لن يستفيد أحد مما يحدث فى مصر الآن، فلن يتمكن الإخوان وحدهم ولو انضمت إليهم -مؤقتاً- القوى والتيارات الإسلامية الأخرى، من حكم مصر. ولن تنجح القوى المدنية مجتمعة من إزاحة الإخوان والسلفيين وغيرهم من التيارات الإسلامية وإعادتهم إلى السجون والمنافى وتحت الأرض مرة أخرى، بعد أن ذاقوا حلاوة الحكم ومعنى القوة والحرية، وإذا سعى كل طرف لتحقيق هذا الهدف، فلن ينجح أحد وسنذهب جميعاً إلى جحيم الفوضى والانهيار، وستغرق مصر فى أنهار الدم والتخلف والمجاعة، وعلى الأطلال سيجلس الجميع وأياديهم وأقدامهم ملوثة بدماء هذا الشعب «الغلبان» على مائدة التفاوض ليجروا مصالحة تنتهى بالقبلات والصور التذكارية أمام عدسات الكاميرات لنبدأ متأخراً كعادتنا وكأن شيئاً لم يكن، فإذا كانت النهاية معروفة فلماذا لا نتوقف عن هذا العناد والإقصاء والصراعات الشخصية ونبدأ من الآن وفوراً دون أى تباطؤ من غير أن نسأل من المخطئ ومن المصيب، دعونا نبتعد عن نقاط الاشتعال ومواطن الفتن ونسأل: كيف ننقذ مصر من شرور أخطائنا وانتماءاتنا الضيقة. أفتش فيما يحدث عن شعار الإخوان المسلمين «الإسلام هو الحل» الذى قاتلوا عليه قبل الثورة، فلا أجد له أثراً قولاً أو فعلاً، فما يحدث من صراع وقتل وكذب وسباب وتخوين من كل الأطراف ليس له أى علاقة بالإسلام، محاصرة الآمنين وإرهابهم تحت أى مسمى أو مبرر، فى مسجد أو استوديو، ليس له علاقة بالإسلام، وحرق مقرات الأحزاب والصحف وسحل المواطنين ليس له أى علاقة بالإسلام، وإلقاء اتهامات الخيانة والعمالة والكفر دون أى دليل لخداع الناس ليس له أى علاقة بالإسلام. هل السباب الذى نسمعه كل يوم على ألسنة الدعاة على القنوات الدينية هو الإسلام؟! كل مجموعة فى مصر تستطيع تكوين ميليشيات ومحاصرة من تشاء، والعنف لن يولد إلا عنفاً مضاداً، فهل هذا هو الإسلام؟ هل هذا هو الدين الذين تدعون له وتريدون أن يسود؟! لماذا لم نر أثراً لهذا الإسلام الذى نؤمن به على أرض الواقع، لم نسمع خطاباً يدعو للمحبة والقول الحسن، لماذا ينحاز الدين إلى السلطة ظالمة أو مظلومة، لماذا يسعى إلى التفريق لا التجميع؟ قديماً كانوا يقولون إنهم لا يتمكنون من طرح رؤيتهم الإسلامية لأن السلطة تقصيهم، ولكن الآن أنتم السلطة ولكن تمارسون دور المعارضة، وكما نجحتم فيما هو مختلف عليه بقوة السلطة، فلماذا لا تسعون لما هو متفق عليه؟ نحن فى شوق إلى رؤية الإسلام الذى نؤمن ونعتقد به على أرض الواقع لأن الذين بدأوا التشكك والتسرب من هذا الدين وخاصة من الشباب يتزايدون، فدعونا نلحق مصر قبل فوات الأوان وتعالوا إلى كلمة سواء وليكن عنوان عودتنا: مصر هى الحل!