فى تلك الليلة الباردة حسم «رمضان» (38 سنة) أمره، لا ينقصه سوى رأى ابنه «محمد» (16 سنة)، هو شريكه فى الضرر، وصاحب حظ وافر من سمعة والدته السيئة.. نظر الرجل مباشرة فى عينى الفتى المضطرب وقال: «هنقتل أمك يا محمد.. عارى وعارك، هنغسله بدمها النجس». لم يرد الابن، امتدت يده وسحبت ساطوراً كبيراً وأخفاه فى «شال» أبيض كان يلفه حول رقبته. كانت الخطة معدة مسبقاً، تحرك الأب ونجله إلى مكتب محامية تدعى «عفاف» بقريتهم «كفر المنازلة» بدمياط، التى سبق أن طالبت الأب بالحضور لتطليق زوجته «بسمة» (33 سنة) بشكل ودى قبل أن تضطر لإقامة دعوى خلع.. وصل الأب فى الموعد، كان الظلام يهبط ثقيلاً، أدرك الأب أنه ستار نهائى يسدل على أسرته للأبد، فقال لابنه وهما يصعدان السلم: «عليه العوض فينا يا محمد هنموتها وهنتعدم.. بس كده أحسن». فى مكتب المحامية، التى كانت تؤدى عملها بالشكل الروتينى الملائم لهذه القضايا، كان الأب يجلس بالقرب من مكتبها، وفى مواجهته الزوجة، بينما كان الابن مستنداً إلى حائط قريب من الأب.. كان «رمضان» يخطط لقتل زوجته فى الطريق، لكن نظرة منها غيّرت الخطة، لمح الرجل فى عينيها نظرة ظفر فهى التى استولت على كل ما يملك، نظرة تشفٍّ تذبحه بها وكأنها تقر بأنها ستخلعه من أجل الفرار إلى أحضان رجل آخر، ويعيشان سعداء بأمواله التى سرقتها منه.. «محمد.. الساطور»، هكذا صرخ رمضان، وفطن الابن إلى أن أباه غير الخطة، وفى لمح البصر ناوله السكين الذى كان يخفيه فى الشال الأبيض، وفى دقة مرر الأب السكين بشكل خاطف، على رقبة الزوجة التى سقطت مذبوحة، ومذهولة، لا تصدق أن الدماء التى أغرقت أرضية المكتب هى دماؤها وأن الروح التى تنساب من جرح غائر بالرقبة هى روحها.. لم تنطق بكلمة.. استسلمت للموت بعد أن فقدت كل حيل المقاومة للأبد، بينما انحنى محمد بالشال الأبيض وغمسه فى دمائها ثم لفه حول عنقه. «الزوج»: سرقت فلوسى ورمتنى بعد ما عملت حادثة ورفضت ترجّع اللى أخدته قلت أخلّص عليها فر الأب ونجله وانتقلت قوات مباحث مركز كفر سعد برئاسة الرائد محمد أبوالعز وبإشراف العقيد مصطفى سليم مأمور المركز، حيث تبين قيام رمضان مصطفى إبراهيم سعيد (38 عاماً)، عامل، بالتعدى على زوجته المدعوة «بسمة م.ص» (33 عاماً)، ربة منزل، ومقيمان بذات الناحية، بالضرب بسلاح أبيض «سكين» مما نتج عنه حدوث إصابتها بجرح قطعى بالرقبة وجروح متفرقة بالجسم ووفاتها وذلك أثناء وجودهما بمكتب محامية تدعى «عفاف». لم يستغرق القبض على المتهمين وقتاً طويلاً. وفى التحقيقات اعترف محمد، نجل المتهم، أمام رجال المباحث بمناولته الساطور لوالده لقتل والدته بعدما عايره أصدقاؤه بوالدته بسبب سمعتها السيئة. وقال إنه كان يخفى الساطور فى شال كان بحوزته: «سرقت فلوس أبويا وكان مشيها بطال وكانت عاوزة تخلعه عشان تتجوز واحد تانى وتسيبنا». وقال الأب إن المجنى عليها أخدت كل ما يمتلكه بعدما كتبه لها «بيع وشراء»، ورفضت التنازل، وبعدما أصبحت لا أملك شيئاً طلبت الخلع ورفعت قضية، كما أنها لم تقف إلى جواره حينما تعرض لحادث قبل خمس سنوات. وأضاف أنها سيئة السلوك وهو ما جعله مهموماً طوال الوقت. ويوم ارتكاب الجريمة قلت لها «رجّعى لى ممتلكاتى وأنا أطلقك»، لكنها رفضت. وقال «محسن»، عم المجنى عليها: «أنا علاقتى بهم محدودة من زمان وسبق أن تدخلت بين بنت شقيقى وزوجها فى عدة مشاكل حيث كانت على خلاف دائم مع زوجها بعدما كتب لها محلين ملابس وقطعة أرض باسمها وطالبها بالتنازل عنهم مقابل أن يطلقها وهو ما رفضته فكانا دائمى الشجار ولم يحترما كلمة الكبار ولم يكفا عن المشاكل. ويوم الجريمة كنت فى محل البقالة الخاص بى ووصل لى اتصال من أهالى البلد بأن فيه مشكلة كبيرة بين بنت شقيقى وزوجها، ولكنى لم أتخيل يوماً أن تموت مذبوحة على يد زوجها حيث كانا شبه منفصلين قبل عامين كل منهم بمنزل ولكنه كان يأتى لمباشرة أعماله». وختم عمها حديثه قائلاً: «الأسرة كلها ضاعت، كل شىء راح.. حسبى الله ونعم الوكيل، هى ماتت وزوجها شبه ميت.. لله الأمر من قبل ومن بعد».