجيش الإسرائيلي في محوري فيلادلفيا ونتساريم، كما طلب الوفد الإسرائيلي تعديل آلية المراقبة على محور نتساريم الغربي (مفترق الشهداء على شارع الكورنيش) لمراقبة عودة النازحين من جنوب إلى شمال القطاع. يبدو أنهم يريدون وضع حاجز عسكري إلكتروني وليس الاكتفاء بنظام المراقبة بالكاميرات كما كان متفق عليه". الوصول إلى نقطة الانهيار وذكر مصدر آخر مطلع أن "المفاوضات وصلت إلى نقطة الانهيار واللاعودة، مشدداً على أنه "ليس بالإمكان العودة للنقطة القريبة من إنجاز اتفاق والتي تم التوصل إليها، إذ تتعنت إسرائيل بوضع شروطها الجديدة والمعطلة". وقال إن حركة "حماس" أبدت "جاهزيتها للتوصل لاتفاق لوقف الحرب وصفقة جادة لتبادل الأسرى لحماية شعبنا من الإبادة"، لكن ذلك يقابل بعراقيل يصنعها نتنياهو لعدم عقد أي اتفاق. وبيّن أن الطرفين كانا قريبين من التوصل لاتفاق كان يقود إلى وقف النار وإدخال المساعدات الإغاثية والانسانية وفتح تدريجي للمعابر، وصفقة جادة لتبادل الأسرى، وانسحاب تدريجي يترافق مع عودة للنازحين، على أن ينتهي الاتفاق بانسحاب كامل ووقف دائم وشامل للأعمال القتالية"، مستطردا أن ذلك كان لإسكات الرأي العام الإسرائيلي وتضييع مزيدا من الوقت. وبعد أن غادر الوفد الإسرائيلي المفاوض الدوحة للتشاور، من دون أن تعلن إسرائيل عن موعد لعودته، لم يعلّق الوسطاء على تبادل الاتهامات من الطرفين، كما لم يتم الإعلان عن موعد ومكان استئناف المفاوضات. وحرص الوسطاء على التكتم وعدم الإعلان أو الخوض بتفاصيل مجريات ومخرجات هذه الجولة لربما يتخلى نتنياهو عن العراقيل التي وضعها أو أن توافق حماس مجبرة عليها. وتعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تُجرى بوساطة قطرية ومصرية وأميركية أكثر من مرة جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر ومعبر رفح في غزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال محور نتساريم وسط القطاع، وعدم وقف الحرب بصورة نهائية. وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، وتقدّر وسائل الإعلام الإسرائيلي وجود 100 أسير إسرائيلي في قطاع غزة. ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.