تميمة حظ اشتراها رئيس شعر بغيرة من نجاحات عدوه اللدود، ومنحها لمدرب ذو ذكاء اجتماعي، فعرف جيدا كيف يستخدمها برغم الظروف غير المهيئة لذلك.. فكانت النتيجة فوز ميلان بالدوري الإيطالي وعودته لمنصات التتويج بعد غيبة دامت لأربعة أعوام طويلة. التميمة هي زلاتان إبراهيموفيتش النجم السويدي، والرئيس سيلفيو برلسكوني مالك ميلان، والمدرب الذكي كان ماسيمو أليجري.. أبرز ثلاثة عناصر أهدت الروسونيري اللقب الثمين. كُلُ لعب دورا رئيسيا في إعادة الاسكوديتو لخزائن ميلان بعد سبعة أعوام، وإن كان الفضل الأكبر يعود لأليجري الذي واجه صعوبات عديدة وكبيرة. أليجري واجه ضغوطا من نجوم مترهلة مثل رونالدينيو، وعانى غيابات تؤثر على أي فريق كما حدث بإصابة أندريا بيرلو وبيبو إنزاجي، واستغل كل أداة أتيحت له لتحقيق هدفه المنشود. ويستعرض FilGoal.com أبرز النقاط التي جعلت من ميلان بطلا للكالتشيو للمرة ال18 في تاريخ النادي العريق. تميمة إبرا أينما حل إبرا جلب معه لقب الدوري المحلي لفريقه .. حدث ذلك مع أياكس أمستردام ثم يوفنتوس ومرورا بإنتر ميلان وحتى برشلونة ومن بعده تكرر الأمر مع الروسونيري. تميمة الحظ السويدية جلبت لأياكس لقبي دوري متتاليين، ثم أهدت يوفنتوس درعين – تم سحبهما بقرار محكمة – ووضعت إنتر ميلان على قمة إيطاليا أربعة مواسم متتالية. وحين تكرر الأمر مع برشلونة وفاز البلوجرانا بدرع الليجا في أول مواسم إبرا، حاول برلسكوني أن ينال من الحظ جانبا. واستغل برلسكوني تردي العلاقة بين إبرا والمدير الفني لبرشلونة جوسيب جوارديولا، وخطف اللاعب في صفقة أظهرت كم هو محنك نادي ميلان في الفوز بالنجوم بأسعار زهيدة. فاللاعب الذي انتقل من إنتر إلى برشلونة ب60 مليون يورو، حط الرحال في ميلان مطلع الصيف الماضي مقابل 25 مليون يورو يتم تسديدهم على خمس سنوات! واتبع ميلان الاستراتيجية نفسها في ضم روبينيو من مانشستر سيتي، ليدعم برلسكوني صفوف الروسونيري بثنائي من طراز متميز يستطيع منافسة إنتر ميلان وقائمته المتوجة بالثلاثية. إبرا منح ميلان قوة كبيرة في خط الهجوم، فحتى البطء الذي يعد من سمات اللاعب السويدي كان ميزة مع ميلان الذي اعتاد عدم بناء هجماته بسرعة. فافتقار ميلان لبناء هجمات سريعة كان عيبا في ميلان، حله وجود إبراهيموفيتش الذي يجيد التصرف بالكرة والعثور على حلول من دون مساعدة رفاقه بزيادة عددية أو مساندة هجومية. وسجل إبرا مع ميلان 14 هدفا في مختلف البطولات، وصنع 11 هدفا لرفاقه في الفريق.
أما روبينيو فمنح ميلان سرعة كان الفريق يفتقدها بسبب بطء عناصر خط وسطه مثل كلارنس سيدورف وماتيو فلاميني وحتى أندريا بيرلو وماسيمو أمبروسيني. ولعب روبينيو دورا حيويا في تسريع هجمات ميلان من وقت لأخر، ومساعدة إبرا على إيجاد حلول مهارية منحت الروسونيري أهدافا حاسمة من هدف في شباك إنتر خلال جولة الذهاب. عودة نيستا السبب الثاني وراء تتويج ميلان بعد فترة الانتقالات الصيفية القوية هو عودة أليساندرو نيستا لخط دفاع الروسونيري. نيستا تغيب عن ميلان موسمين بسبب إصابات متكررة وقوية في ظهره كادت تعيقه عن العودة لكرة القدم من جديد. لكن العلاج المكثف الذي خضع له اللاعب المعتزل دوليا أعاد له القدرة على المشاركة في أغلب مباريات ميلان، ليلعب دورا بطوليا في إهداء الاسكوديتو لعشاق اللونين الأحمر والأسود. شكل نيستا مع تياجو سيلفا ثنائي قلب دفاع قوي أشبه بما يملكه مانشستر يونايتد في نمنيا فيديتش وريو فرديناند، أو برشلونة في كارليس بويول وجيرارد بيكي. ثنائي هو مزيج من القوة والرشاقة المتمثلة في قدرات سيلفا، مع خبرة وقراءة حكيمة للملعب تواجدت في دفاع ميلان بسبب خبرة نيستا ذو ال35 عاما. وبفضل هذا الثنائي، استقبلت شباك ميلان 23 هدفا فقط في 36 مباراة بالكالتشيو، بعكس إنتر الذي تلوث مرماه ب40 هدفا في العدد نفسه من اللقاءات. ذكاء أليجري ليس كل مدير فني كفء قادر على النجاح في ميلان.. لهذا التقدير الذي يناله أليجري حاليا يبدو عظيما بالنظر لأنه تٌوج مع الفريق في موسمه الأولى على غرار أريجو ساكي وفابيو كابيللو. ميلان له خصوصيته، فالفريق يشمل لاعبين لهم كلمة مسموعة أكثر من أي مدرب بالنظر إلى أنهم قضوى داخل جنبات النادي أعواما طويلة تصل إلى 16 سنة في حالة ماسيمو أمبروسيني. فالفريق لم يتغير قوامه منذ أعوام طويلة، ولذلك المدرب الجديد عليه يحتاج لوقت حتى تصبح كلمته مسموعة داخل النادي، بحسب ما صرح به كابيللو قبل بداية تجربة أليجري مع ميلان. كذلك يعاني المدرب الذي يقود ميلان من ضغوط كبيرة يضعها على كاهله برلسكوني، الذي يرغب دوما في مشاهدة كل اللاعبين ذوي القدرات الهجومية في التشكيل الأساسي للفريق! وكان أحد أسباب رحيل ليوناردو عن ميلان في الموسم الماضي هو رفضه تنفيذ إملاءات برلسكوني فيما يخص تشكيل الروسونيري خلال المباريات الكبرى.
لكن أليجري تعامل بذكاء مع كل هذا، ولم يدخل في صراعات مع لاعبين ولا أفراد إدارة النادي الذي تأسس عام 1899. غير أليجري أدوار لاعبي ميلان لتحقيق أقصى استفادة من أدوات الفريق، خاصة بعد قراره الشجاع بتمجيد نشاط رونالدينيو في ظل رفض البرازيلي الساحر الانصياع للحياة الرياضية. اعتمد أليجري في بداية الموسم على بيرلو في منصب صانع اللعب، وحتى يعفيه من المهام الدفاعية وضع خلفه أمبروسيني وجينارو جاتوزو، واعتمد على سحر إبرا في المقدمة. وحقق أليجري على مدار الموسم أقصى استفادة من كافة عناصر ميلان إذ دفع ب30 لاعبا في 36 مباراة ضمن جولات الكالتشيو. في بداية الموسم كان بيرلو ورقة ميلان الرابحة، ثم جاء الدور على إنزاجي قبل أن يلعب ماريك يانكلوفسكي مع إصابة زامبروتا، ثم كان باتو أهم جنود أليجري في الملعب. وعقب أليجري بعد التتويج باللقب "هذا الاسكوديتو أهديه لكل الفريق، لمن شارك في مباراة واحدة أو خاض 36 لقاء معنا من دون راحة". هدايا الكريسماس قبل حلول الشتاء في إيطاليا، بدأت الصعوبات تواجه ميلان. فبيرلو وأمبروسيني تعرضا لإصابتين طويلتين، ورونالدينيو لم يقبل دور البديل وإبرا شعر بالإرهاق من توالي المباريات. أزمة إبرا كان سببها الرئيسي أن ميلان يطلب منه صناعة اللعب ومساعدة زملائه وإحراز الأهداف، وذلك لأن إنزاجي أصيب ورونالدينيو يطلب الرحيل والعودة إلى بلاده البرازيل. ولذلك كان على مالك ميلان مد يد العون لأليجري، والمثير أن برلسكوني أنفق بسخاء مع مدرب كالياري السابق خلافا لعادته. ربما لشعوره بأن اللقب قريب فعلا من فريقه هذا الموسم. وكانت كلمة السر التي أعادت ميلان لطريق المنافسة بعد خسارة أمام روما وتعادلين مع أودينيزي وليتشي هي شراء مارك فان بومل من بايرن ميونيخ وأنطونيو كاسانو من سامبدوريا. وبعدما استقبلت شباك الروسونيري 18 هدفا في 21 مباراة، نجح فان بومل في منح دفاع ميلان السكينة مجددا ليهتز مرمى الروسونيري خمس مرات في 15 مباراة لعبها الهولندي المخضرم. وعدل أليجري طريقة لعب ميلان للتناسب مع وجود فان بومل وغياب بيرلو. اكتفى أليجري بارتكاز دفاعي وحيد بدلا من اثنين، ووزع دور الثاني على ثنائي أحد أفراده يتحلى بقوة دفاعية مثل جاتوزو، والأخر يملك كرة جيدة في قدميه ولعب سيدورف هذا الدور. في حين منح كاسانو ميلان سلاسة كبيرة في صناعة الأهداف، وكان يشارك كبديل ليحافظ على الكرة بين قدميه ويتحكم لفريقه في إيقاع اللعب بنجاح عوض غياب رونالدينيو وكاكا. وبهذه التوليفة سحق ميلان جاره إنتر بثلاثية نظيفة، وعبر الروسونيري حاجزا تلو الأخر حتى وصل أخيرا وبعد طول انتظار إلى منصة تتويج الكالتشيو.