كشفت دراسة سياسية حديثة أن التقارب بين تركيا وسلطة الانقلاب في مصر يحمل العديد من التحفظات والعوائق أبرزها احتمالية الاعتراف التركي بالانقلاب من خلال تعيين سفير تركي في القاهرة يؤدي اليمين أمام المنقلب عبدالفتاح السيسي. الدراسة التي جاءت بعنوان "تصريحات المسئولين الأتراك الإيجابية تجاه مصر… هل تدفع نحو تحسين العلاقات بين البلدين؟" نشرها موقع "الشارع السياسي" وتناولت نقطة البدء في مراعاة مصر لحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، المعلنة من قبل تركيا في البحر الأبيض المتوسط، أثناء تحديد حدود القطعة رقم 18، في مناقصة تتعلق بالبحث عن النفط والغاز الطبيعي. عوائق التقارب ولكنها تحدثت بشكل تحليلي عن عوائق التقارب بين البلدين، فقالت إن تركيا تسعى إلى التقارب مع مصر فقط على المستوى الاستخباراتى والاقتصادى، وهو ما ظهر فى تأكيد المسئولين الأتراك على وجود اتصالات استخباراتية فى الوقت الذى ينفون فيه وجود اتصالات دبلوماسية، بجانب الحرص التركى على عدم تأثر التبادل التجارى بين البلدين بالتدهور السياسى بينهما، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين أنقرةوالقاهرة بنسبة 7% خلال الشهور العشرة الأولى من 2020، بعدما وصلت إلى 4.499 مليارات دولار مقابل 379 مليارات دولار في نفس الفترة من 2019. وأضافت أن الاتصالات الأخيرة ركزت على إمكانية عقد اتفاقية لترسيم الحدود البحرية فى منطقة شرق المتوسط، حتى تكون تركيا قادرة على القيام بمزيد من محاولات استكشاف الغاز فى هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز حتى تستطيع تركيا تقليل نفقات استيراد الغاز والنفط الذى تعتمد على استيراده من الخارج. وأضافت أن العائق هو "تمسك مصر بضرورة أن يكون التقارب أيضا على المستوى السياسى والدبلوماسى، حيث تطالب القاهرةأنقرة بإرسال سفير لها لمصر، ويقوم بحلف اليمين أمام السيسي، ما يعنى اعتراف بشرعية النظام الذى تعتبره تركيا نظام غير شرعى لأنه انقلب على سلطة منتخبة والأهم أنها كانت سلطة حليفة. بجانب تخوف تركيا من أن اعترافها بشرعية نظام تعتبره منقلب قد يمهد الطريق أمام قيام محاولات انقلابية للإطاحة بالسلطة الحالية مثل تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة فى عام 2016. أربعة تحفظات وأشارت الدراسة إلى أن هناك 4 تحفظات في العلاقة بين البلدين هي: ضرورة توقف قادة تركيا وخاصة أردوغان عن توجيه الانتقادات وإطلاق التصريحات ضد السيسي، ولعل ذلك قد ترجم فعليا على أرض الواقع، ففي خطاباته مؤخرا تجنب الرئيس التركي الحديث عن الانقلاب في مصر، وتحدث عن محادثات استخباراتية. أما التحفظ الثانى، فهو توقف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين لجأوا إلى تركيا بعد الانقلاب في مصر، عن القيام بفعاليات تستهدف نظام الانقلاب المصري، وتعد هذه المسألة من أكثر القضايا الحاضرة على طاولة الحوار الاستخباراتي بين البلدين. والتحفظ الثالث، هو مسألة الوجود العسكري في ليبيا، واتهام مصر لأنقرة بجلب مسلحين من سوريا إلى البلد المجاور لها. كما تخشى القاهرة من أن تكون التصريحات التركية الإيجابية مجرد محاولة للسير على درب حليفتها قطر التي عقدت اتفاق مصالحة مع مصر في يناير الماضي، ولم تقدم تنازلات في القضايا الخلافية وحافظت على منهجها الإعلامي في التعامل مع الشأن المصري، وما يزيد التخوف المصرى فى هذا الشأن، أن أنقرة قد تفسر استدارة مصر على الساحة الليبية، وحتى ولو كانت لا تزال لها تحفظات عليها، بأنه قبول مصرى بالتعامل مع الواقع السياسي التركي هناك، فتأييد القاهرة لحكومة عبدالحميد الدبيبة المدعوم من أنقرة، واستقباله في القاهرة عقب اختياره لهذه المهمة، قد تفهم منه أنقرة عدم وجود ممانعات سياسية مصرية حاسمة للتفاهم معها. ترسيم الحدود وعن نقطة مفصيلة في التقارب قالت الدراسة إن تركيا تريد ترسيم الحدود البحرية مع مصر عبر المفاوضات الثنائية، بينما تريد القاهرة ترسيم الحدود على أساس اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار1982، والتي لم توقع تركيا عليها؛ لإقرار قانون البحار بأحقية الجزر في امتلاك مناطق اقتصادية خالصة (بغض النظر عن وضعها الجغرافي أو مساحتها)، وهذا يعني بالنسبة لتركيا أن العديد من الجزر الملاصقة للسواحل التركية، وواقعة في نفس الوقت تحت السيادة اليونانية، سوف تؤدي إلى إهدار مساحات كبيرة من المناطق الاقتصادية الخالصة أمام السواحل التركية لصالح اليونان. وعليه رجحت أن لا تكون هناك مفاوضات بين مصر وتركيا لترسيم الحدود البحرية بينهما، ليس فقط بسبب التوتر السياسي القائم، ولكن لسببين تمتزج فيهما العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. أولهما انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا، وسعي القاهرة إلى ترسيم حدودها معها أولاً حتى لا تحدث مشكلات مستقبلية. وثانيهما استمرار الخلافات بين تركيا واليونان على الحدود بينهما، بسبب جزيرة كريت من جهة، واستمرار الخلاف بين تركياوقبرص من ناحية أخرى. وهنا لا يريد نظام الانقلاب بمصر التورط في أي تحرك يؤدي إلى حساسيات بينها وبين الدولتين المعاديتين لتركيا. وكشفت صحيفة "حرييت" التركية عن انزعاج اليونان من قيام السيسي عندما قام بزيارة أثينا في نوفمبر 2020، بتقديم مقترحًا بأن اتفاقية طريق خط أنابيب الغاز "إيست ميد" الموقعة بين اليونان و"إسرائيل" وقبرص اليونانية في يناير 2020 بموافقة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، استبعد فيه قبرص اليونانية. ويشمل المقترح المصري تغيير مسار الخط من "إسرئيل- قبرص- كريت- مصر، إلى "إسرائيل- مصر- كريت".