"عندما جاء الحضري إلى الأهلي كان رجلا فقيرا" .. "يجب أن نمحو الحارس من الصور التي نحتفظ بها لتتويجنا بالبطولات" .. من أبرز تصريحات البرتغالي مانويل جوزيه عام 2008 بعد رحيل "الهارب" أو "الحارس المظلوم" عن الأهلي. هذه التصريحات لا أنساها أبدا ولا تفارق مخيلتي خلال متابعتي لحرب التصريحات التي اندلعت مؤخرا بين نجمي الأهلي السابقين "جوزيه من جهة والحضري من جهة أخرى" خصوصا أن هذه التصريحات كانت عبر إحدى القنوات التلفزيونية والتي تحدث فيها المدير الفني باللغة الإنجليزية التي نفهمها جميعا. يومها تعجبت بشدة ليس لأن الحضري لا يستحق اللعنات لكن لأن جوزيه بدا مصريا للغاية في هذه اللقطة .. بدا شخصا امتلأ قلبه بالحقد والغيظ وافتقد البرود الذي يميز الأوروبيين عنا كمصريين والطابع المميز لهم بفصل مشاعرهم الشخصية تماما عن العمل سواء بالحب أو الكره .. بل دعوني أقول إنه كان فاصلا من "النفسنة". فمهما فعل الحضري في الأهلي عام 2008 لم يكن منطقيا أبدا أن يطلب أحد ب"محو صورته" من ألبومات الفريق، فرغم أن دور الرجل كان بارزا في بطولات إفريقية ومحلية عدة إلا أن عقابه الطبيعي كان المحو من البطولات المقبلة وليست الماضية. وتناسى جوزيه وقتها قصة صعود أعظم لاعب كرة قدم برتغالي وهو إيزبيبو والأعظم على الإطلاق البرازيلي بيليه وكيف كانت نشأتهما شديدة الفقر، وحتى على مستوى بخلاء كرة القدم، يعد البرتغالي لويس فيجو من أشهر اللاعبين المحبين للمال لدرجة عدم إنفاقه على أسرته بحسب ما نشرت مجلة "ورلد سوكر" العالمية العام الماضي.
هذه الواقعة أذكرها الآن ليس للهجوم على جوزيه أو للدفاع عن الحضري لكن مجرد لأنبه البعض أن طريقة "ملاك أم شيطان" ليست المثلى لتقييم شخصية المدرب البرتغالي. بعض الأهلاوية رفعوا جوزيه إلى عنان السماء وصنعوا منه أسطورة لكنهم تناسوا أنه لم يفعل ذلك من أجل عيونهم أو من أجل "الفانلة الحمراء" التي حلم بتدريبها منذ الصغر لكنه فعل ذلك لأن الأهلي كان المكان الوحيد القادر على تزويده بالمال والبطولات والمجد في آن واحد. وأعرف أن مدربا مثل جوزيه كان من الممكن أن يتولى تدريب أندية خليجية أغنى من الأهلي عشرات المرات لكن من يضمن في الخليج البقاء لأكثر من 6 أشهر ومن يضمن اللعب ضد منافسين قاريين ومحليين امكاناتهم أقل بكثير. لكن في الوقت ذاته ليس كل مدرب يمكنه استغلال الظروف المحيطة به مثلما فعل جوزيه وليس كل مدرب يمكنه المخاطرة هجوميا كما اعتاد جوزيه أن يفعل. باختصار شديد نجاح جوزيه كان جزء من منظومة نجاح عاشها الأهلي بفضل إدارته ولاعبيه وظروف منافسيه .. وأيضا بسبب تألق الحضري أحيانا.
الحضري وجوزيه وجهان لعملة واحدة أما المنزعجين بسبب تصريحات جوزيه المتجاوزة في حق الإعلام أو اللاعبين المصريين من خلال مجلة "سوبر" الإماراتية أقول لهم أن جوزيه لم يكن حسن السير والسلوك في أي يوم وحركاته خلال المباريات تشهد بذلك واعتراضاته على الحكام حينما يظلمون فريقه "وتطنيشه" حينما يجاملونه. وفي رأيي الشخصي أن معاملة جوزيه للحضري قبل هروبه أو رحيله – اختر ما تشاء – كانت أحد الأسباب التي دفعت الحارس لاتخاذ قراره وليس لأنه خائن كما روج البعض .. وبالنسبة للاعب بثقافة حارس مصر الدولي من غير المستبعد أن يكون حسبها بطريقة أفعلها أنا أو أنت مع رئيسنا في العمل كل يوم وهي "دعني أتركهم ليعرف ذلك المغرور قيمتي". الحضري وجوزيه وجهان لعملة واحدة .. كلاهما بحث عن مصلحته .. فلا الأول ضحى بعروض الاحتراف من أجل الجماهير ولا الثاني حاول بناء فريق جديد من أجل الجماهير .. والاثنان يتشدقان بحبهما وعشقهما للجماهير حتى الآن رغم أن تصرفاتهما لا توحي بذلك مطلقا ! كفى إثارة لملفات "جوزيه والحضري" لأن كلاهما لا يصلح أبدا للعب دور المظلوم.