حذر خبراء اقتصاديون من أن الاقتصاد المصري مهدد بشدة بسبب الحرب بين روسياوأوكرانيا ، في ظل عدم تحمل الاقتصاد العالمي أي صراعات أو أزمات بعد جائحة فيروس كورونا ، مشيرين إلى أن البلدين المتحاربين من أكثر الدول تصديرا للغذاء من قمح وشعير وذرة وغيرهما من السلع الأساسية. وقال الخبراء إن "مصر لن تستطيع تحمل الضغوطات والأعباء التي تكلف الموازنة المصرية الكثير ، تزامنا مع ارتفاع أسعار السلع عالميا ، موضحين أن من أهم الكوارث التي ستعاني منها مصر بسبب هذه الحرب ، توقف واردات القمح وتعطل تصنيع سيارات لادا وتراجع السياحة الروسية والأوكرانية . وأشاروا إلى أن الحرب وما تم إعلانه من عقوبات على روسيا ، ستؤثر على سلاسل الإمداد الروسية إلى شركائها التجاريين، حيث تعتبر فكرة تطوير سلاسل التوريد العالمية الحالية محل اعتبار منذ دخول أزمة كورونا. وشدد الخبراء على أن التداعيات السلبية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، ستكون سببا واضحا في انهيار الاقتصاد العالمي ، خاصة وأن مجال الطاقة يعتبر من أهم المجالات التي سوف تتأثر بالحرب ، حيث تمد روسيا البلاد الأوروبية بنحو 40% من احتياجات الغاز الطبيعي.
سيارات لادا كانت مصادر بشركة الأمل للسيارات قد حذرت من أن تجميع سيارات لادا في مصر سيتوقف، بسبب صعوبة استيراد المكونات من الشركة الأم ، وصعوبة إجراء تحويلات بنكية أو معاملات بين الطرفين عقب اندلاع الحرب. وقالت المصادر إن "استمرار الحرب ونفاد المكونات لدى المصنع ، سيجعله لا يتمكن من مواصلة التصنيع أو البحث عن بدائل لاستيراد المكونات". وأكدت أن إجراءات البنك المركزي المتشددة بشأن ضوابط الاستيراد ووقف مستندات التحصيل بحيث يتم تحويلها إلى فتح اعتمادات مستندية وضعت قيودا على استيراد السيارات والمكونات خلال الفترة الراهنة.
ارتفاع الأسعار من جانبه أكد الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله أن هناك الكثير من التداعيات السلبية التي سيقع فيها الاقتصاد العالمي وكذلك الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة بسبب الصراع في أوكرانيا، بجانب التداعيات السلبية والموجة التضخمية العاتية التي يواجهها الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا. وقال جاب الله في تصريحات صحفية إن "أزمة الحرب الأوكرانية مرتبطة بالأساس بما ترتبط به أوروبا مع روسيا في مجال الطاقة ، حيث تمد روسيا الدول الأوروبية بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي ، وهو الأمر الذي حال انقطاعه سيتسبب في أزمة كبيرة بجانب المزيد من الارتفاع في أسعار الغاز ، بما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في الدول الأوروبية ودول العالم". وتوقع ارتفاع أسعار جميع المنتجات التي تصدرها دول آوروبا وروسياوأوكرانيا إلى كل دول العالم بجانب انخفاض تنافسيتها ، الأمر الذي ينقل التضخم لكل دول العالم، مشيرا إلى أن فرض عقوبات على روسيا سيؤثر على سلاسل الإمداد الروسية إلى شركائها التجاريين في كل دول العالم ، بما يتسبب في ارتفاع الأسعار خاصة بالنسبة لوسائل النقل التي تنقل الصادرات الأوكرانية والروسية، وتكلفة التأمين والإجراءات المتعلقة بالنفاذ إلى الأسواق . وأشار جاب الله إلى أن أهم الاضرار التي سوف تسببها الحرب في أوكرانيا تتثمل في ارتفاع الأسعار في كل القطاعات وليس قطاع النفط والغاز فقط ، والذي سيكون ارتفاع أسعاره بمثابة الوقود الذي سيحرك عجلة التضخم العالمي. وأوضح أن فكرة وتطوير سلاسل التوريد العالمية الحالية هي محل اعتبار منذ دخول أزمة كورونا التي عصفت بتقسيم العمل العالمي ، وهناك إعادة توزيع لتقسيم العمل وتقسيم التجارة العالمية ارتباطا بتداعيات فيروس كورونا لتأتي هذه الأزمة والتي تحتم تعزيز التعاون الإقليمي وزيادة الإنتاج المحلي ، حيث أصبح الإنتاج المحلي في كل دولة هو جزء من أمنها القومي .
سلاسل الإمداد والتوريد وكشف الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم أن من أهم أضرار الحرب الروسية الأوكرانية عدم استقرار مؤشرات البورصات العالمية وأزمة سلاسل الإمداد والتوريد نتيجة توقف المصانع بشكل شبه كامل في أوكرانيا ، بجانب تأثر نقل البضائع حيث تمر السفن عبر منطقة البحر الأسود التي أصبحت منطقة خطر نتيجة للعمليات العسكرية . وقال عبدالرحيم في تصريحات صحفية "هناك ارتفاع كبير في أسعار المعادن باعتبارها البديل الأمثل للاستثمار ، كما أن هناك ارتفاعا في أسعار الغذاء ، ويرجع ذلك إلى تصدر روسياوأوكرانيا المشهد العالمي في صادرات القمح والذرة و عباد الشمس". وأكد أن مصر التي تعد أكبر دولة في العالم من حيث استهلاك القمح ستواجه صعوبات كبيرة في استيراده ، مما يؤثر على توافر رغيف العيش ، مشيرا إلى أن مصر استوردت أكثر من 12 مليون طن قمح عام 2019 وحوالي 6 مليون طن فقط عام 2020 رغم زيادة الاستهلاك كنتيجة مباشرة لأزمة جائحة فيروس كورونا وتم استيراد نحو 4.6 مليون طن من روسيا وحوالي 600ألف طن من أوكرانيا . وحذر عبد الرحيم من أن تواصل العمليات العسكرية في أوكرانيا ستؤثر على أسعار القمح العالمي بجانب توقف عمليات الشحن والتصدير للعالم ، موضحا أن مصر ستعاني أيضا من عدم استقرار تدفق السياح الأجانب من روسيا و أوكرانيا بسبب إلغاء الرحلات وإغلاق المطارات نتيجة وجود عقوبات اقتصادية غربية ، خاصة أن السوق الأوكراني والروسي يمثل جزءا كبيرا من السياحة في مصر ، خصوصا في منطقة البحر الأحمر. وأشار إلى أن العقوبات الاقتصادية التي ستفرض على روسيا ، سيكون لها رد فعل روسي محتمل مع عدم إغفال كيفية تطبيق هذه العقوبات ، خصوصا المتعلقة بإيقاف نظام السويفيت في روسيا ، وهو أمر غير مسبوق وسيؤثر على روسيا والشركاء التجاريين في الاتحاد الأوروبي .