رجّحت دراسة لموقع "الشارع السياسي" تطور حراك سبتمبر نحو حالة من العصيان المدني، الذي يقوم على إعلان التمرد السلمي على النظام وهياكله ومؤسساته وقوانينه وقيمه الحاكمة. وأضافت انه مع توسع الحراك يمتنع الناس عن دفع الضرائب وفواتير المياه والكهرباء أو أي رسوم جبائية يفرضها النظام. وقالت الدراسة التي جاءت بعنوان "بعد مفاجأة «جمعة الغضب» .. هل يتجه الحراك في مصر نحو "عصيان مدني"؟" بإمكانية تطور الأحداث نحو قطع الطرق الرئيسية والسكك الحديد والمترو والشحن البري والنهري، وتوقف حركة النقل والمواصلات وهو ما سيصب النظام بحالة من الشلل التام ستجبره على تقديم تنازلات كبيرة أو التضحية برأس النظام لإنقاذ النظام ذاته كما جرى مع حسني مبارك؛ لكن الوعي الشعبي سيكون عاصما من تكرار أخطاء التجربة السابقة فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. الأقرب للتحقق ورجّحت الدراسة هذا السناريو ورأته الأقرب إلى التحقق وفق المعطيات الراهنة، بالربط بين إمكانية نجاح النظام في إخماد جذوة الحراك إلى حين؛ فإن استمرار ذات السياسات والأشخاص سيجر البلاد حتما إلى العصيان المدني، خلال شهور أو سنوات قليلة، وإذا تطور الحراك نحو العصيان المدني فإن ذلك كفيل بإسقاط نظام السيسي. ورأت انه سيتعين على الجماهير الواعية أن تدرك أن معركتها ليست مع السيسي وحده، بل مع النظام العسكري كله والوصاية التي تفرضها المؤسسة العسكرية على مصر كلها، وبالتالي فإن الجماهير ستكون أكثر وعيا وإدراكا لخطورة بقاء هذه الأوضاع ولن تقبل الإطاحة بالسيسي ليأتي سيسي آخر، فلا بد من صياغة متوازنة للعلاقات المدنية العسكرية تعيد السيادة للشعب وتحرر القرار الوطني من خاطفيه وتعيد للمؤسسة العسكرية رونقها واحترامها بعد أن تشوهت بشدة بفعل التورط في الحكم والصراع على السلطة و النفوذ ونهب الثروات. السيناريو الأول وتحدث باحثو الشارع السياسي عن سيناريو إمكانية النظام في امتصاص حالة الغضب وإضعاف الحراك الحالي عبر آليتين: الأولى البطش الأمني الواسع واعتقال آلاف المشاركين. والثاني هو التراجع عن حالة التصلب والعناد على المستوى السياسي والاقتصادي وتفريغ قانون التصالح في مخالفات البناء من محتواه أو تجميد العمل به بدلا من المسكنات والإعلان عن تبرعات رجال أعمال لدعم المهمشين في دفع غرامات التصالح، بخلاف التوقع عن فرض رسوم جباية جديدة في ظل وجود نحو 60 مليون مصري كفقراء أو تحت خط الفقر. واستدركت الدراسة إلى أن سيناريو القمع الوحشي ربما يضمن إضعاف الحراك الحالي لكنه سيضخ كثيرا من الوقود على حالة الغضب المكتوم والذي حتما سينفجر على المدى القريب أو المتوسط. وأضافت إلى ذلك بُعدا نفسيا فقالت إن تراجع النظام مرة احدة عن عناده سيشجع الجماهير على الضغط عليه لإجباره على التنازل في مواضع أخرى وبالتالي تبدأ سلسلة من التنازلات من جانب النظام وهو غير مستعد لها، خصوصا وأن إتاوات التصالح في مخالفات البناء يعتمد عليها النظام كثيرا في توفير السيولة اللازمة لضمان بقائه في ظل تراجع موارد الدولة. الثورة الشاملة واستعرضت الدراسة سيناريو ثالثا، هو الثورة الشاملة، وهي أوضح صور ومظاهر التعبير عن حق مقاومة الطغيان، وتختلف الثورة عن العصيان المدني أن الأخير هو صورة من صور التغيير السلمي، أما الثورة فهي رد الفعل العنيف الذي يرتبط بالعنف الجماعي ليعلن عن التغيير في النظام السياسي، وهي تفترض التغيير الكلي في المفهوم الفكري الذي يسيطر على المجتمع السياسي، وهي في أحد جوانبها إعادة تأسيس للشرعية السياسية وتصور جديد لمقوماتها، وأيضا تغيير في الغايات التي يسعى لتحقيقها النظام السياسي، فهي تغيير في مفهوم الوظيفة القانونية والسياسية للدولة. وأوضحت أن الثورة تعني حقائق ثلاثة: الأولى، تغيير في الفئات الحاكمة ووصول الفئات المحكومة إلى ممارسة السلطة، فهي ممارسة قوى الرأي العام لحقوقها بأسلوب واضح وصريح، فلا تعرف انقلاب القصر ولا تعترف بشرعية المماليك الجدد. والثانية: أنها تغيير عنيف حيث سدت السبل البديلة لحماية حقوق المواطن الأساسية. والثالثة: التأكيد لقيم جديدة ودفاع عن القيم الثابتة التي خضعت لعملية اعتداء؛ فهي ربط للمستقبل بالماضي من خلال تخطي المغالطات القائمة المرتبطة بالحاضر. مفاجأة الجميع وخلصت الدراسة إلى أن حراك سبتمبر وجمعة الغضب (25 سبتمبر 2020م) باغت نظام الانقلاب، ومثل مفاجأة على مستوى الاحتجاجات وامتدادها وشمولها إلى معظم المحافظات؛ حيث جرى رصد أكثر من 150 مظاهرة في حوالي 100 نقطة احتجاج وتظاهر. وألمحت إلى أنه خلال عام من حراك 20 سبتمبر 2019، نما الحراك وتمدد واتسع ليضم قطاعات شعبية أخرى تضم ملايين المصريين لا تزال مترددة وتراقب عن كثب وإن كانت دوافع الثورة عندها مكتملة لكنها فقط تريد أن تضمن النجاح في خروجها الذي سيكون زلزالا بمعنى الكلمة وسيعيد كفة الميزان للشعب ضد أجهزة النظام الأمنية التي استخفت ولا تزال واستهانت ولا تزال بالشعب. رعاة الانقلاب ولفتت الدراسة إلى أن من سيطيح بالسيسي ليس فقط الملايين الغاضبة الراغبة بالتحرر من قيود النظام المجحفة التي ضيقت عليهم لقمة العيش وكرست لحالة من الطبقية المستفزة ولكن أيضا رعاة النظام أنفسهم سيسعون إلى التخلص من السيسي في محاولة لإنقاذ النظام نفسه كما جرى تماما مع حسني مبارك من قبل، والعقبة الوحيدة التي تقف أمام تكرار هذه المناورة والالتفاف على مطالب الجماهير هو وعي الشعب الذي سيكون حاسما في هذه الحالة بعد أن ذاق الويلات وبات على يقين تام أن مصر لن تتحرر إلا بالتخلص من النظام نفسه وليس رأسه فقط، وتأسيس عقد اجتماعي جديد وصياغة معادلة متزنة للعلاقات المدنية العسكرية بما يضمن سيادة الشعب واختصاص الجيش بوظيفته الأساسية، وإنهاء احتكار المؤسسة العسكرية للسلطة ومفاصل الدولة الاقتصادية.