من بين 21 لاعبا خاضوا 600 دقيقة في كأس العالم 2014، كان ليونيل ميسي الأقل ركضا بمعدل بلغ 63 كيلو متر. إحصائية قد تمر عليك مرور الكرام ولكن، عليك أن تركز معها جيدا، فبفضلها ستتمكن من رسم ملامح خطة برشلونة والأرجنتين لمواسم مقبلة. فليونيل ميسي بمجهود أقل نتيجة تقدم السن، مازالت قدرته الإنتاجية أكبر حيث كان هو أكثر لاعب صناعة للفرص والأكثر في إنهاء المرواغات بنجاح خلال المونديال الأخير. ولا يُنسى إنه أمام أتليتكو مدريد في دوري أبطال أوروبا حقق معدل ركض مساويا لما حققه كورتوا حارس مرمى بطل الليجا! وهو الأمر الذي يجعل التطور الجديد لميسي يحدث بتحوله من ماكينة إحراز أهداف لماكينة صناعة أهداف. ريكلمي وليس مارادونا قبل أي شيئ، دائما ما كانت تتم مقارنة ميسي بدييجو أرماندو مارادونا أسطورة الرقم 10 في الأرجنتين، وهى المقارنة التي لم تعد منطقية. مارادونا منذ ظهوره في الملاعب وحتى اعتزاله، كان اللاعب الذي يقطع الملعب طولا وعرضا مراوغا ومسددا ومحرزا للأهداف، اعتاد دائما على لعب دور النجم الأوحد. ميسي في ال27 من عمره لم يعد قادرا على الأداء كمارادونا وهو الأمر الذي تكشفه الإحصائية التي تم ذكرها في بداية التقرير، لتتحول المقارنة تدريجيا من مارادونا إلى ريكيلمي. ريكيلمي نموذج أرجنتيني ناجح للاعب تخطى ال36 من العمر، ولكنه مازال منتجا ومؤثرا لدرجة دفعت بوكا جونيورز أكبر أندية الأرجنتين للاستماتة في محاولة إقناعه بالتجديد، إلا أنه فضل العودة لناديه الأول أرجنتينوس جونيورز الذي غادره منذ 19 عاما.
ميسي في المونديال 46 مراوغة ناجحة صنع 23 فرصة 4 أهداف ولكن حتى تصبح أيقونة مؤثرة مثل ريكيلمي، عليك مخيرا قبل أن تكون مجبرا أن تقوم بتغيير استراتجية لعبك للكرة. وهو الأمر الذي ينقلنا للنقطة التالية والتي فطنت لها إدارة نادي برشلونة الإسباني. لماذا نيمار وسواريز؟ مازال ليونيل ميسي بالأرقام والإنجازات اللاعب الأفضل في العالم، والذي لن يتخلى عنه العملاق الكتالوني برشلونة مهما كلفه الأمر. ولكن، كيف سيتم التعامل مع إنخفاض المجهود البدني الإضطراري لميسي، مع تحقيق الاستفادة الكاملة من قدراته؟ الإجابة في نقطتين، تغيير دوره داخل الملعب تنفيذا لنموذج ريكيلمي والتعاقد مع نيمار وسواريز. كونه لم يعد قادرا على الركض بالكرة ومرواغة المدافعين ووضع الكرة داخل الشباك، بات على ميسي أن يتحول لريكيلمي، ولمن لم يرى ريكيلمي يمكنه استبداله بأندريا بيرلو. دور ميسي سينحصر بتواجده باستمرار في الثلث الثاني من الملعب، القليل من الركض والمراوغة مع الكثير من التمريرات المتقنة والبينية والطولية التي تصل بزملائه لمرمى الخصوم. وحتى لا يفتقد خط هجوم برشلونة لعنصري السرعة والقوة ومن أجل تحقيق الاستفادة القصوى من قدرات ميسي، جاء التعاقد مع نيمار ومن بعده سواريز. المهاجم البرازيلي بما يمتلكه من سرعات وقدرة على المرواغة سيتمكن من استغلال تمريرات ميسي المتقنة، بمعاونة من سواريز الذي لا يخطئ المرمى إلا نادرا، لهز شباك الخصوم وفرض السيطرة الكتالونية.