تشهد منطقة دير الأنبا مكاريوس الإسكندراني بمنطقة محمية وادي الريان، على أطراف محافظة الفيوم، خلافات على المنطقة بين رهبان الدير وجهاز شؤون البيئة بالفيوم ومجموعة من العرب المستفيدين من هذه المنطقة، بسبب قيام رهبان الدير ببناء سور كبير قالوا إنه من أجل حماية الدير من هجوم بعض البلطجية من مناطق قريبة، فيما يتهم جهاز شؤون البيئة الرهبان بالتعدي على المحمية الطبيعية ومحاولة الاستيلاء على أراضي بالمنطقة وضمها لمساحة الدير، بينما يتهمهم مجموعة من العرب بأنهم تسببوا في قطع أرزاقهم ببناء السور. الخلافات دفعت الدكتور مصطفى حسين كامل، وزير الدولة لشؤون البيئة، إلى مرافقة المهندس أحمد علي أحمد، محافظ الفيوم، خلال زيارته للمحافظة، أمس، لزيارة المنطقة للوقوف على الوضع البيئي بعد أعمال توسعات بالدير، ومن أجل إيجاد حلول للمشاكل المتعاقبة بهذه المنطقة بين البيئة ورهبان الدير. وقال الوزير، في نهاية زيارته التفقدية للدير مساء أمس، للرهبان إن "ما تم بناؤه مخالفا سيتم إزالته"، في الوقت الذي أكد فيه الراهب إليشع، المسؤول عن الدير، للوزير أن أي بناية تم إقامتها داخل الدير تمت طبقا لبروتوكول بينهم وبين وزارة البيئة، وأن بناء السور جاء من أجل حماية الدير وزوار المنطقة من المصريين والأجانب. ووافق الوزير على اقتراح بإقامة مستوصف طبي يخدم زوار منطقة وادي الريان السياحية، لعدم وجود أي منشأة صحية قريبة من المنطقة. ويعرف هذا الدير ب"الدير المنحوت" لوجود الكنيسة داخل حضن الجبل، وهو الدير الذي زاره وأقام به الأب مَتَّى المسكين، وأقيم في القرن الرابع الميلادي ولكن الرهبان مع زيادة أعدادهم قاموا ببعض التوسعات، وهو ما تسبب في خلافات بينهم وبين جهاز حماية المحميات بالفيوم. وخلال جولة "الوطن" في الدير، الذي يبعد عن مدينة الفيوم نحو ساعتين بالسيارة، قال الراهب إليشع إن كل ما تم بناؤه في منطقة الدير كان وفقا لبروتوكول بينهم وبين جهاز البيئة، مشيرا إلى أن الدير كان به عدد من الرهبان في بداية القرن الماضي، وظلوا يتعبدون حتى عام 1960 حين هجروا الدير إلى عام 1969، ثم عاد بعضهم إليه مرة أخرى للتعبد، وفي عام 1985 تم تأسيس الدير بعد عودة الرهبان وإجراء بعض التوسعات بسبب زيادة عدد الرهبان المقيمين في الدير، والذي وصل إلى خمسة آلاف راهب. فيما أكد الراهب مارتيروس، من رهبان الدير، أنهم أقاموا به منذ سنوات، وأن المنطقة خالية من السكان، حيث توجد بها الكنيسة الأثرية التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي، مضيفا: "قمنا ببناء السور بعد أن تعرضت المنطقة لهجوم من بعض البلطجية خلال الثورة بسبب الانفلات الأمني الذي ما زلنا نعاني منه؛ لحماية الدير وزواره من المصريين والأجانب الذين يفدون إليه لزيارته". وتابع: "لم نفعل شيئا يضايق أحد. المنطقة غير مأهولة بالسكان ونقوم بالتعبد في الدير والإنتاج فيه ليفيد جميع المواطنين"، مشيرا إلى أن المنطقة أُعلنت محمية طبيعية عام 2002 "خلال وجودنا في الدير". ومن جانبه، قال وزير الدولة لشؤون البيئة إن التعديات على منطقة المحميات بلغت مساحتها قرابة 110 كيلو متر مربع، مؤكدا، خلال زيارته للدير، أنه توجه إليه للوقوف على الوضع البيئي بعد أعمال التوسعات بالدير، ولمراجعة كافة التقارير الفنية للزيارات الدورية لخبراء وزارة البيئة للمكان ميدانيا، في محاولة لإيجاد حلول بيئية علمية لا تتعارض مع القانون وتكون تحت إدارة وزارة البيئة، مشيرا، في بيان للوزارة، إلى أن التوسعات تمت بدون أخذ الموافقات القانونية والبيئية اللازمة. وأكد المهندس أحمد علي، محافظ الفيوم، في تصريح خاص ل"الوطن"، أن زيارته ووزير الدولة لشؤون البيئة إلى الدير وتفقد الإنشاءات فيه والسور المقام حديثا هي الأولى التي تتم للمنطقة من أجل الوقوف على حقيقة الأمور وتكوين رؤية واضحة عن المشكلة لاتخاذ القرارات المناسبة، موضحا أن الوزير أكد خلال سياق حديثه أنه سيتم إزالة أية بنايات مخالفة للقانون ولكن لم يتخذ قرارات وقتها، مضيفا أن معالجة هذه المشكلة تحتاج إلى تفاهم وليس إلى استخدام القوة، حتى يتم وضع حلول جذرية لها وعدم تكرارها. وكان عدد من العرب المقيمين بالمنطقة أبدوا غضبهم خلال زيارة الوزير من قيام رهبان الدير بإنشاء سور كبير ومدخل للدير على مسافة كبيرة من الكنيسة نفسها، واتهموهم بالاستيلاء على هذه المساحة من الأرض. وقال أحدهم للوزير إنهم من عرب المنطقة ويقيمون بها منذ سنوات، وكانوا يستفيدون من اصطحاب بعض الزوار الأجانب بالمنطقة وعمل حفلات لهم لتناول اللحوم المشوية والنزول إلى حمام سباحة أقاموه بالمنطقة وكلفهم 47 ألف جنيه، مؤكدين أنه بعد إقامة الرهبان السور انقطع رزقهم على الرغم من أنهم يعيشون هنا منذ سنوات. يأتي هذا في الوقت الذي يتهم فيه جهاز شؤون البيئة بالفيوم الرهبان بالاستحواذ على مساحة كبيرة من أرض المحمية الطبيعية وضمها للدير، ولكن تطمينات محافظ الفيوم حول محاولات حل المشكلة بالتفاوض وإزالة التعديات التي تمت بدون تصاريح تعطي بعض التطمينات لأطراف النزاع. وسبق وأكد الدكتور نصر الزغبي، عضو مجلس الشعب المنحل عن قائمة "الثورة مستمرة"، خلال مرافقته للمحافظ والوزير، أن الموضوع يحتاج إلى تفاهم بين الوزارة والرهبان من أجل حل الخلاف الذي يمتد إلى عدة سنوات.