قال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي، اليوم، إنه قلق جدًا من تباطؤ المجلس التأسيسي في إعداد الدستور الجديد لتونس، وإن البلاد لا يمكنها أن تحتمل المزيد من الانتظار وإجراء انتخابات بعد يونيو المقبل، محذرًا من أن التباطؤ قد يعرقل الانتقال الديمقراطي في مهد الربيع العربي. وقال حمادي الجبالي، في مقابلة ضمن قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط، "بصراحة أنا قلق جدا من المجلس التأسيسي معارضة وأغلبية، أنا قلق من تباطؤ إعداد الدستور وإضاعة وقت طويلا في أمور جانبية". وأضاف أن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للبلاد، لا تحتمل مزيدا من الوقت، وإذا استمر هذا النسق العقيم، فإن الدستور لن يكون جاهزا قبل عامين، يجب الانتهاء من الدستور والاتجاه للانتخابات التي لا يجب أن تتجاوز نهاية يونيو المقبل". وتابع الجبالي: "أعرف أنهم سيثورن على كلامي، ولكني سأضغط على المجلس التأسيسي من منطلق مسؤوليتي كرئيس حكومة لتسريع الأمور، نعم سأضغط بقوة لأن المستثمرين ورجال الأعمال والشركاء يطالبون برؤية واضحة". وأشار الجبالي، إلى إن "تعطيل كتابة الدستور وتحديد موعد للانتخابات أمر لا يساعد على الانتقال الديمقراطي في تونس، ويهدد ثورتها المثقلة بتحديات أمنية واجتماعية واقتصادية". ويناقش المجلس التأسيسي الذي انتخب العام الماضي صياغة دستور جديد للبلاد، وتسيطر حركة النهضة الإسلامية التي ينتمي إليها الجبالي على 40% من مقاعد المجلس البالغ عددها 217، وحتى الآن لم يعلن المجلس التأسيسي عن موعد نهائي للانتهاء من الدستور، مما قد يزيد من غموض شركاء تونس الاقتصاديين وتردد رجال الأعمال. ومن شأن تصريحات الجبالي، أن تثير جدلا واسعا في النخبة السياسية، وخصوصًا معارضيه الذين قد يرون أن كلامه يعتبر تدخلا في المجلس التأسيسي، وهي السلطة الأعلى في البلاد، ولكن الجبالي قال، إن "مسؤوليتي كرئيس الحكومة تفترض علي الضغط لتسريع الانتهاء من الدستور لقطع الطريق نحو الديمقراطية". واقترح الائتلاف الحاكم في وقت سابق، إجراء الانتخابات في 23 يونيو المقبل، لكن المعارضة قالت إن التوقيت غير ملائم ويتزامن مع امتحانات أخر العام وموسم حصاد الحبوب، ويحتاج التاريخ إلى موافقة المجلس التأسيسي الذي لم ينه بعد صياغة الدستور. وتقود حركة النهضة الإسلامية الحكومة مع حزبين علمانيين هما "التكتل" و"المؤتمر"، بعد فوزها في أول انتخابات حرة جرت العام الماضي، عقب الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، في ثورة فجرت ما أصبح يعرف ب "الربيع العربي". وقال حمادي الجبالي، الذي قضى 16 عاما في السجن، بسبب معارضته للرئيس السابق، إن "المتشددين الإسلاميين لا يمكنهم فرض رؤيتهم وأفكارهم بالقوة"، مضيفا أن الحكومة ستتصدى لهم "بالقانون والصرامة ولكن أيضا عبر معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية بمكافحة الفقر وتوفير فرص العمل". وأضاف أن "المتشددين الدينيين وبعض النخب السياسية تسيء لصورة تونس وتساهم في عرقلة اقتصادها عبر العنف وعبر الحملات السياسية الموجهة التي قد تضر بالبلاد أكثر مما تنفعها". وتابع: "أنا أعتقد أن بعض النخب السياسية أخطر من السلفيين، لأن أفكار المتطرفين واضحة، ونحن نحاصر الظاهرة، بينما إساءة النخب السياسية رهيبة، وتساهم في تدمير مقومات النمو عبر استهداف أي شراكات وعلاقات مميزة، هم يستهدفون علاقاتنا مع قطر.. مع تركيا، بدعوى أننا موالون للشرق، ولما وقعنا اتفاقا أوليا للحصول على رتبة شريك مميز، هاجمونا". واستطرد: "هم يقومون بسياسة تجفيف المنابع وهذا خطير، هذا لن يدمر الحكومة بل سيدمر الانتقال الديمقراطي لا قدر الله". وتواجه حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحكومة انتقادات واسعة من المعارضة العلمانية، التي تقول إن قيم الحداثة أصبحت مهددة في ظل حكم الإسلاميين.