"طبق الأصل العلقة اللي فاتت، لا قلم زاد ولا قلم نقص" .. فمهما سيطر ريال مدريد وتألق نجومه، فوزه على برشلونة لن يتحقق إلا بشروط خاصة جدا، وليست أقل استثنائية من مدربه. فلم يكن جديدا علي أن أشاهد بنزيمة يهدر فرصة تلو الأخرى، ولم يكن غريبا علي أن أجد بيبي يسقط أرضا تاركا الكرة لميسي، ولم يكن مفاجئا لي أن يسجل الأرجنتيني من فرصة واحدة لاحت أمامه. ريال مدريد هو ثاني أفضل أندية العالم، ومستواه رائع ورهيب وكبير وجميل وخطير وكل أوصاف الدنيا قياسا بمانشستر يونايتد وأرسنال وتشيلسي وإنتر وميلان.. لكنه يلعب في دولة واحدة مع الفريق رقم واحد. وحين تواجه فريقا أقوى منك يجب أن تملك لاعبين بقوة خافيير زانيتي لا يرتكبون هفوات أو مهاجمين بفاعلية صامويل إيتو أو رود فان نيستلروي يسجلون دون أن تتح لهم فرصا تهديفية من الأساس. أما بيبي فسيظل مدافعا قويا وممتازا لكن كل مباراة له خطأ واحد يرتكبه مهديا المنافس فرصة حقيقية للتسجيل.. وبرشلونة ليس أي منافس. وكريم بنزيمة سيظل مهاجما يجيد التحرك دون كرة وجيد في ربط خطوط فريقه وخلق هجمات، لكنه يسجل هدفا واحدا من أصل أربع فرص تتاح له.. وأمام برشلونة لا تجود المباراة لك بأكثر من ثلاث فرص. ومارسيللو سيظل رشيقا في هجمات ريال مدريد، لكن خفيفا في الدفاع وزنا وقيمة.. وأي جناح بنصف مهارة يمكنه أن يتسبب للفريق الملكي في مشكلة من الناحية البيضاء اليسرى. أخطاء مارسيللو وبيبي وبنزيمة تكررت في ست مواجهات بين الفريقين على مدار عام، ولن تحل بمشاركة أربيلوا أو ألبيول أو حتى إيجواين لأنهم يفتقدون للعوامل نفسها، الفاعلية والتركيز المصحوب بكفاءة بدنية.
فمن ناحية يحتاج الفريق الملكي وبشدة إلى مهاجم من نوعية فان نيستلروي ودروجبا وإيتو ورونالدو وهنري، لاعب يسجل من نصف فرصة، فلن تفوز على برشلونة مادمت لا تقدر ثمن الفرص التهديفية القليلة التي تسنح لك. أما الحل الخططي البديل لكلاسيكو مساء الأربعاء، فالأفضل لمورينيو الاعتماد على رونالدو كرأس حربة مع وضع إيجواين على الجناح مثلما كان يفعل أليكس فيرجسون في المباريات المهمة لمانشستر مع روني. وفيما يخص النواحي الدفاعية، فإن مورينيو يمكنه علاج مشكلة غياب التركيز عن بيبي بأحد أمرين: الأول هو إضافة صفقة جديدة للخط الخلفي لريال مدريد. والحل الثاني هو تقليص الحمل من على كتفي بيبي وزيادة الواجبات الدفاعية على الخط الخلفي وظهيري الجنب. وأثق أن ريال مدريد سيتحسن كثيرا مع دخول نوري شاهين في التشكيل كون التركي الدولي قادر على منح الميرنجي سيطرة أكبر على الكرة في أي مباراة. كما سيضيف حميت ألتنتوب كثيرا لريال خاصة في المباريات الكبرى لأن لاعب بايرن ميونيخ السابق ملتزم خططيا وقوي لتقديم الدور الذي يفعله بارك جي سونج في مانشستر وديان ستانكوفيتش في إنتر. وحتى في الكلاسيكو المقبل الذي لن يلحق به شاهين ولا ألتنتوب للإصابة، يملك مورينيو زيادة القوة أمام ميسي لفريقه بالدفع ببيبي في الوسط مع إشراك راموس – وليس ألبيول - جوار كارفاليو في عمق الدفاع. أو يمكن لمورينيو الاعتماد على فابيو كوينتراو كارتكاز ثالث للضغط مبكرا على بوشكتس وانتزاع الكرة منه بطريقة أسرع.
وإن كانت هذه الطريقة أقل فاعلية لأن شابي هرنانديز وأندريس إنيستا لا يفقدان الكرة تقريبا، ومع الوقت ستقل قيمة ضغط كوينتراو وتزيد الأعباء على سامي خضيرا وشابي ألونسو أمام بيبي وكارفاليو مجددا. وفي الحقيقة هناك عامل ثالث افتقده ريال مدريد، وربما كان أهم من الفاعلية والتركيز الدفاعي، وهو الثقة بالنفس كالكبار وليس كفريق يعلم أنه يواجه منافسا أكثر منه قوة. فريال ذكرني بالزمالك في بعض مباريات القمة حين يتقدم الفريق الأبيض بهدف مبكر فيشعر لاعبوه بنشوة نتاج فخر بالتسجيل في مرمى خصم يعتقدون داخليا أنه أقوى منهم لأنه تفوق عليهم في جولات سابقة. هذه النشوة تجعل لاعبو الزمالك وريال مدريد يفقدون تركيزهم فتبدأ التمريرات الخاطئة ففقدان السيطرة على إيقاع اللعب، ثم تأتي الرقابة غير المحكمة فالأهداف المباغتة.. ويفلت الخيط من يد الفريق الأبيض. وأعتقد أن هذا الجانب سيتحسن جدا مع مورينيو خلال الموسم، بالنظر إلى تجربته السابقة خلال عامه الثاني مع إنتر ميلان وأمام برشلونة نفسه. فقد خسر رجال مورينيو أمام برشلونة في مرحلة المجموعات بدوري الأبطال بعرض هزيل جدا من النيراتزوري، قبل أن ينتفض الفريق الإيطالي ويحقق الفوز على المنافس نفسه في نصف نهائي البطولة. لكن المدرب البرتغالي لا يملك ترف الوقت هذه المرة إذ يجب أن يبدأ العلاج قبل لقاء الأربعاء لأن خسارة قاسية قد تؤثر سلبا على ريال مدريد في 2011-2012. أخيرا، فضلت الحديث أكثر عن بعض الجوانب الفنية الخاصة بتكوين الفريقين أكثر من خطط اللعب نفسها لأن اللقاء الأول في الموسم الجديد لم يشهد الكثير من الأفكار في ظل فقدان الفريقين للياقة الكلاسيكو. كما تناولت ريال مدريد أكثر في حديثي لأن برشلونة لم يخض معسكر إعداد طويل وفضل مدربه جوسيب جوارديولا خوض ذهاب السوبر بحسابات لم أشعر منها بأني قادر على قياس موسم البلوجرانا.