أهم ميزة يجب أن يتحلى بها من يتولى منصب المتحدث الرسمي لأي جهة هو فن العرض، اما في مصر فالحال مختلف قليلا، قليلا جدا، ربما نقطة واحدة. بداية، "إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص" قول مأثور ينطبق وبدقة على كافة الأوضاع التي تمر بها مصر في الوقت الحالي خاصة بعد الهزيمة المذلة أمام إفريقيا الوسطى. من العادي أن يخسر أي فريق في العالم أمام منافس أقل منه في المستوى، فالأسطورة تقول أن الساحرة المستديرة لا تعترف بالتاريخ أو الترشيحات ولكن بالعرق والجهد. وحقيقة لم أنزعج من الهزيمة المذلة أمام إفريقيا الوسطى ولا إمكانية توديع المنتخب لتصفيات كأس الأمم للمرة الثانية على التوالي بقدر ما تذكرت على الفور التصريح المعجزة الذي أطلقه المسؤول الإعلامي لاتحاد الكرة منذ أيام. فعزمي مجاهد المتحدث الإعلامي لاتحاد الكرة قال بصراحة متناهية منذ أيام "إحنا مش فاضيين للكورة يا كابتن، إحنا شغالين من نار في دعم الفريق شفيق لرئاسة الجمهورية". "احنا عاملين شغل نار" .. كانت الجملة التالية مباشرة لما سبق. هنا يجب أن نسأل "احنا" تعود على من؟ هل هذا تصريح مسؤول؟ أتفهم أن يكون الرجل يرغب في عرض دعابة لا يجدها سخيفة على عكس الواقع، لكن طريقة إلقاء الدعابة جزء من فنيات "العرض". أن أقول في نهاية المكالمة، "احنا شغالين علشان شفيق، احنا بنحب الراجل ده اوي، انا بادعم بكل فلوسي وبيتي وعيالي الفريق".. لكن أقول "احنا مش فاضيين للكورة". ولماذا إذن يفوز المنتخب؟ ولماذا يهتم الجهاز الفني أو اللاعبين أو الجماهير بالمباراة المصيرية مادام مسؤولي اتحاد الكرة غير مهتمين من الأساس؟. لن أعلق على رؤية الرجل وحرية رأيه في تأييد من يحب لأن أهم شعارات الثورة كانت "الحرية" لكل فرد في تقرير مصيره، ولكن لماذا "يعرضه" على الجماهير في نقاش رياضي بحت قبل مواجهات مصيرية. وكيف لمسؤول في منصب حكومي يشرف على اتحاد تأتي مصاريفه من مال عام ملكا للشعب أن يصرح علنا بأنه لا يمارس مهام عمله من أجل دعم مرشحا في انتخابات رئاسية؟ مجاهد وهؤلاء اللذين ملؤوا الدنيا صراخا طوال عاما ونصف بضرورة فصل الرياضة عن السياسية بعدما عبرت مجموعات شباب الأولتراس عن آرائها متهمينهم علنا بأنهم مليشيات تستخدم لأغراض سياسية. لكنه الأن لم يجد غضاضة في أن "يعرض"، ويعرض رأيه على الملايين. لم يهتم للحظة لدراسة توقيت التصريح أو تأثيره أو ظروفه ومكان إطلاقه. ولكن ما الغريب، فمجاهد يشغل منصب (المتحدث الإعلامي) لاتحاد (كرة القدم) عُين في منصبه لم يدرس أو يمارس الإعلام من قبل ولا لعب كرة القدم في تاريخه. أعرف أن تصريحات المسؤول لم ولن تأخذ قدر أهميتها في برامج "توك شو" الرياضة أو الاستديوهات التحليلية لأن من يقومون عليها "معرضين" مثله للصواب والخطأ. ولكن التصريح وصاحبه وطريقة تناوله يعكسون بوضوح طريقة إدارة البلاد في النظام السابق "الحالي" والذي يبدو أنه مستمر لفترة إضافية "ثقيلة"، والهزيمة المذلة تصبح نتيجة طبيعية لهذه المأساة. لذا فعفوا لن اتحدث في فنيات الكرة ولن ألوم سذاجة زيدان الهجومية أو تراخي محمود فتح الله في الدفاع أو سوء خطة برادلي طالما سكًت على "رقص" رب البيت. فإذا كانت هذه هي طريقتكم في إدارة الأمور سنظلم أنفسنا بشدة إذا انتظرنا منكم خيرا للمستقبل. ملحوظة أخيرة: الثورة ليست صراعا بين ثوار وفلول أو المدنية والدينية ولكن هي ثورة جيل يحلم بالتغيير على أساس الكفاءات على جيل عاش على المحسوبية والاستقرار حتى ولو في القاع.