اتهام أى إنسان بالهرطقة والتحذير من قراءة كتبه لا يكون من قبل «فرد واحد» حتى لو كان البابا قال الراهب باسيليوس المقارى، أحد أشهر تلاميذ الأب متى المسكين، إن الهجوم على كتب القمص متى المسكين، واتهامه ب«الهرطقة» وارتكاب الأخطاء اللاهوتية ليس جديداً، وقد بدأ هذا الهجوم الأنبا شنودة أسقف التعليم، فور رسامته أسقفاً للكلية الإكليريكية ومدارس الأحد والتعليم، أواخر عام 1962، قبل أن يصبح البابا شنودة الثالث. وأضاف «باسيليوس»، ل«الوطن»، رداً على ما جاء فى كتاب الأنبا بيشوى، أنه كان شاهداً على هذا الهجوم، الذى بدأ بنقد البابا الراحل «شنودة» أول كتابين للأب متى المسكين صدرا فى ذلك الحين، وهما «العنصرة»، و«الكنيسة الخالدة»، لذلك أقول استناداً إلى تقليد الكنيسة فى مجامعها المسكونية، أى التى تجمع كل أساقفة العالم لمناقشة عقيدة أو هرطقة: إن اتهام أى إنسان بالهرطقة وبالتعاليم الخاطئة، وتحذير المؤمنين من قراءة كتب هذا الإنسان لا يكون من قبَل فرد مفرد، سواء كان بابا بطريركاً أو مطراناً أو أسقفاً أو قساً، أو أى فرد فى الكنيسة، لأنه لا يوجد فى الكنيسة الأرثوذكسية عصمة للبابا، ولا لأى عضو فى هيئة الكهنوت، بل يكون ذلك بموجب الشروط الآتية: - أن يكون بناءً على قرار مجمع مسكونى (أو مكانى، مستنداً إلى قرار مجمع مسكونى سابق حكم بالحكم نفسه فى الهرطقة نفسها أو التعليم الخاطئ). - لا بد أن يكون الشخص المدَّعى عليه حاضراً فى هذا المجمع ويناقشه المجتمعون، وبالأخص العلماء اللاهوتيون الأكاديميون المتخرّجون من جامعات أكاديمية لاهوتية معترف بها دولياً، كما حدث فى المجمع المسكونى الأول فى نيقية عام 325م، حيث كان من يناقش القس المتهم «آريوس»، ليس بابا الإسكندرية البابا ألكسندروس، بل شماسه الخاص القديس أثناسيوس، وهو ليس بابا ولا مطراناً ولا أسقفاً ولا قساً، فالرتب الكهنوتية تكون لخدمة الأسرار الكنسية داخل أسوار الكنيسة، بينما مناقشة الهرطقات وإثباتها على الشخص المُدّعى عليه تكون بمعرفة العالِم أو العلماء اللاهوتيين الأكاديميين، شرط التزامهم العلم اللاهوتى فقط دون التحيُّز إلى رئيس أو غير رئيس، وبعد ذلك فإن الذى يُصدر الحكم هم الأساقفة الحاضرون، بناءً على رأى العلماء اللاهوتيين، إلا إذا كان الذى يناقش المُدّعَى عليه هو البابا البطريرك أو أحد رجال الكهنوت، الذى يكون هو نفسه عالماً لاهوتياً أكاديمياً مشهوداً له من الأطراف كلها بالعلم اللاهوتى الأكاديمى من جامعة أكاديمية معترف بها عالمياً، كما حدث فى مجمع أفسوس المسكونى (سنة 431م)، حيث كان البابا السكندرى كيرلس الكبير هو الذى كان يناقش البطريرك نسطور، أسقف مدينة القسطنطينية. - لا يمكن أن يُعتدّ بأى حكم يكون المُدّعَى عليه غير حاضر فى المجمع ويكون قد أُخطر بطريقة قانونية مُعترف بها فى القوانين الكنسية والقوانين المدنية. وتابع «المقارى» قائلاً: لذلك فإن كل ما كُتب فى مجلة «الكرازة»، وقيل فى الكاتدرائية من قِبَل البابا شنودة، فى حق الأب متى المسكين منذ عام 1962 وإلى وقت وفاة البابا، لا يعدو أن يكون رأياً شخصياً، وكذلك ما ورد فى كتاب الأنبا بيشوى. وأشار إلى أنه لفت نظره ما كتبه الأنبا بيشوى عن «سعة انتشار كتب (المسكين)»، لأنها تعكس مدى حساسية ووعى الشعب المصرى المسيحى واعتزازه بالكتابات المعبّرة عن الإيمان المسيحى الصحيح، والعقيدة القبطية الأرثوذكسية، والروحانية الصافية العالية التى لآباء الكنيسة، «وفى هذا المقام أوجّه التحية إلى شباب هذا الجيل الصاعد الذى استطاع أن يكسر الأغلال الحديدية حول قراءة هذه الكتب لمدة 50 سنة، لكى لا يبقى فى ظلام الجهل بعقيدة وروحانية الكنيسة».