رغم التصريحات الرنانة لقيادات جيش الاحتلال والحكومة الصهيونية، بأن إسرائيل ستواصل القتال حتى القضاء على حماس ومقدرات المقاومة وتأمين الكيان الصهيوني تماما من قبل غزة، إلا أن الصدمة التي أحدثتها حماس والخسائر الكبيرة التي أوقعتها بين الجنود والجيش الإسرائيلي، تدفع حكومة نتانياهو نحو مزيد من شراء الوقت لنتنياهو وبقائه وتحالفاته اليمينية المتطرفة بالسلطة، عبر تمديد الهدنة مع حماس، تحت مسمى تبادل مزيد من الأسرى. واليوم تم الاتفاق على تمديد الهدنة لمدة يومين برعاية قطرية، حيث أعلنت وزارة الخارجية القطرية التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة الإنسانية ليومين إضافيين في غزة. وقال مسؤول قطري في تصريحات صحفية: "بلادنا تركز على ما هو ممكن على الفور مثل الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع نشوب حرب إقليمية" كما لفت إلى أن "لكل من الاحتلال وحماس مصلحة في إطالة أمد الهدوء على الرغم من الخلافات بينهما". كما أشارت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى الاتفاق مع الأشقاء في قطر ومصر على تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة ليومين بنفس شروط الهدنة السابقة. وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال: إن "حكومته يمكن أن تقبل بتمديد الهدنة الإنسانية في غزة مقابل إطلاق سراح 10 محتجزين عن كل يوم هدنة إضافي". وقال نتنياهو في تصريح مصور، نشره مكتبه أمس: "تحدثت قبل قليل مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وقلت له إننا سنقبل بتمديد وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح 10 محتجزين مقابل كل يوم هدنة إضافي، وبعدها سنعود بكامل قوتنا". الأمر ذاته، ذكره الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوج، حين قال في مقابلة حصرية مع شبكة سي إن إن، إنه "إذا أطلقت حماس سراح 10 أسرى آخرين أو نحو ذلك، فإنه سيكون هناك تمديد ليوم آخر من الهدنة الإنسانية". وتابع هرتسوج: "لذا، آمل حقا أن يطلقوا سراح المزيد في هذه الحالة، وسيحصلون على المزيد من فترات الهدنة الإنسانية". وأردف: "أما بالنسبة لما سيحدث بعد ذلك، فمن الواضح أننا نعتزم إكمال المهمة، أي تقويض القدرات العسكرية لحماس ككيان وتثبيت مستقبل مختلف لأولئك الذين يعيشون بالقرب من الحدود، للإسرائيليين والفلسطينيين". وبالتزامن، أفادت وسائل إعلام عربية، بأن إسرائيل تسلمت قائمة بأسماء الدفعة الرابعة من المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس الذين سيتم تسليمهم مساء الاثنين، وهو الرابع من أيام الهدنة المؤقتة. في حين عبر بايدن، عن أمله في أن تستمر الهدنة ذات الأربعة أيام في غزة إلى ما بعد الإثنين، موعد انتهائها. وقال الرئيس الأمريكي، في خطاب في ماساشوستس: إن "حركة حماس أفرجت عن طفلة أمريكية تبلغ من العمر 4 أعوام كانت أسيرة في غزة، مضيفا أنه يأمل أن يؤدي اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية إلى مواصلة تبادل المحتجزين، وإطلاق سراح مزيد من الأمريكيين". وأكد بايدن أن عملية التبادل ناجحة، وسأستمر بالعمل مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعبدالفتاح السيسي، لضمان إخراج كافة المحتجزين، وهدفنا هو استمرار الهدنة من أجل دخول المساعدات وإطلاق سراح المحتجزين". وأضاف أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد، لضمان أمن الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي وقت سابق، قال مصدر مصري مسؤول، في تصريحات لقناة القاهرة الاخبارية: إن "مصر وقطر والولايات المتحدة تجري اتصالات مكثفة لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة". ووفق رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن فإن أكثر من 40 امرأة وطفلا آخرين ما زالوا محتجزين في غزة، ولا يعتقد أنهم أسرى لدى حماس، وقال: إن "الهدنة يمكن تمديدها إذا تمكنت حماس من استغلال فترة التوقف في الصراع لتحديد مكان الأسرى". وقال: إن "إسرائيل زودت قطر بقائمة تضم أكثر من 90 امرأة وطفلا تم أسرهم خلال هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والذي أسفر، وفقا لمسؤولين إسرائيليين، عن مقتل نحو 1200 شخص". وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الهدنة، أطلقت إسرائيل، سراح 117 أسيرا فلسطينيا من الأطفال والنساء، فيما أطلقت حماس سراح 39 إسرائيليا من النساء والأطفال أيضا، إضافة إلى 17 تايلانديا وفلبينيا وروسيا. وإجمالا، يتضمن الاتفاق إطلاق سراح 50 أسيرا إسرائيليا من غزة، مقابل إطلاق سراح 150 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية، إلى جانب إدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات والوقود إلى كافة مناطق القطاع. ووفق تقديرات استراتيجية، فإن طلب إسرائيل وواشنطن تمديد الهدنة، يتوافق مع أهداف حماس التي جرت إسرائيل إلى مربعها، الذي تريده بإنهاء أزمة الأسرى بالتفاوض وليس قوة السلاح، بجانب سعيها لتبييض كامل للسجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين. وأشارت تقارير صحفية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف جالانت لم تكن لديهما رغبة في إتمام الصفقة، ولكنهما قبلا بها مرغمين أمام ضغط الشارع. ونسبت لمصادر إسرائيلية أن هناك اتجاها دوليا في اللحظة الراهنة لإيقاف الحرب على قطاع غزة عند هذا الحد، وهو ما يخشاه نتنياهو، لافتة إلى تلقي الإدارة المصرية إشارات أميركية بشأن رغبة في إنهاء الحرب سريعا، إضافة إلى وجود تحركات دولية للوصول إلى صيغة يمكن بها إنهاء الحرب عقب انتهاء الهدنة، وأكدت أن كافة المؤشرات الحالية تقود إلى مدها نحو 4 أيام إضافية.