تجدد الجدل بين مصر والسودان حول منطقة حلايب وشلاتين بعد ظهور رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في شريط فيديو مسجل مع خريطة في الخلفية تظهر مثلث حلايب وشلاتين كجزء من الأراضي السودانية. وكان وفد عسكري مصري برئاسة رئيس أركان الجيش محمد حجازي وصل إلى الخرطوم في 31 أكتوبر لإجراء محادثات مع المسئولين السودانيين حول عدد من القضايا، وهي التعاون العسكري. وقالت عدة وسائل إعلامية إن الوفد المصري والقادة العسكريين السودانيين سيناقشون المنطقة المتنازع عليها من مثلث حلايب – شلاتين، والتي تقع على الحدود بين مصر والسودان، ومصيرها. وقال حجازي في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثات الخرطوم في 1 نوفمبر إن الفترة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في العلاقات العسكرية بين مصر والسودان خاصة على مستوى التدريب العسكري وحماية الحدود المشتركة. وقال محمد عثمان حسين رئيس أركان الجيش السودانى فى نفس المؤتمر إنهما توصلا إلى نتائج مذهلة تعكس الاتفاق الكامل بين البلدين حول كافة القضايا المشتركة، غير أن المسئولين لم يتطرقا إلى مسألة حلايب وشلاتين. وقد ظهرت القضية المتعلقة بالمنطقة الحدودية المتنازع عليها مؤخرا فى ضوء التقارير حول تأييد الكيان الصهيوني لمطالبة السودان بالمنطقة كشرط لاتفاقية التطبيع التى أعلنت بين البلدين يوم 23 أكتوبر، ولم يتم الكشف بعد عن تفاصيل الاتفاق. ومما زاد من التكهنات أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي عرض في 27 أكتوبر خريطة حيث يشكل مثلث حلايب- شلاتين جزءًا من الأراضي السودانية، حيث تحدث عبر الفيديو عن السماح لطائرة صهيونية بالتحليق فوق المجال الجوي السوداني. وقد اعتبرت وسائل الإعلام السودانية أن الفيديو هو بمثابة اعتراف صهيوني بأن المثلث جزء من الأراضي السودانية، وفي حين أدان عدد من المراقبين والسياسيين المصريين الفيديو، امتنعت وزارة الخارجية في حكومة الانقلاب وغيرها من المؤسسات الرسمية عن الإدلاء بأي تعليقات. وقال منير محمد، الباحث المستقل في الشئون الصهيونية ومؤلف العديد من المنشورات حول الصراع العربي الصهيوني، في تصريحات ل"المونيتور" إن الفيديو لا يتطلب ردًا رسميًا من الدولة المصرية، ويعتقد أن المناقشات بين الوفدين السوداني والمصري في الخرطوم ربما لم تتناول الموقف الصهيوني من المنطقة المتنازع عليها. وأضاف "ليس من حق الكيان الصهيوني أن تقرر مصير مثلث حلايب – شلاتين ولا يمكنها دعم السودان فى المطالبة بالحق فى منطقة المثلث أو الضغط على مصر للتخلى عن حقوقها فى المنطقة". وأوضح أن الكيان الصهيوني ربما عرضت الخريطة لإرضاء السودان الذي سمح للطائرات الصهيونية بالتحليق فوق مجاله الجوي، أو "لتهدئة الرأي العام السوداني المعارض لأي تطبيع مع الكيان الصهيوني وإقناعه بفوائد مثل هذه الصفقة لبعض القضايا الوطنية، بما في ذلك مثلث حلايب وشلاتين، ومع ذلك، فإن هذه الفوائد غير واقعية ولا يمكن للكيان الصهيوني أن تمنحها فقط". واختلف معه في الرأي الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، واعتبر أن شريط نتنياهو له مؤشرات خطيرة للغاية. وفي مقال كتبه في 28 أكتوبرل"أخبار الشروق"، قال السناوي إن الموقف الصهيوني قد يشير إلى أزمة حادة على الحدود الجنوبية المصرية وإلى "المحاولات الصهيونية لتعميق أي خلاف قائم بين مصر والسودان، بما في ذلك النزاع على منطقة حلايب وشلاتين الحدودية". وفى 23 أكتوبر أعلن البيت الأبيض أن الكيان الصهيوني والسودان توصلتا إلى اتفاق تمهيدى تحت رعاية الولاياتالمتحدة لتطبيع العلاقات فى إطار الجهود الأمريكية لدفع التطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية قدما، وكانت الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقعتا اتفاقات سلام مع الكيان الصهيونيفي سبتمبر الماضي. ورحب عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب بالتطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية، في الآونة الأخيرة، وفي 23 أكتوبر، كتب على صفحته على فيسبوك: "أرحب بالجهود المشتركة بين الولاياتالمتحدة والسودان والكيان الصهيوني من أجل تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيونيوالسودان، وأشيد بالجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين". وفي الوقت نفسه، قالت قناة الجزيرة، في تقرير لها في أغسطس إن السيسي قد يوافق على منح السودان السيادة على منطقة المثلث تحت الضغط الأمريكي، لاسيما في حالة إصرار السودان على الحصول على السيادة على المنطقة كشرط لقبول اتفاق التطبيع. كما أشارت القناة إلى قضية جزيرتي تيران وصنعافير عام 2016، والتي اتهم سياسيون السيسي بالتخلي عنها للسعودية كجزء من اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين. من جانبه نفى ممدوح عمارة عضو برلمان السيسي عن منطقة حلايب-شلاتين نية النظام التخلي عن السيادة على المثلث إلى السودان. وقال ل"المونيتور" إنّ "مسألة ترسيم الحدود البحرية كانت مفهومًا جديدًا وكان تنفيذها مثيرًا للجدل إذ لم يُعرف ما إذا كانت الاتفاقيات الدولية الخاصة بحدود البحر ستضع جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة المصرية أو السعودية، هذه المسألة مختلفة تماما عن قضية حلايب وشلاتين، وتقع هذه المناطق الأخيرة ضمن الحدود التاريخية لمصر التي تم الاعتراف بها منذ آلاف السنين، والدليل أن الانتخابات المصرية تجري في حلايب وشلاتين". وقد أجريت الجولة الأولى من مسرحية الانتخابات البرلمانية هذا العام في حلايب وشلاتين في الفترة من 25 إلى 26 أكتوبر ووزعت الصحف ووسائل الإعلام صورا للناخبين المتوجهين إلى صناديق الاقتراع للتصويت وسط انتشار مكثف للجيش والشرطة لضمان الأمن. وقال أحمد موقار، الباحث الذي يركز على الشأن السوداني في معهد الدراسات والبحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، إن الكيان الصهيوني تستخدم حاليًا قضية مثلث حلايب وشلاتين لمصلحتها في ظل الدفع نحو التطبيع مع الدول العربية، مضيفا أن هذه الألعاب الصهيونية ستنتهي قريبًا" خاصة وأن الكيان الصهيونيلا تشترك في حدود مع حلايب وشلاتين لممارسة أي نوع من الضغط في هذا الصدد". وأضاف أن "السعودية هي الطرف الوحيد الذي يمكن أن يلعب دورًا في النزاع المصري السوداني حول المنطقة، نظرًا لأن السواحل السعودية تواجه مثلث حلايب وشلاتين على ساحل البحر الأحمر". وتابع: "أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية السعودية المصرية على طول ساحل البحر الأحمر – حيث تقع حلايب وشلاتين – تشير إلى الاعتراف السعودي الرسمي بسيادة مصر على المنطقة، ولهذا السبب لا يمكن مقارنة قضية حلايب وشلاتين بأزمة تيران وصنافير، ويشير إصرار مصر على الحصول على اعتراف إقليمي سعودي بسيادتها على حلايب وشلاتين إلى أنها لن تتخلى عنهما أبدًا". من الجدير بالذكر أن الحكومة السودانية قدمت في ديسمبر 2017 رسالة إلى الأممالمتحدة، تعرب فيها عن معارضتها لاتفاق ترسيم الحدود البحرية السعودية المصرية الموقع في عام 2016، مدعية أنه يتضمن الاعتراف بسيادة مصر على مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه. رابط التقرير: https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/11/egypt-sudan-israel-halayeb-shalateen-triangle-dispute-border.html