ناقش برلمان الانقلاب في جلسته، أمس الأحد، مشروع قانون مقدمًا من رئيس اللجنة الدينية في البرلمان أسامة العبد وما يقرب من 60 نائبًا آخرين بشأن دار الإفتاء المصرية. وينص التعديل على أنه يعين مفتي جمهورية مصر العربية بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على ترشيح هيئة كبار العلماء من بين أعضائها أو من غيرهم ممن تراهم الهيئة. وفي مادة أخرى يبقى مفتي الجمهورية في منصبه حتى بلوغه السن القانونية للتقاعد، ويجوز بقاؤه بعد ذلك بموافقة هيئة كبار العلماء لمدة 4 سنوات واعتماد رئيس الجمهورية ويتقاضى المرتب والبدلات وكافة المزايا المقررة للوزراء ويعامل معاملتهم من حيث المراسم والمعاش. وتعيين المفتي يكون بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء خلال مرة شهرين قبل خلوّ المنصب ويبقى في منصبه حتى بلوغه سن التقاعد مع جواز التجديد له. يذكر أن النظام الحالي يقضي بانتخاب المفتي في اقتراع سري خلال اجتماع لهيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر. وكان عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري قد كرر في أكثر من مناسبة في خطابات ولقاءات سابقة ما سماها ضرورة تجديد الخطاب الديني ولم ترق مثل تلك الدعوات أحيانا لشيخ الأزهر. وقال الدكتور محمد الصغير، المستشار السابق لوزير الأوقاف: إن القانون الجديد بهدف "تكويش" عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب على كل الأمور في الدولة، ويعد مناكفة صريحة لشيخ الأزهر. وأضاف الصغير – في حواره مع برنامج "المسائية" على قناة "الجزيرة" – أن اختيار مفتي الجمهورية شأن علماء الأزهر وشأن شرعي يصدر عن أهل الاختصاص ولا علاقة للسيسي به من قريب أو من بعيد. وأوضح الصغير أن القانون الجديد موجه ضد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بدليل أن الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر كان يفترض أن يتم التجديد له ما دام شيخ الأزهر وافق على ذلك، ويرفع الأمر إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه فقط ولأول مرة لم يعتمد السيسي قرار شيخ الأزهر بسبب موقفه خلال مؤتمر الأزهر وحديثه عن قضية القدس. بدوره قال جمال سلطان، الكاتب الصحفي إن القانون الجديد المتعلق باختيار مفتي الجمهورية يعد جزءًا من الصراع الدائر بين شيخ الأزهر والسيسي، وما يدعو للريبة أن القانون يجري طبخه داخل المطبخ الذي صدر منه قانون السيطرة على محكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض، وبدلا من أن تقوم الجمعية العمومية بترشيح رئيس المحكمة أصبحت ترشح 3 يختار السيسي واحدا من بينهم. وأضاف سلطان أن الفكر العسكري لا يستقيم أبدا مع فكر الديمقراطية والانتخاب، مضيفًا أن الأمر لا يتعلق بأشخاص، ورغم أن مفتي الجمهورية الحالي يتماهى تماما مع النظام لكنَّ السيسي قلق على من يأتي من بعده ويريد السيطرة على المنصب لهذا الأمر. وأوضح سلطان أن المتتبع لتاريخ مصر الحديث يجد أن المؤسسات الدينية كانت تحت عباءة النظام منذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وصولاً إلى عبدالفتاح السيسي، وهذا هو أساس النظام العسكري، مضيفًا أنه منذ 23 يوليو 1952 حكمت مصر نفس المنظومة العسكرية مع اختلاف الأشخاص، وهذه الطبيعة العسكرية لا تقبل سوى السيطرة والأمر والنهي ولا تعرف تعدد وجهات النظر. وأشار إلى أن مشهد ثورة 25 يناير 2011 أحدث هزة داخل مؤسسات الدولة وأظهر روحًا جديدة، وبعض رموز ثورة يناير كانوا من أبناء مشيخة الأزهر ودار الإفتاء، وهو ما أثار قلق المؤسسة العسكرية، ودفعها لأن تكون الهيمنة على مؤسسات الأزهر في يدها. وأصدرت دار الإفتاء خلال الفترة الماضية عددا من الفتاوى المثيرة للجدل والتي تؤكد تماهي الدار مع سياسات عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري ومنها تحريم مشاهدة مسلسل أرطغرل التركي وشيطنة الإخوان.