يقولون إن ال"Boxing Day" بدعة إنجليزية حديثة الغرض منها تسويق المباريات والحصول على عوائد البث وبيع التذاكر بشكل أكبر. وهو الأمر الذي ينفيه تماما تاريخ أول Boxing Day. عام 1957، أي قبل سنوات عديدة من دوامة حقوق البث وظهور علم التسويق الرياضي وكل تلك المظاهر الخاصة الكرة الحديثة. ظهرت للمرة الأولى، تقاليد، الBoxing Day. الأسطورة تقول إن "يوم الصناديق"، يوما تعطي فيه العائلات الكبيرة، خدامها والعاملين لديها هدايا من أجل توزيعها على عائلاتهم، وأنه يُعرف أيضا بعيد القديس ستيفن وتم الاعتراف به عيدا رسميا في بريطانيا العظمى عام 1871. ولكن رياضيا وخاصة كرويا، ما الذي يجعل الاتحادات الرياضية في إنجلترا وويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية، مُجبرة على إقامة مباريات كرة القدم والرجبي بهذا الشكل المضغوط، بواقع ثلاث مباريات في أقل من أسبوع. الحرب العالمية الأولى البداية الفعلية لهذا اليوم الكروي، كما يرويها عام 1983 إيرني وليامز الجندي السابق في الجيش البريطاني، كانت مع الحرب العالمية الأولى. يقول وليامز: "البداية كريسماس عام 1914، عقب انطلاق الحرب العالمية الأولى بشهور، وتحديدا خلال هدنة عيد الميلاد". هدنة عيد الميلاد هو مصطلح استخدمه المؤرخون لوصف التوقف غير الرسمي عن إطلاق النار بين القوات البريطانية والألمان إبان الحرب العالمية الأولى. ويتابع وليامز "اتفق الجنود المسيحيون فيما بينهم على وقف إطلاق النار تمجيدا لروح يسوع ناشر السلام، وخلال انشغالنا على الجبهة الغربية المتاخمة للحدود مع ألمانيا، فجأة وجدنا كرة تتقافز أمامنا". ويضيف وليامز "أقسم بإنني لا أعلم من أين أتت، هل أتت من جانبنا أم من جانبهم، فقد كان كل معسكر مشغول بمداواة جرحاه ودفن موتاه". ويكمل وليامز " وجدنا أنفسنا نلعب مباراة مع الألمان، مباراة اشترك فيها المئات من الجانبين، مباراة لا تشبه ما تراه حاليا من مبارايات، مباراة لم يسجل فيها أهداف تلعب بأحذية ثقيلة وبين فريقين يعلم كل منهما أن ما يفصلهما عن العود للفتك ببعضهما البعض محض أيام قليلة". ويؤكد وليامز "فقط ظللنا نتناقل الكرة فيما بيننا، ألمان وإنجليز، كنت في ال19 من عمري ومازلت أتذكر الأحداث كأنها حدثت منذ أيام".
حقيقة تاريخية العديد من الأصوات تؤكد أن تلك المباراة مجرد رواية خيالية، مثلها مثل ال"بوستات" الكثيرة التي انتشرت على فيس بوك لإثارة مشاعرك سعيا للمزيد من إعادات النشر. ولكن، الدكتور أيان أدامز، أستاذ التاريخ في جامعة لانشستر البريطانية يؤكد أن الواقعة سليمة 100%. ويدلل أدامز على كلامه بقول "حدث فيضان في أحد الأنهار القريبة من خنادق القوات في تلك الفترة لتغمرها، الأمر الذي اضطر الجنود من الجانبين إلى الخروج لحفر خنادق جديدة". وتابع أدامز "الأمر جاء بالتزامن مع أعياد الميلاد، ليجد الجنود أنفسهم في التأخي منعتهم من القتال وجها لوجه في تلك الظروف، حدث تبادل للأدوات والهدايا، ووجدنا بالفعل بعد المتعلقات الألمانية مع جنود بريطانيا عقب عودتهم". وأضاف أدامز "كما أن الجيش البريطاني كان ضمن صفوفه العديد من اللاعبين المحترفين، أشهرهم ويلفريد بارتروب الذي بدأ مسيرته بثلاث مباريات فقط مع ليفربول قبل أن تندلع الحرب ويجد نفسه على الجبهة ليموت قبل نهايتها بأربعة أيام". ويوضح أدامز "وكلها شواهد على أن هناك مباراة كرة قدم أقيمت بين الجانبين، كما العديد من المنافسات الرياضية التي شهدها ذلك اليوم". لماذا إنجلترا؟ منذ عام 1889 والعديد من الأندية الإنجليزية على رأسها بريستون نورث وأستون فيلا، تتبع تقليدا بلعب مباراة مع المنافسين في يوم الكريسماس بشكل ودي يخصص إيراد تذاكرها لشراء الهدايا للأطفال الفقراء في كل مدينة. ولكن توقف ذلك التقليد بسبب الحرب العالمية الأولى وتوجه أغلب اللاعبين للجيش من أجل خوض غمارها، وانشغال الجميع بإعادة البناء قبل نشوب الحرب العالمية الثانية والإنشغال عقب أن وضعت أوزارها بإعادة البناء مجددا. فجاء الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم عام 1957 ليقرر إعادة إحياء ذلك التقليد ولكن بشكل احتفالي، شكل يجعله يوما لا يُنسى بربطه بتلك المباراة التي تحدثنا عنها في الأعلى. العديد من لاعبي كرة القدم العائدين من المشاركة في الحرب العالمية أقترحوا فكرة إحياء ذكرى مباراة 1914 في 26 ديسمبر من كل عام، وهو الأمر الذي رحب به الاتحاد الإنجليزي. وتتطور الكرة وتتطور أدواتها وتبدأ الأندية في التعامل مع تذاكر المباريات على إنها مصدر من مصادر الدخل لها، وتظهر حقوق البث التلفزيوني وتصبح وسيلة لإمداد جميع عناصر المنظومة بالمال، ليتخذ الBoxing Day رويدا رويدا شكله الحالي.