طالبب الخبير الاقتصادي مصطفي عبد السلام، بخفض أسعار الوقود محليا بعد تراجع أسعاره عالميا، متسائلا إذا كانت الحكومات العربية ترفع أسعار الوقود من وقت لآخر متذرعة بزيادة أسعار النفط والمشتقات البترولية في الأسواق الدولية، فهل ستخفض الأسعار بنفس النسبة التي تراجعت بها خلال العام الجاري؟ وقال عبد السلام، عبر صفحتة علي فيسبوك: "خسرت أسعار النفط 30% من قيمتها في الأسواق العالمية، وهي نسبة ضخمة، وخلال الشهرين الأولين من العام الجاري خسرت عقود النفط الآجلة نحو 50% من قيمتها، وهناك توقعات باستمرار تراجع أسعار النفط لدرجة أن مؤسسات مالية دولية وبنوكاً كبرى تتحدث عن 20 دولارا فقط للبرميل خلال عام 2020، وهو سعر يكفي بالكاد تغطية تكلفة استخراج النفط وشحنه للأسواق المشترية"، مشيرا الي أن مايدعم هذه التوقعات بدء نشوب حرب نفطية شرسة بين السعودية وروسيا، أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم، وقيام المملكة عبر أرامكو، أكبر شركة نفطية في العالم، بإغراق الأسواق بالنفط وخفض الأسعار واستمرار تفشي فيروس كورونا الذي أدى إلى تراجع الطلب العالمي على الخام الأسود خاصة من الصين التي تستورد وحدها نحو 10 ملايين برميل يوميا. وأشار عبد السلام الي أن "مايدعم تراجع أسعار النفط أيضا ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية، اليوم الاثنين، من أن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش في عام 2020 للمرة الأولى منذ عام 2009 وخفض الوكالة توقعاتها السنوية بمقدار نحو مليون برميل يوميا، بما يشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل يوميا"، لافتا الي أنه ومع انهيار أسعار النفط بهذه النسب الحادة تتراجع أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار ومازوت وغاز ومنتجات الوقود الأخرى، وبالتالي فإن الكلفة التي تتحملها الدول المستوردة للوقود من موازنتها العامة ستتراجع بشدة، ومن المفروض أن ينعكس تراجع التكلفة في استيراد الوقود على الأسعار السائدة في السوق، وأن يستفد المستهلك من تهاوي الأسعار كما أكتوى مرات عديدة بنيران قفزات أسعار النفط والتي تجاوزت 148 دولارا للبرميل في منتصف العام 2008. وأضاف عبد السلام :"ما نلحظه هو أن معظم الدول العربية المستوردة للمشتقات البترولية لم تخفض أسعار البنزين والسولار بها سواء خلال العام الجاري الذي تهاوت فيه أسعار النفط خاصة عقب الكشف عن فيروس كورونا، ولم تخفضه العام الماضي، بل إن بعض الحكومات تلوح من وقت لآخر بقرار زيادة أسعار الوقود بزعم أن هناك عجزا في الموازنات العامة ناتجا عن استمرار دعم الوقود، وأن زيادة السعر مطلب دائم لصندوق النقد الدولي مقابل حصول الدولة على قروض إضافية"، متساءلا :"هل تنصف الحكومات العربية المواطن أو المستهلك هذه المرة، أم تخذله كالعادة، وتصر على أسعار الوقود المرتفعة ووضع يدها في جيب المواطن رغم التهاوي الأخير في سعر النفط؟" وكانت أسعار النفط فى الأسواق العالمية انخفاضا بلغ نحو 31%، خلال تعاملات الاثنين، لتسجل بذلك أكبر خسائرها منذ اندلاع حرب الخليج عام 1991، جراء فشل اتفاق أوبك في خفض الإنتاج، وضعف الطلب العالمي على النفط بسبب تفشى فيروس كورونا، وسجلت أسهم كبريات شركات النفط العالمية تراجعا حادا مدفوعا بانهيار أسعار الخام أكثر من نسبة 30%، وتراجعت أسهم شركة "إكسون موبيل"، عملاق النفط الأمريكي، بنسبة 11.6%، فيما هبطت أسهم "شيفرون" نحو 12%، وسجلت أسهم شركة "كونكو فيبلبس" تراجعا بلغ أكثر من 19%، كما تراجعت أسهم "بيكر هيو" بنسبة 15%، كذلك هوت أسهم شركة "مارثون أويل" بنسبة 25%. وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، إن الانهيار الكارثى فى أسعار النفط سينعكس على صناعة الطاقة العالمية بشكل عام ويضر باقتصادات عالمية معتمدة على عائداتها النفطية، كما سيتسبب في إعادة هيكلة شكل السياسات العالمية؛ نظرا لما سيترتب عليه من تداعيات اقتصادية وسياسية.