لعلك تابعت على مدار الأشهر الماضية حوادث من نوع جديد ، قاتل مجهول مخفي لايُرى بالعين، لكنه يفتك بالأسر المصرية في صمت، فما بين مأساة وأخرى ، تجد الأسئلة والأجوبة حائرة بين المتهم هذا وذلك، فما القصة وما أسبابها بعد تزايد حالات الموت بتسريب الغاز في المنازل؟ إليكم القصة كاملة. فقد أنهى تسرب غاز السخان حياة مدير مدرسة وزوجته وأبناءه الخمسة، بعدما استنشقوا الغاز أثناء نومهم دون أن يشعروا به، ما أدى إلى وفاتهم جميعا في مشهد مؤلم، وكأن لسان حالهم يقول "معا إلى الأبد في الحياة وفي الممات". وفي الأيام الماضية وقع العديد من الحوادث، منها وفاة أسرة في الشرابية، وأخرى بمنطقة البساتين راح ضحيتها شخص بالمعاش وزوجته؛ وفي محافظة القليوبية وقعت حادثة اختناق أخرى كانت نتيجة الدخان الكثيف أثر احتراق "رقية فحم" داخل غرفة النوم بغرض التدفئة من برد الشتاء، وقام الزوج الضحية بغلق منافذ الغرفة الموجودين بها قبل النوم.
سفاح الحمامات تكمن خطورة غاز أول أكسيد الكربون المتسرب من السخانات، في استهدافه للرئتين مباشرة وتدميرها، إذ لا يوجد له رائحة ولذلك لا ينتبه الأفراد لاستنشاقه، ويتسبب بعد فترة طويلة من تغلغله في الجهاز التنفسي في شعور الفرد بالتشجنات والإغماء وبعد ذلك تتوقف عضلة القلب، ما يؤدي إلى الوفاة. من أعراض الاختناق بغاز السخان : – حكة أو شرقة أو ضيق بالتنفس. – الكحة المفرطة. – نقص الأكسجين في الدم. – التهابات الشعب الهوائية.
من السبب؟ ويكشف المهندس جاد الله مصطفى أن "الاختناق بسبب الغاز الطبيعي أو الاغماء، يحدث بسبب السلوكيات الخاطئة لبعض المواطنين وذلك بغلق الهواية الخاصة بالسخان الغاز". وأضاف بأن الهواية هي أحد مواصفات الأمان للسخان ، حيث إنها تقوم بعمل تجديد مستمر ودائم للهواء في حيز المكان المتواجد به السخان، لافتا أن عملية الاحتراق يلزمها وجود أكسجين والذي يقل تدريجا بسبب قيام المواطن بغلق الهواية أو إلغائها ، وعليه فإن أول أكسيد الكربون يكون الناتج عن الاحتراق عند تشغيل السخان وهو غاز سام وزيادة نسبته في الحيز مع ضعف نسبة الأكسجين يؤدي إلى حدوث الاختناق والإغماء.
خلل في التركيبات من جانبه، قال الفني علي عبد الله سليمان إن "هناك حالات متفرقة تكشف عن رفض مسئولي شركة الغاز المنوط بها تركيب وصلات الغاز الطبيعي ، رفض تركيب "الهواية" التي هي المسئولة عن التجديد المستمر والدائم للهواء في حيز الحمام أو المكان المتواجد به السخان، وذلك لضمان عدم انخفاض نسبة الأكسجين في الحيز وزيادة نسبة أول أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراق، مما قد يؤدي إلي حدوث حالات اختناق أو إغماء. وأضاف سليمان، لسنا ضد الشركة ولكن عوامل الأمان والحماية قد لاتوضع ضمن مهام الشركة الأم المركبة للغاز، مطالبا بتشديد عوامل الأمان للمصريين في البيوت. وأضاف ، أنه يتوجب على ربة المنزل عدم إغلاق فتحة الهواية، اعتقادا منها أنها تؤدي إلى دخول الحشرات، أو أن شكلها غير جمالي، مع العلم بأن تلك الهواية مصممة بشكل يمنع دخول أي حشرات ، حيث إنها مركب عليها من الخارج شبكة سلك مجلفنة.
رد مقابل بدروه، قال المهندس عصام الديري مدير عام تنفيذي شركة الغاز المصرية، إنه "بعد تركيب العداد ومواسير الغاز داخل الشقة وتوصيل الأجهزة المطلوب توصيلها بالغاز يتم عمل اختبارات على كافة مهمات الغاز، وبعد التأكد من سلامة جميع الوصلات يتم تدفيع الغاز بالمواسير الداخلية للشقة، ومن ثم تأهيل الأجهزة سواء كان بوتاجازا أو سخانا من خلال الفني المختص، ومن ثم تشغيل الأجهزة بالغاز الطبيعي، وعمل اختبارات على جميع الشعلات للتأكد من جودة التأهيل . وأضاف ، أن هناك مجموعة النصائح التي يتوجب على ربة المنزل العلم بها جيدا، و عند إحساسها برائحة غاز طبيعي أو عادم سرعة التوجه بالغلق لمحبس الغاز الخاص سواء للبوتاجاز أو للسخان وفتح أقرب مصدر تهوية وعدم فتح أو غلق أي مصدر كهرباء وسرعة إبلاغ شركة توصيل الغاز وذلك من خلال الاتصال برقم الطوارئ . ورفض فكرة اتهام الشركة بالتخلي عن دورها في حماية المصريين بقوله إنه "في حال وجود أي خلل في المدخنة الخاصة بالسخان سواء الجزء الداخلي أو الخارجي ، لابد من سرعة إبلاغ شركة الغاز وعدم التعامل معها من غير المختصين بالغاز، مضيفا أنه في حال قيام العميل بعمل سيراميك وقام بسد أو إلغاء الهواية ، وفي حال إلغائها يتوجب عليه الاتصال بالشركة لتركيب هواية أخرى تفاديا لحدوث أي مخاطر.
إرشادات هامة على جانب آخر يؤكد الدكتور طه عبد الحميد، أستاذ أمراض الصدر والحساسية، أن على المواطن عدم الاستهانة بخطوات تركيب سخانات الغاز، نظرا إلى أن عملية تسرب أول أكسيد الكربون تعد خطيرة فهو غاز سام قاتل، ينتج عنه عملية تسمى "الغرق الجاف" فقدرته الفائقة على الاتحاد بكرات الدم الحمراء تجعل نسب الأكسجين تقل بشكل ملحوظ فيسبب رشحا في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي واختناق، ويشير إلى أن مكان وضع السخان عامل أساسي لحماية المواطن، فإذا كان لديه أكثر من حمام فعليه وضعه في الحمام الذي لا يستخدم في عملية الاستحمام، أمام إذا لم يتوافر ذلك فيجب أن تتوافر تهوية جيدة سواء من الشباك أو الشفاط أو أي فتحة أخرى، ويوضح أنه من الممكن إنقاذ الشخص إذا كان باب الحمام مفتوحا عن طريق وضعه في تهوية جيدة وإرجاء عملية التنفس الصناعي إلى حين وصول سيارة الإسعاف.
تحذير واضح في سياق متصل، حذر مركز سموم الإسكندرية التابع لكلية الطب جامعة الإسكندرية من الأمر، وأوضح للأهالي خطورة استنشاق غاز أول أكسيد الكربون. وحذر المركز في البيان الصادر عنه عبر صفحته الرسمية من خطورة الغاز، وذلك أثناء الاستحمام أو عمل البخار المغربي داخل المنزل، فضلا عن البوتاجاز وبعض وسائل التدفئة مثل إشعال الخشب والفحم وعوادم السيارات في مكان مغلق عديم التهوية. ودعا إلى ضرورة التوجه إلى مركز السموم في حالة الشعور بصداع أو غثيان أو إغماء أو تشنجات وصعوبة في التنفس، مشيرا إلى أن نسبة الإصابة تزداد في موسم الشتاء نتيجة استعمال السخانات التي من الممكن أن يتسرب منها غاز أول أكسيد الكربون، مع ضرورة التأكد من حالة السخانات والدفايات في البيوت، وأن تعمل بكفاءة تامة ولا يوجد أي تسريب من الأجهزة، وإجراء صيانة للأجهزة دوريا، نظرا لخطورتها على الصحة، حيث تسبب الإصابة بالتسمم.