أعاد جوزيه مورينيو إنتر ميلان إلى منصات التتويج الأوروبية عام 2010 بفضل طريقته الدفاعية، وامتد تأثيره إلى جميع القارات لتغلب الطرق الدفاعية على أغلب منتخبات كأس العالم 2010. وأثبتت الجولة الأولى من دور المجموعات لكأس العالم 2010 أن الكرة لم تعد مجرد مهارات فردية خارقة أو قدرات بدنية مهولة للاعبين، ولكنها عادت إلى عصر التكتيك المحكم والالتزام الدفاعي. قد يظن البعض أن ندرة التهديف في الجولة الأولى من المونديال يعود إلى تحفظ المنتخبات من مفاجآت ضربة البداية وأهميتها، ولكن الأمر يعود إلى الطرق التي اتبعتها كافة المنتخبات الصغيرة والكبيرة. فالجولة الأولى من مونديال 2010 شهدت تسجيل 25 هدفا بفارق ما يقرب من 15 هدف عن النسخة الماضية من نفس البطولة التي سجل خلالها 40 هدفا في جولتها الأولى. فالمنتخبات الكبرى المدججة بالنجوم وجدت صعوبة كبيرة في اختراق دفاعات فرق أقل كثيرا على مستوى الأسماء أو المهارات الفردية بل وسقطت أحيانا في فخ الخسارة أو التعادل بسبب الطرق الدفاعية. ولعل اعتماد منتخبات كالبرازيل وفرنسا والبرتغال وإسبانيا على طريقة 4-2-3-1 لتأمين منتصف الملعب والاعتماد على القادمين من الخلف لخداع دفاع المنافسين يؤكد اختلاف طريقة تفكير المدربين. فالطريقة التي اتبعها مورينيو في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم باتت الطريقة الأكثر استخداما في المونديال، بل أن تغيير مراكز بعض المهاجمين إلى خط الوسط بات أمرا متكررا في كثير من المنتخبات.
فانتشار الطرق الدفاعية لن يقتل متعة كرة القدم كما يعتقد البعض، ولكنها ستخلص الكرة من معجزات "ميسي ورنالدو" الفردية وستنقلهم إلى متعة خطط اللعب والتكتيك فإسبانيا بطل أوروبا سقطت أمام سويسرا رغم السيطرة المطلقة على المباراة، كما فشلت إنجلترا وإيطاليا في اختراق حواجز أمريكا وباراجواي الدفاعية القوية. حتى البرازيل عانت بشدة أمام التنظيم الدفاعي لكوريا الشمالية التي كادت أن تحدث أكبر المفاجآت في المونديال. وبفضل تلك الطرق الدفاعية اختفت العديد من الفوارق بين منتخبات كرة القدم حول العالم وباتت جميع المستويات متقاربة إلى حد كبير، وهو الأمر الذي بدأ في الظهور فعليا منذ بداية تصفيات المونديال حيث أحرجت الكثير من المنتخبات الصغرى فرق كبيرة بل وتأهل البعض على حساب أسماء كانت تستحق التواجد في المونديال. فتغلب مصر – بطريقة دفاعية - على إيطاليا في كأس القارات لم يكن مجرد مفاجأة بل كان تجسيد للظاهرة التي اكملتها أمريكا بإسقاط إسبانيا بثلاثية في قبل نهائي نفس البطولة. الأمر نفسه هو ما جعل منتخبات مثل سلوفينيا وسلوفاكيا واليونان تتأهل للمونديال على حساب السويد والتشيك وروسيا والنرويج التي تعتمد على الهجوم بشكل أكبر. فانتشار الطرق الدفاعية لن يقتل متعة كرة القدم كما يعتقد البعض، ولكنها ستخلص الكرة من معجزات "ميسي ورنالدو" الفردية وستنقلهم إلى متعة خطط اللعب والتكتيك. ملحوظة أخيرة: من سيفوز بكأس العالم الجارية هو المنتخب الأكثر قدرة على الحفاظ على مرماه من الهجمات المرتدة.