أوليمبياد مختلفة عن تلك التي يتابعها العالم بأجمعه تقدم لها قناة "النيل للرياضة" تغطية إعلامية يومية لا أجد لها وصفا أفضل من "العك". فالتغطية التي تقدمها قناة النيل المتخصصة للحدث الرياضي الأبرز في العالم والذي يقام كل أربع سنوات هي الأسوأ مقارنة بالقنوات العربية الناقلة للأوليمبياد والتي لجأ إليها الشعب المصري لمتابعة بعثته. فبالرغم من أن التليفزيون المصري استسهل وقرر عرض منافسات 26 رياضة على قناة واحدة عكس باقي التليفزيونات العربية التي تشارك ببعثة أقل من البعثة المصرية في العدد وبالرغم من ذلك خصصت أكثر من قناة لمتابعة الأوليمبياد، إلا أنه فشل حتى في جذب المشاهد لمتابعة منافسات الرياضيين المصريين، بل أصبح الأمر أشبه بالفضيحة في التعليق على منافسات البعثة المصرية. ولن أتحدث عن تغطية مباريات منتخب كرة القدم التي فشل تليفزيون بلدنا في استضافة محللين لها على مستوى الحدث، في الوقت الذي خصصت فيه قنوات عربية مثل "دبي سبورت" و"أبو ظبي سبورت" بالإضافة إلى "الجزيرة" استوديوهات متخصصة لمتابعة مباريات الفراعنة. وسأتحدث بطريقة مفصلة أكثر عن ما شاهدته بنفسي من متابعة القناة الرياضية المتخصصة لمشاركة مصر في الألعاب الفردية التي حققنا منها ميداليتين فضيتين حتى الآن. جهل مذيعي القناة بمواعيد المباريات المحددة مسبقا من قبل اللجنة المنظمة والتي يمكن التعرف عليها بسهولة من الموقع الرسمي للجنة أول المشاكل التي تواجهها إذا قررت متابعة قناة "النيل". وبعدها ستجد نفسك أمام شخصية مجهولة يستضيفها الاستوديو لتحليل المباراة قبلها بدقائق "في السريع" لتتحدث عن أمور هي أبعد تماما عن فنيات وقوانين اللعبة التي ربما يتابعها البعض للمرة الأولى. وإذا كنت وطنيا زيادة عن اللزوم وقررت تشجيع المنتج المصري والاستمرار دون تحويل القناة، ستضطر لمتابعة المباراة بتعليق ضيف الاستوديو الذي لا يمتلك أي خبرة إعلامية وربما يكون ظهوره على شاشات التليفزيون للمرة الأولى في حياته. فمعلقو القناة الرياضية المصرية وجدوا أن الاستعانة بلاعبين سابقين ربما يكون أسهل من التعرف على قواعد رياضات لا يسمعون عنها غير وقت الأوليمبياد فقط للتعليق بأنفسهم على المباريات للشعب المصري الذي يعرف قواعد كرة القدم بالكاد. وهو ما أظهر فضائح في تغطية مباريات الثنائي علاء الدين أبو القاسم وكرم جابر صاحب الميداليتين المصريتين. بيت كرم جابر فالمعلق على مباراة المصارع كرم جابر أمام بطل فرنسا في ربع النهائي فقد أعصابه تماما في الدقائق الأخيرة من المباراة التي كادت تطيح بالبطل الأوليمبي خارج المنافسة ليسبه قائلا "يخرب بيتك". وكاد الأمر أن يصل بالمعلق إلى حد الدعاء على جابر ليدخل في وصله أشبه بالندب قائلا "ضيعت حلمنا في ميدالية ثانية يا أخي كنت استحمل" قبل أن يكتشف فجأة أن لجنة التحكيم نصرته على حساب اللاعب الفرنسي. وعلى طريقة الشقيقة "النيل للأخبار" في التطبيل السياسي اختلفت نبرة المعلق مع إعلان فوز جابر وتأهله لنصف النهائي، ليصبح بطل قوميا عظيما بعدما ضمن ميدالية لمصر. واستمر "العك" ليصل إلى ضيف استوديو المباراة النهائية التي خسرها جابر والذي لم ينتبه إلى وجوده على الهواء مباشرة ليسخر من زي المصارع المصري قائلا "ترينج تعبان ملة!". لمبة أبو القاسم الغريب أنني قررت متابعة جابر على القناة المصرية بالرغم من أن ذلك جاء بعد أيام من شعوري بالخجل من تغطيتها لمباريات أبو القاسم. فالنيل تأخرت في إذاعة مباراة قبل نهائي سلاح الشيش التي حقق فيها أبو القاسم أول ميداليات مصر في الأوليمبياد، لاضطر في النهاية لمتابعة المباراة على قناة "دبي سبورت"؛ وكنت أنا المستفيد. فالقناة الإماراتية استعانت بمحللين لشرح قواعد اللعبة للمتابعين واحتفت بوصول أبو القاسم للمباراة النهائية بطريقة مشرفة ونوهت عن موعد انطلاقها؛ بل وقدمت معلومات عن منافس البطل المصري وفنياته، وهو ما أجبر يدي على عدم لمس الريموت كونترول حتى نهاية المباراة النهائية. في الوقت الذي اكتفت فيه النيل بتعريف مشاهديها أن "اللمبة الحمرا" تعني نقطة لأبو القاسم!. حقوق الإنسان وتواصل"العك" الإعلامي إلى حد قيام مذيعة بفبركة خبر عن اعتراض منظمات حقوق الإنسان على صناعة البطل الأوليمبي في الصين والتي تبدأ من سن الطفولة على سبيل "التجويد". وصلة ال"أي" كلام التي قدمتها المذيعة بصحبة ضيفها غير المعروف جاءت بعد انتشار صور لأطفال صينيين يبكون بسبب التدريبات العضلية القاسية والتي تعد تمرينات عادية يعرفها كل من مارس الرياضة في طفولته. الخلاصة .. الأزمة المصرية بعيدة كل البعد عن الماديات فحتى حين تتوافر لنا الفرص نهدرها بسوء تخطيط اعتدنا عليه، وحتى بعد الثورة بأكثر من عام ونصف ما زال "العك" مستمر طالما استمرت الكفاءات بعيدة عن مواقعها الطبيعية. ولا أظن أن بمقدورنا أن نلوم البعثة الرسمية المصرية على عدم ظهورها بشكل جيد في الأوليمبياد في الوقت الذي لم يظهر تليفزيون بلدنا بصورة مشرفة في الداخل. للتواصل مع الكاتب: عبر فيس بوك : http://www.facebook.com/amir.elhalim عبر تويتر : https://twitter.com/#!/AmirAbdElhalim