قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، إن التعليم الأزهري يواجه اليوم تحديات كبيرة، لكن التحدي الأكبر أمام الكليات العملية بجامعة الأزهر، التي تواجه اليوم حربًا شعواء ممن لا يريدون لها البقاء، ويشككون في قدرتها على العطاء، في وقت تشهد فيه هذه الكليات طفرة علمية هائلة، تثبت للجميع أن أبناء الأزهر دعاة وأطباء ومهندسين وصيادلة ومعلمين هم الأمل والمستقبل الواعد. وأكد شومان، أن الكليات العملية والتطبيقية باقية وبقوة جنبا إلى جنب مع الكليات الشرعية والعربية والنظرية، مهما حاول المتربصون بالأزهر وجامعته العريقة. وطالب شومان، خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تنظمه كلية العلوم فرع جامعة الأزهر بأسيوط، حول الآفاق الجديدة في العلوم الأساسية، المسؤولين عن الكليات العملية بجامعة الأزهر، بإخراج نتاج علمي نفخر به أمام الداخل والخارج، من خلال الاحتكاك العلمي وتبادل الخبرات الثقافية والعلمية مع كافة الجامعات والمراكز البحثية في العالم. ونقل وكيل الأزهر للحضور، تحيات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وشكره لحضورهم ومشاركتهم الفعَّالة في هذا المؤتمر، الذي يأتي في مرحلة يشهد فيها التعليم الأزهري في كافة المراحل التعليمية، عناية خاصة، وانطلاقة جديدة بُغية عودته للمكانة اللائقة بتاريخه كأقدم مؤسسة تعليمية رسمية على مستوى العالم. وأشار وكيل الأزهر، إلى أن شيخ الأزهر يقود عملية تطوير شاملة لمنظومة التعليم الأزهري، منذ أن كان رئيسا للجامعة وحتى توليه منصبه كشيخ للأزهر الشريف، تمكن من خلالها من استحداث معاهد ومراكز ذات تخصصات جديدة ومعاصرة، وإدخالها في منظومة التعليم الجامعي بالأزهر الشريف، منها :مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من أبناء المسلمين الوافدين للدراسة في جامعة الأزهر قبل الالتحاق بها، ومراكز تعليم اللغات التي خرجت دفعات عدة من الناطقين بالإنجليزية والفرنسية وأخيرا الألمانية على كفاءة عالية بالتعاون مع المراكز التابعة لسفارات الدول الثلاث، إضافة إلى كلية العلوم الإسلامية للطلاب الوافدين والعديد من المراكز البحثية التابعة لجامعة الأزهر. وتابع، أن الطيب أولى عناية خاصة لإتمام العمل في الصرح الطبي غير المسبوق في منطقة الشرق الأوسط، وهو المستشفى التخصصي بجامعة الأزهر الشريف الذي سيدار وفق أحدث النظم العالمية. وأوضح شومان، أن جهود الإمام الأكبر امتدت بعد توليه مشيخة الأزهر، لتشمل التطوير الشامل للعملية التعليمية في الأزهر الشريف، إلا أن الظروف التي مرت بها مصر بعد توليه مشيخة الأزهر، حالت دون تنفيذ تلك الأفكار كما ينبغي، لكن بفضل الله انطلقت هذه الجهود انطلاقتها الكبرى في 4 سبتمبر 2013، حين وجه بتشكيل لجنة لإصلاح التعليم قبل الجامعي، لتتبنى وتنقل إلى حيز التنفيذ جهودًا وأفكارًا سابقة لمخلصين حاولوا تشخيص مشاكل التعليم الأزهري، ووضع الحلول المناسبة له. وأشار وكيل الأزهر، إلى أن تلك الجهود صادفتها أجواء غير ملائمة لمواصلة خطوات الإصلاح، فكانت اللجنة الأخيرة أكثر حظًّا؛ حيث صادفت رغبة مجتمعية ودعما من كافة مؤسسات الدولة وقيادتها، وقناعة بضرورة إصلاح المنظومة التعليمية، وعمل بهذه اللجنة أكثر من 100 خبير في مجال التعليم من الأزهر وخارجه، وتمكنت بعد عام ونصف العام من صياغة مناهج جديدة تناسب العصر وترتبط بقضاياه، ولا تبتعد عن تراثنا الإسلامي الذي نعتز به، والذي لا يقف حائلًا أمام تطوير التعليم، ليناسب زمانه ومكانه ليكون التعليم الأزهري جامعًا بين الأصالة والمعاصرة، ويحتفظ بخصوصيته الفريدة بين المؤسسات التعليمية على مستوى العالم، موضحًا أن المناهج الجديدة ستكون بين أيدي أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات، بداية من العام الدراسي الجديد 2015/2016. وأكد شومان، أن عمل هذه اللجنة واكبه في نفس المسار، التركيز على حل مشكلات الأبنية التعليمية، وتزويدها بالوسائل التعليمية والمعملية اللازمة، وإدخال التقنيات الحديثة، واستخدام طرق التدريس المعاصرة، ومراعاة معايير الجودة المعتمدة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد في مصر، مع الاهتمام بالتدريب الفني والإداري للقائمين على العملية التعليمية في الأزهر الشريف. وأوضح وكيل الأزهر، أنه بالتوازي مع هذه الجهود، هناك بعض الأمور التي انتهجناها في هذه المرحلة، منها ضبط الامتحانات والتدريس في المعاهد الأزهرية، والارتقاء بالمستوى المهني والاجتماعي للمعلمين في قطاع المعاهد الأزهرية المعنيِّ بالتعليم قبل الجامعي. كما أكد وكيل الأزهر، أن جامعة الأزهر لم تكن بمنأًى عن عملية التطوير هذه، وكانت توجيهات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، أن يسير التطوير في التعليم الجامعي بالتوازي مع تطوير التعليم قبل الجامعي؛ حيث كلف فضيلته رئيس جامعة الأزهر، بتشكيل لجنة مماثلة لدراسة مشكلات التعليم الجامعي وتطوير المناهج الجامعية، كما وجه بضرورة تدريس مقرر عام لجميع طلاب الجامعة، على غرار المقرر الذي سيبدأ تدريسه في التعليم ما قبل الجامعي، يرسخ الانتماء الوطني ويجنِّب الطلاب مخاطر الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية مع بداية العام الدراسي الجديد. وتابع، أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وجه بضرورة مراجعة المناهج التي تدرس في الكليات العملية، وربط المقررات الشرعية بتخصصاتها العلمية، وتذليل عقبات مشاركة أعضاء هيئة التدريس في المؤتمرات العلمية في الداخل والخارج، والارتقاء بالبحث العلمي وتوجيهه لخدمة المجتمع وتيسير حياة الناس. وأوضح شومان، أن جهود الأزهر الشريف للارتقاء بالتعليم، لا تقتصر على التعليم الأزهري فقط؛ إذ إنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعليم العام في بعض مقرراته، لذا فإن التواصل والتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بجمهورية مصر العربية، قائم ويُؤتي ثماره، وتولى الأزهر مراجعة المقررات الدينية التي تُدرَّس في مدارس التربية والتعليم، كما يسعى لتنفيذ مقترح شيخ الأزهر، الذي عرضه على المجلس الأعلى للجامعات بتطبيق مقرر جامعي كالذي بدأت جامعة الأزهر في إعداده ليطبق في العام الدراسي الجديد، وهو يهدف إلى تعزيز ثقافة الانتماء والمواطنة ويركز على المشتركات الإنسانية التي لا تفرق بين المسلمين وغيرهم، فالتحديات والمخاطر تحيق بالجميع دون تفرقة، ولا يضار منها فريق دون آخر.