نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" تقريرا سلطت خلاله الضوء على الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لدفع المملكة العربية السعودية للسير نحو التطبيع مع الاحتلال الصهيوني. وقال التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة" إنه فور اتخاذ الإمارات العربية المتحدة قراراً تاريخياً بتطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى تحولت الأضواء الأمريكية إلى هدف أكثر أهمية – ومراوغاً – وهو: المملكة العربية السعودية. ووضع جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب والرجل الذي ساعد في التوسط في صفقة الأسبوع الماضي، نصب عينيه إقناع الحليف العربي الرئيسي لأميركا باتخاذ هذه الخطوة التاريخية، ومع ذلك، وعلى الرغم من علاقاته الوثيقة مع ولي عهد محمد بن سلمان، إلا أنه لا يزال أكثر صرامة. وقال بروس ريدل الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي ايه) المتخصص في شئون المملكة الخليجية إن "السعودية هي اللعبة". ولكن مع وجود الملك سلمان "مؤمناً حقيقياً بالقضية الفلسطينية"، فمن غير المرجح أن يحدث ذلك في أي وقت قريب. منذ دخول السيد ترامب البيت الأبيض، أقام صهره علاقات وثيقة مع جيل جديد من القادة الخليجيين: الشيخ محمد بن زايد، وولي العهد السعودي. شارك السيد كوشنر الأمير محمد في جلسات حوار طويلة في وقت متأخر من الليل، ووقف إلى جانبه بعد انتقادات شخصية شديدة وجهت إليه في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018. وقال كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الشرق الأوسط، للصحفيين يوم الاثنين، "لقد أجريت العديد من المناقشات الآن مع محمد بن سلمان حول.. [التطبيع المحتمل للعلاقات]، وأيضا مع الملك سلمان"، مضيفا أنه سيكون "جيدا جدا" للأعمال والدفاع السعوديين. وقال إن ذلك سيساعد أيضا الشعب الفلسطينى. وقال دبلوماسيون ومحللون غربيون في المنطقة إن الأمير محمد، الذي يمضي قدما في خطط إصلاح اقتصاد المملكة، كان يُنظر إليه على أنه مستعد لدفع الفلسطينيين إلى قبول خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، كجزء من جهوده لتعزيز علاقته مع إدارة ترامب والمؤسسة السياسية الأمريكية الأوسع نطاقا. ولكن يُعتقد أن والده قد نقضه، ومن المفهوم أن له القول الفصل في بعض القضايا الرئيسية. وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية أن العاهل الأردني أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اتصال هاتفي في يناير الماضي أن المملكة لا تزال ملتزمة بالقضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية. وعندما طرح السيد ترامب في يناير خطته للسلام، التي تنص على اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل والتي رفضها الفلسطينيون، رفضها الملك سلمان علناً، وحتى مع العلاقة الوثيقة بين السيد كوشنر والأمير محمد، كانت المملكة العربية السعودية غائبة بارزة عن مؤتمر اقتصادي رائد نظمه السيد كوشنر لدعم اتفاق السلام. كما أن القيادة السعودية في العالم الإسلامي تجعل من غير المرجح أن تتبع المملكة خطى الإمارات العربية المتحدة، حيث تستضيف المملكة أقدس موقعين في الإسلام وتصور نفسها على أنها زعيمة الإسلام السني والمدافع عنه. وكان الملك سلمان، الذي يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين، قد صرح لمنظمة التعاون الإسلامي العام الماضي بأن القضية الفلسطينية لا تزال قضية أساسية وأن المملكة "ترفض أي إجراءات تمس الموقف التاريخي والقانوني للقدس الشرقية"، ويريد الفلسطينيون أن تكون القدسالشرقية عاصمة لاي دولة مستقبلية. وقال كوشنر للصحفيين يوم الاثنين إن "الملك سلمان له مكانة قوية جداً في قلبه للشعب الفلسطيني وللقضية، كما يفعل محمد بن سلمان أيضاً". وأضاف "أنهم يريدون أن يروا الشعب الفلسطيني لديه دولة". ولم تعلن الحكومة السعودية بعد عن موقفها الرسمي من الاتفاق الإماراتي الصهيوني. وقال شخص مقرب من الأسرة الحاكمة إن السعودية "مختلفة جداً" عن الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من علاقاتهما الوثيقة. "إنها أصغر ( الإمارات) ولا تحتوي على ذلك العنصر الديني. فما يجب أن تخسره الإمارات العربية المتحدة أقل منا بكثير، وما يجب أن تقدمه لإسرائيل أقل بكثير. "إذا سألت سعوديا يبلغ من العمر ثلاثين عاما، فربما يقولون: "لماذا لا توجد علاقات مع إسرائيل؟ لديهم تقنيات وأكاديميات رائعة ولكنهم سوف يهتمون إذا فعلنا ذلك حقا لأن العالم الإسلامي بالكامل سيهاجمنا". وعكست هاشتاغان تصدرا على تويتر السعودي بعد وقت قصير من إعلان الإمارات استقطابا حول القرار: فقد استخدم معارضو الصفقة هاشتاغ "المواطنون الخليجيون ضد التطبيع" بينما غرد من يدعمونه تحت هاشتاغ "ابر أنت وقضيتك". ويعكس هذا الأخير القومية السعودية والتصور بأن الفلسطينيين، الذين ينتقد بعضهم السياسة السعودية في المنطقة، ينكرون ا ما تقدمه الرياض من دعم طويل الأمد. ويُعتقد أن المملكة العربية السعودية، مثل الإمارات العربية المتحدة، قد زادت من تعاونها السري، لا سيما في الأمن والاستخبارات، مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، حيث أنها تشاطر الدولة اليهودية قلقها بشأن دور إيران في المنطقة. وقال بريان هوك، مبعوث الولاياتالمتحدة إلى إيران، لصحيفة فاينانشل تايمز إن "العدوان الإيراني" ساعد في توحيد بعض الدول في مواجهة عدو مشترك. وقد رجح مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترامب أن تقوم البحرينوعمان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد ذلك، مع وجود المغرب أيضاً على الأوراق، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكينازي أجرى الاثنين اتصالا مع نظيره العماني حول ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين. وقال مايك سينغ الذي قاد شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة الرئيس جورج بوش إن البحرين التي تعتمد على المساعدة المالية من الإمارات والسعودية سترغب في التفاوض حول شروطها وأول مؤشر لرد الفعل الإقليمي على المبادرة الإماراتية. وقال إن عمان قد تتردد أيضا فى استعداء إيران . وقال سينغ إن دولا أخرى خارج المنطقة مثل اندونيسيا وماليزيا قد تفكر أيضا فى الشروع فى إبرام علاقات دبلوماسية مع إسرائيل كما وصف المسؤولون الإسرائيليون السودان بأنه منافس محتمل . وقال المسؤول الرفيع المستوى في الإدارة الأمريكية لصحيفة "إف إف" إن "لا أحد يعرف" ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ستتخذ خطوة الاختراق، وقال المسؤول " إن كل خطوة تزيد من الثقة فى أن هذا هو الاتجاه الذي تحتاج المنطقة إلى أن تسير فيه ". ولا يزال معظم المحللون يشككون في أن السعوديين سوف يحذون حذو الإمارات العربية المتحدة. وقال السيد ريدل: "لا يوجد حافز للقيام بذلك بضم [الأراضي المحتلة] خارج الطاولة بالفعل [كجزء من الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل]". رابط التقرير: https://www.ft.com/content/738e3ee1-e356-4a28-bbd3-e905c572546e