مع قدوم فصل الصيف وانتهاء الموسم الدراسي ومع زيادة درجة حرارة الجو في القاهرة والمحافظات، تسعى العديد من الأسر المصرية إلى السفر للسواحل لقضاء المصيف، تلك العادة السنوية التي أصبحت وسيلة ملايين المصريين للترفيه عن أنفسهم بعد عناء عام من العمل والدراسة. وكانت الأسر الفقيرة والمتوسطة تسعى بشتى الطرق لعدم تفويت تلك العادة السنوية من خلال عمل جمعيات والادخار طوال العام للقيام بهذه الرحلة التي ينتظرها الجميع، إلا أن الأمر اختلف تماما هذا العام. فوجئ المصريون بارتفاع كبير في أسعار المصايف هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، حتى ما يطلق عليها مصايف الغلابة أصبحت أسعارها نار ، حيث وصل حجز المصايف الأكثر من ألفي جنيه في اليوم الواحد للشقة، بينما أسعار الفنادق فاقت ذلك بكثير، وهو ما دفع ملايين الأسر إلى مقاطعة المصايف وتوجيه ما يتوفر معهم من أموال إلى تلبية الاحتياجات الأساسية مع شعورهم بالاستياء والضيق بسبب حرمانهم من متعتهم السنوية برؤية البحر الذي أصبح قاصرا على الأغنياء فقط.
يشار إلى أنه حتى مصيف الغلابة بمدينة جمصة ارتفعت إيجارات الشقق فيه لتتراوح بين 150 و300 جنيه في الليلة الواحدة، وفي الإسكندرية ومرسى مطروح تبدأ أسعار إيجار الشقق من 500 إلى 2000 جنيه . وفي العين السخنة تبدأ أسعار الإقامة للفرد في الليلة الواحدة من 2250 جنيها وأسعار الشاليهات تبدأ من 700 جنيه وترتفع الأسعار عن ذلك في الغردقة ومرسى علم لتبدأ من 3750 إلى 5300 جنيه للفرد في الليلة الواحدة. الأسعار من جانبها قالت ندى طالبة جامعية: إنها "اعتادت منذ سنوات أن تذهب بصحبة عائلتها لمرسى مطروح، وكان والدها يحجز المصيف في بداية فصل الصيف قبل أن تزدحم المدينة بالمصطافين للاستمتاع بجوها الهادئ ". وأضافت ندى، كنا ندخر من مصروفنا علشان نركب العجل في المصيف، ونشتري الفريسكا وأم الخلول، لكن في وقتنا الحالي أصبح المصيف مختلفا، فهو مكان لالتقاط الصور ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالطبع أثر هذا التطور على ألعاب المصيف، وظهرت الكثير من الألعاب الحديثة الخاصة بالشباب. وقالت مدام صفاء ربة منزل إنها "اعتادت منذ سنوات على حجز المصيف من خلال التوفير من مصروف المنزل لقضاء أسبوع بشقة تطل على البحر بمدينة جمصة، وكانت تقوم بحجز المصيف بالتقسيط مع بداية السنة الجديدة وتسدد المبلغ على دفعات، وأشارت إلى أن سعر إيجار الشقة خلال هذه الفترة كان يتراوح بين 900 و1500 جنيه حسب التوقيت إذ إن الأسعار في شهر يوليو وأغسطس تزيد". وأكدت صفاء أن الأسعار تضاعفت هذا العام، وهو ما يحول بينها وبين فرصتها الوحيدة للترفيه عن أسرتها. تكاليف الرحلات حول تأثير ارتفاع الأسعار على السياحة الداخلية قال الخبير السياحي أحمد عامر إن "زيادة الأسعار بصفة عامة يؤثر بشكل كبير على السياحة الداخلية، مشيرا إلى أن الكثير من الفنادق أجبرت على زيادة تكاليف التشغيل، بالإضافة إلى زيادة جميع الخدمات والسلع التي يستخدمها القطاع السياحي، فالكثير من المنشآت السياحية والفندقية اضطرت لرفع أسعارها بنسب تتراوح بين 15% إلى 25%". وأكد «عامر» في تصريحات صحفية أن القطاع السياحي يحتاج إلى افتتاح منشآت جديدة خاصة المنتجعات على الشواطئ الطويلة، واستغلال المزيد من الشواطئ لإقامة المدن المائية والترفيهية والشاليهات، بالإضافة إلى تخفيض أسعار الإقامة الفندقية والمرافق التابعة لها بنسبة معينة، بحيث لا تخسر المنشأة السياحية، وبذلك نستطيع استقطاب المزيد من السياح. وحذر من أن السياحة الداخلية ستتأثر بشكل كبير في المدن الساحلية هذا العام بسبب ارتفاع تكاليف الرحلات، سواء في الإقامة أو المأكولات والمشروبات، لذلك لابد أن تكون الزيادة بنسب معينة، على أن يتم حساب الخدمات المقدمة، وبالنسبة لتأجير الشقق والشاليهات تكون آليه الأسعار تحت إشراف رؤساء الأحياء أو المدن، بحيث لا يكون هناك استغلال للمصيفين، ومن هنا يستفيد ويتمتع كل من المالك والمستأجر ولا يخسر أحد منهم.
تسهيلات
وكشفت الدكتورة ميرنا القاضي مرشدة سياحية وباحثة في علم المصريات أن زيادة أسعار السلع التي تمس الحياة العامة للمصريين بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد قللت من المدخرات والتي كانت تضخ في السياحة الداخلية، ما تسبب في ضعف السياحة المحلية بشكل ملحوظ خلال الفترات الأخيرة.
وقالت « ميرنا القاضي » في تصريحات صحفية: إن "الأزمة تسببت في الضغط على القطاع السياحي بالكامل، حيث تزايدت أسعار الخدمات السياحية لتواكب زيادة أسعار الخدمات التي كانت تتلقاها الشركات السياحية من حكومة الانقلاب والتي كانت تضيف مميزات للسياحة المحلية، حيث طالت زيادات أسعار الخدمات المقدمة للشركات السياحية إيجارات الشواطئ، كما زادت أسعار كل وسائل النقل والمواصلات وحتى المرافق الأساسية، كالكهرباء والمياه. وطالبت بدعم القطاع السياحي بتقديم تسهيلات ليتمكن من تقديم مميزات سعرية للسائح المحلي حتى تستمر السياحة الداخلية في دفع قطاع السياحة وحمايته من الركود. وأوضحت « ميرنا القاضي » أن هناك إجراءات وتدابير يجب على المصالح المختصة اتخاذها لحفظ نسبة السياحة الداخلية وزيادتها من أهمها، تقديم خصومات وعروض خاصة للسائح المحلي، وتطوير الخدمات المقدمة له مثل، تطوير الفنادق الرخيصة وتوفير أماكن إقامة أخرى بمقابل مادي معقول، بالإضافة إلى تشجيع الترويج لأماكن سياحية جديدة وتطوير خطط سفر جديدة للاستفادة من فترات الإجازات والعطلات، مع تحسين الخدمات السياحية وتوفير المزيد من الأنشطة الترفيهية للسائح المحلي، وتقديم خدمات النقل بأسعار معقولة لتشجيع السائح المحلي على السفر داخل البلاد.