مباراة موريتانيا كانت ضعيفة، ولكنك قد تبدي إعجابك بأداء بعض اللاعبين حتى وإن كانت المباراة منتهية قبل أن تبدأ، وهنا لا أقصد إعجابك بمهارات لاعب أو مساهمته في فوز فريقه ولكن عن ثقافته الكروية المكتسبة من عدة عوامل أبرزها "الاحتراف الحقيقي". قد تعتقد أن مصطلح الثقافة الكروية أو الاحتراف الحقيقي ألفاظ مستهلكة، ولكن لا تتسرع في الحكم فهما من أهم مميزات اللاعب. كشفت المباراة عن ثقافة كبيرة يملكها اللاعبون المحترفون وتحديدا حسام غالي ومحمد زيدان بالإضافة لأحمد حسن بالطبع. وأعتقد أن المقياس في تفوق غالي وحسن وسط الملعب ليس المهارة، ولكن وعيهما بمهام المركز في وسط الملعب وكيفية التغطية الدفاعية والمساندة الهجومية. كلاهما استفاد كثيرا من الرحلة الاحترافية الموفقة التي بدأها غالي منذ أربعة أعوام، وحسن منذ تسعة أعوام، هذه الرحلة التي شاهدنا أثرها على اللاعبين ساهمت بشكل كبير في جرأتهما في التعامل مع الكرة وألا يكتفيا بالتمرير العرضي. لاحظ الهدف الثاني للمنتخب، كيف شاهد حسن الملعب ومرر كرة طولية لغالي الذي لم يتوان عن تهيئة الكرة ببساطة والتمرير عرضية في المكان الصحيح ويخطأ المدافع الموريتاني في تشتيتها ليودعها مرماه، هدف بسيط لا يحمل مراوغات ولا تمريرات صعبة ولكن به الكثير من الرؤية الصحيحة للملعب.
كشفت المباراة عن ثقافة كبيرة يملكها اللاعبون المحترفون وتحديدا حسام غالي ومحمد زيدان بالإضافة لأحمد حسن بالطبع كذلك زيدان الذي أصبح يملك خبرة كبيرة في عالم الاحتراف بعد قضاء ثمانية مواسم ساهمت في تكوين مهاجم يستطيع توقع أخطاء المدافعين واستغلال الفرص، وإن اتسم أداؤه مع المنتخب بالتراخي عن الذي يقدمه مع ماينتس. لاحظ الهدف الأول، وما به من مباغتة وقوة وتوجيه على المرمى ليعجز الحارس الموريتاني عن التصدي للكرة التي لا تملك أيضا فلسفة أو مهارات ولكنها أشياء يستطيع اللاعب اكتسابها. ربما تكون المطالبة بزيادة القاعدة الاحترافية مطلب مستمر ولكن المطالبين لا يفقهون الفائدة من الاحتراف فلا توجد فائدة في احتراف لاعب بلغ ال25 من عمره، فاحترافه لن يتعدى البحث عن أموال تؤمن مستقبله، ولكن لن يتطور مستواه إلا في حالات نادرة. نتصور أن اللاعب بمجرد احترافه سيعود لاعبا من كوكب آخر، ولكن يحمل هذا المفهوم قصورا في الفكر، فاللاعب يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل ليستفيد من التجربة. كل البلاد صاحبة الدوريات الضعيفة تصدر لاعبيها في عمر لا يتجاوز ال17 عاما مما يجعل هؤلاء اللاعبين يغزون أوروبا في مقتبل مشوارهم الكروي وليس في نهايته. وأعتقد أن التجربة ليست بالمستحيلة، فقد قدمت كوت ديفوار نموذجا جيدا في هذا المجال ساعدها في امتلاك منتخب قادر على مناطحة الفرق العالمية، ليس ذلك فحسب، بل يملك أسماء مؤثرة على الوسط الاحترافي العالمي مثل ديدييه دروجبا وكولو توري وإيمانويل إيبوي.