بعد سبع سنوات من محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذتها جماعة غولن الإرهابية في تركيا، أرسل عدد من زعماء العالم رسائلهم التضامنية مع تركيا، داعمين للرئيس رجب طيب أردوغان، ومشيدين بالشهداء الذين سقطوا ليلة الانقلاب ومؤكدين أهمية الديمقراطية. وخلال حفل تنصيبه، في 3 يونيو، حدد الرئيس التركي المنتخب رجب طيب أردوغان، خريطة طريق كفيلة بمواجهة أي ثورات مضادة أو انقلابات عسكرية، قائلا: "سنعزّز ديمقراطيتنا بدستور مدني جديد يحررنا من الحالي، ثمرة الانقلاب العسكري". أهم الثغرات رغم تأكيدات أردوغان بأن تركيا أحبطت محاولة انقلاب 2016 بقوة الدولة ونضال الشعب الذي جدد موقفه في الانتخابات الأخيرة التي حسمها بحصوله على 52.14% من أصوات الناخبين، فقد أعلن أردوغان شروع تحالفنا – الشعب – في صياغة دستور تقبله جميع الفئات والأطياف في المئوية الثانية لتركيا". تأكيدات أردوغان خلال حفل تنصيبه الرئاسي والاحتفاء بفوز تحالفه الحزبي بالأغلبية البرلمانية، تشير إلى أنه وضع يده على إحدى أهم الثغرات التي يجب إغلاقها عبر تعديلات دستورية، عبر عنها بوضوح خلال أول اجتماع حكومي "نريد المضي قدما بدستور مدني شامل". ويجهز تحالف الشعب الحاكم بقيادة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية مقترحات التعديلات الدستورية التي سيتم التقدم بها للبرلمان التركي، وهي التعديلات التي يجرى العمل على تحديثها منذ شهور، قبل أن يتم إرجائها بسبب إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في مايو الماضي. غالبا ما كان الانقلاب في تركيا يعود إلى أسباب تتعلق بالابتعاد عن قبضة الجيش المتسترة خلف العلمانية، التي قامت عليها الجمهورية التركية، أو إلى ابتعاد تركيا عن النهج الأميركي وقربها من السوفييتي آنذاك. في بعض المراحل الزمنية، كان هناك حرية سائدة لكن كان يحدث انقلابا عسكريا لأسباب مختلفة، أبرز قصة حول هذا الأمر، في 5 مايو 1960 حيث نظمت مجموعة من الطلاب في أنقرة مظاهرة تحت اسم (k555)، وتواجد رئيس الوزراء حينها عدنان مندريس وتعرض لمحاولة هجوم وخنق من طالب، فسأل مندريس الطالب ماذا يريد فقال: "الحرية، ليرد عليه، أنت الآن تلف يديك حول عنق رئيس الوزراء، هل توجد حرية أكثر من هذه؟". لو نجح الانقلاب في هذا الصدد يبين الأستاذ في العلوم السياسية تانجو توسون أن الحكومة المدنية الأكثر إشكالية هي أفضل حتى من النظام العسكري، حتى لو نجحت محاولة الانقلاب واستولى الجيش على السلطة، لكانت تركيا قد عاشت في ظل نظام شمولي لسنوات عديدة، هناك مشاكل مع الديمقراطية اليوم والسلطة السياسية سلطوية، ومع ذلك، فإن المجتمع يحدد السلطة عن طريق الاختيار الذي يقوم به في الانتخابات، وهذا مهم جدا للديمقراطية. وأضاف "لا غنى عن الإرادة الوطنية للمجتمع والسياسة في تركيا، لذلك، وبسبب فشل محاولة الانقلاب، فإن النظام السياسي في تركيا يعمل، وإن كان به بعض الثغرات، بالرغم من وجود أزمة اقتصادية، نعلم أن هناك مؤسسات ديمقراطية وسياسيين منتخبين لحل المشاكل. حينها لو أن محاولة الانقلاب كانت ناجحة، وسيطر الجيش على الاقتصاد والسياسة والبيروقراطية وحدها، وتم إغلاق البرلمان، هذا يعني عودة ربع قرن إلى الوراء بالنسبة للتركيا". قبيل المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت تركيا قد وصلت إلى مستويات عالية على مستوى العالم من الناحية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاستخباراتية والصناعات الدفاعية، لذلك أصبحت تركيا هدفا للاعتداءات المتزايدة، حيث إن الجهات المعادية لتركيا تسعى لإجبار تركيا على التراجع عن أهدافها ومشاريعها الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية، والهدف، هو إعادة تركيا إلى وضع الذل مجددا كما كانت في الثمانينيات من القرن الماضي. مساء 15 يوليو 2016 تبين فعليا أن كلمة الفصل يحددها الإيمان والشجاعة لا المدفع والبندقية، لذلك نستطيع أن نقول اليوم وبعد مرور سبعة أعوام على تلك المحاولة الفاشلة إننا سنكمل حتما بناء تركيا القوية، فهذا الأمر فيه وفاء كبير لدماء شهداء 252 مواطنا ارتقوا في تلك الليلة دفاعا عن تركيا القوية، نعم، إن تاريخ المجتمعات حافل بنقاط تحوّل مثل الملاحم والأحداث البطولية والمنعطفات الخطيرة، لا يمكن نسيانها عبر الزمن، بل يتم تناقلها من جيل إلى جيل، وهذا ما نحرص عليه في تركيا. أهم عوامل فشل الانقلاب التركي هو أن حزب العدالة والتنمية كان يحكم تركيا فعلا خلال السنوات الماضية، ولم يكن أردوغان مجرد ضيف على القصر الرئاسي، كما كان الحال بالنسبة للرئيس الشهيد محمد مرسي الذي ظل عاما كاملا لم يحكم خلاله مصر ولو لدقيقة واحدة. العامل الأهم الذي أفشل انقلاب تركيا هو أن الحزب الحاكم كان يحكم فعلا، وكان يبسط نفوذه على مختلف مؤسسات الدولة، بما في ذلك أجهزة الشرطة والمخابرات والقوات الخاصة، وقطاع كبير من الجيش، وهكذا نفهم كيف أن طائرة (إف 16) كانت في طريقها لإسقاط طائرة الرئيس أردوغان وقتله فاعترضتها مقاتلة عسكرية أخرى من الطراز نفسه وقدمت له الحماية في الجو، أي أن الجيش أيضا لم يكن كله في يد الانقلابيين، بل كان قطاع واسع منه يدين بالولاء للنظام الديمقراطي المنتخب.