قُتل “قاسم سليماني” قائد فيلق القدسالإيراني، و”أبو مهدي المهندس” نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، بغارة جوية قرب مطار بغداد، فجر الجمعة، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن أن ضربة جوية قتلت “سليماني” في بغداد، بناء على تعليمات من ترامب. وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” في بيان، أن (الجيش قتل “سليماني” كإجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج). مضيفا أن “سليماني كان يعمل بنشاط على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين في المنطقة”. من جانبه، أعلن الحرس الثوري الإيراني، في بيان له، عن أن “الجنرال سليماني استشهد فجر الجمعة، في اعتداء نفذه طيران مروحي أمريكي قرب مطار بغداد الدولي”، وفقًا لوكالة تسنيم الإيرانية. ونقلت وكالة (رويترز) عن مسئولين أمريكيين: “إن أمريكا نفذت ضربة جوية ضد أهداف لها صلة بإيران في بغداد”. وقال متحدث باسم الحشد الشعبي العراقي: إن الأمريكيين والإسرائيليين وراء اغتيال سليماني والمهندس. وأوضحت (خلية الإعلام الأمني) في بيان، “أن ثلاثة صواريخ سقطت على مطار بغداد الدولي قرب صالة الشحن الجوي”، وأضافت: “أن ذلك أدى إلى احتراق عجلتين وإصابة عدد من المواطنين”. انتقام أمريكي ويأتي مقتل سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وهي عبارة عن تحالف فصائل مسلّحة موالية بغالبيتها لإيران، وتتبع رسميا للحكومة العراقية، بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران على السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية. وأصابت العملية الأمريكية العديد من الأطراف الإقليمية، وهو ما تجلى في الإدانات السورية ومن حزب الله وإيران التي توعدت بالانتقام من الأمريكان، ردًّا على مقتل قائدها. من جانب آخر، أثار الخبر فرحة بعض العراقيين الذين اكتووا من نيران الحشد الشعبي والمليشيات الشيعية العديدة، التي تقف حجر عثرة أمام استكمال مسار التظاهرات الشعبية والثورة المتفجرة منذ أكتوبر الماضي. تداعيات الاغتيال فيما تتسارع تداعيات العملية، فقد أوردت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية نقلا عن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي قوله: إن طهران ستنتقم انتقاما ساحقا لاغتيال قاسم سليماني، وقال حاتمي: “سننتقم انتقاما ساحقا للاغتيال الجائر لسليماني.. سننتقم من جميع المتورطين والمسئولين عن اغتياله”. من جانبه، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم: إن بلاده ستكون أكثر تصميمًا على مقاومة الولاياتالمتحدة ردًّا على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق. وقال روحاني في بيان: “استشهاد سليماني سيجعل إيران أشد حزما في مقاومة التوسع الأمريكي والدفاع عن قيمنا الإسلامية. بلا أدنى شك ستنتقم إيران والدول الأخرى الساعية إلى الحرية في المنطقة”. وذكر التلفزيون الإيراني أن طهران قدمت احتجاجا، فجر الجمعة، للقائم بأعمال السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الأمريكية لديها على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وفي العراق، قالت هيئة الحشد الشعبي- في بيان لها- إن جنازات رسمية ستقام غدا السبت للقتلى. وفور شيوع نبأ مقتل سليماني، قفز سعر النفط بأكثر من 4% بسبب مخاوف الأسواق على موارد الذهب الأسود. أمريكيًّا، تباينت ردود الفعل إثر مقتل سليماني بين التأييد والرفض. ففيما سارع الجمهوريون إلى تأييد الرئيس دونالد ترامب الذي أمر بالغارة، تصاعدت أصوات ديمقراطية منتقدة للعملية. وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي: “السؤال الآن: هل اغتالت إدارة ترامب ثاني أهم شخصية بإيران دون ترخيص من الكونجرس؟”، فيما حذر السيناتور كريس ميرفي، قائلا: “نود أن نعرف إذا ما كانت إدارة ترامب متجهة عن قصد نحو حرب إقليمية ضخمة محتملة”، متابعا “هذا الإجراء سوف يؤدي إلى مقتل المزيد من الأمريكيين وليس أقل، يجب أن يكون هذا هو قلقنا الليلة”. هل ستندلع حرب؟ وبحسب قراءة مسار العلاقات الإيرانيةالأمريكية بالمنطقة، فمن المتوقع أن تقدم إيران على انتقام عسكري من القوات الأمريكيةبالعراق أو بالمنطقة، دون الوصول لحرب شاملة، في ظل العقوبات الاقتصادية والعسكرية المفروضة على إيران، حيث تمتلك إيران أوراق قوة ضد أمريكا، وهو وجود آلاف القوات الأمريكية بالمنطقة، بجانب ما تملكه من إمكانية تنفيذ عمليات بحرية في مياه الخليج ومضيق هرمز ضد الناقلات النفط الأمريكية أو الدول المؤيدة لأمريكا. وهو ما تخشاه أطراف أمريكية، حيث قال المرشح الرئاسي المحتمل جو بايدن: “لقد ألقى الرئيس ترامب بعود ديناميت على البارود”. متابعا: “لن يبكي أحد على سليماني، لكن قتله سيزيد احتمال استهداف أمريكيين”. فيما ذهب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب، إلى أنه “نحن على شفا مواجهة مباشرة مرة أخرى في الشرق الأوسط”، إذ إن هذه الضربة تشكل تصعيدًا هائلًا في نزاعنا مع إيران. ولعلّ ما يؤكد استهداف إيران المستقبلي لكل المصالح الأمريكيةبالعراق أو بدول المنطقة أنهم هم الهدف الأقرب، وأماكن تواجدهم بالعراق معلومة، وهو ما هدد به زعيم حركة عصائب أهل الحق العراقية، قيس الخزعلي، حيث قال: “مقابل دماء المهندس وسليماني زوال كل الوجود الأمريكي في العراق”. وبجانب تلك التداعيات من المتوقع أن تزيد أمريكا من وجودها العسكري بالعراق والخليج لمواجهة الردود الإيرانية، ما يمكّنها من التدخل الأمني والسياسي لحسم إسقاط المشروع الإيرانيبالعراق عبر إنجاح مسار الثورة الشعبية والتظاهر، وتقليص نفوذ قوات الحشد أمنيَّا فيما يخص اختيار رئيس وزراء جديد بدلا من عبد المهدي أو ما يطرحه الحشد الشعبي والمليشيات.