مشهد (1) دخلت الميليشيات الكردية إلى مدينة الحسكة السورية بعد أن هزمت قوات داعش التى انسحبت من المدينة.. قامت القوات الكردية بالانتقام من مواطنى الحسكة العرب المسالمين.. قتلت بعضهم وأسرت بعضهم.. واقتحمت بيوت بعضهم.. أمهلت العرب الموجودين فى الحسكة عدة أيام للخروج من المدينة. نسى هؤلاء الأكراد أن «داعش» لا تمثل العرب والسنة، وأنها تذيقهم الويلات أيضاً.. ونسوا أيضاً أن العرب جعلوا الكردى المسلم الصالح/ صلاح الدين الأيوبى، سيداً عليهم وقائداً لهم، وقاد مع أولاده وأسرته العرب جميعاً عدة قرون أيام الدولة الأيوبية التى ما زالت الأمة تفخر بعطائها حتى اليوم.. وأن ظلم «صدام» للأكراد لا علاقة له بالعرب من قريب أو بعيد. مشهد (2) دخلت «داعش» ضواحى البلدة الكردية «عين العرب».. قبضت «داعش» على عدد من المواطنين الأكراد المسالمين وقامت بذبحهم فى مأساة يندى لها الجبين.. نسيت «داعش» أن هؤلاء الأكراد هم أحفاد صلاح الدين الأيوبى وأسرته الذين قاموا بأعظم البطولات فى تاريخ الإسلام، وفتح الله على أيديهم القدس ونصرهم على الصليبيين نصراً مؤزراً.. وقد ضموا نموذجاً عظيماً للتسامح الدينى مع الصليبيين بعد النصر. ونسيت «داعش» وأخواتها أن الكردى مسلم مثلهم.. وأن أعظم مقاصد الشريعة كلها هى «حفظ النفس» دون تحديد لهوية هذه النفس.. سواء كانت نفساً كردية أو مصرية أو عراقية أو سنية أو شيعية أو مسيحية أو يهودية أو بوذية.. أو.. أو.. فكل النفوس هى بنيان الله التى خلقها بيده سبحانه ونفخ فيها من روحه وكرّمها مهما كانت ديانتها وعرقها. مشهد (3) قامت قوات الحشد الشعبى الشيعى المكون من مجموعات الميليشيات الشيعية العراقية بتحرير تكريت من تنظيم داعش، بالاستعانة بالطائرات الأمريكية والفرنسية التى قصفت مواقع «داعش» ودمرت مراكز قيادتها، مما جعل اقتحام وتحرير المدينة سهلاً بواسطة الجيش العراقى وميليشيات الحشد الشعبى التى قامت بحرق مبانى أهل السنة واغتصاب نسائهم وسرقة محلاتهم والقبض على رجالهم.. وهؤلاء الأهالى من المدنيين وقعوا بين مطرقة «داعش» وظلمهم وسندان الحشد الشعبى الشيعى وبغيهم وطائفيتهم وجبروتهم. مشهد (4) قال تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا».. وهذه الآية تعنى ضمن ما تعنيه أن كل مسجد من المساجد له حظ من الأمر بتأمينه وتحريم ترويع رواده ومصليه.. لكن «داعش» والميليشيات الشيعية لم تقرأ هذه الآيات، ف«داعش» فجّرت مسجدى القديح والعنود فى السعودية وفجرت مساجد ومراقد كثيرة للشيعة فى العراق.. أما الميليشيات الشيعية فقد فجرت مساجد كثيرة للسنة فى العراق، مثل مسجد عمرو بن العاص فى ديالى وغيره.. وقد بلغ الفجور بالفريقين أن يفجر كل منهما المساجد فى وقت الذروة واكتظاظها، مثل وقت صلاة الجمعة وما شابهه.. ليُسنّ الفريقان أسوأ سنة فى تاريخ الإسلام كله. مشهد (5) قوات وميليشيا «داعش» فى سوريا لم تتوجه أبداً لتحرير الجولان أو إقامة دولة إسلامية على هذه الأرض إلى تحتلها إسرائيل.. ولم توجه قذيفة أو طلقة واحدة تجاهها.. فى الوقت الذى تذبح وتقتل وتفتك بالمسلمين، سواء كانوا سنة أو شيعة أو أكراداً أو مواطنين عاديين.. وتطرد المسيحيين من بلادهم ولا تفكر فى طرد المحتلين أبداً.. ويعالج بعض قادتها فى المستشفيات الإسرائيلية.. ولم يصدر بيان عن «داعش» يدين إسرائيل فى أى شىء حتى بعد هجماتها البربرية على غزة.. ولما سئل «البغدادى» عن موقف تنظيمه من ضرب غزة.. وهل سيرد على إسرائيل؟ أجاب باقتضاب: «ليس الآن، ليس الآن».. ونحن فهمنا عنه «أنه لن يكون أبداً». مشهد (6) حاول مواطن عراقى دخول كردستان العراق، باعتبارها جزءاً من وطنه.. رفضت الشرطة الكردية دخوله إلا بعد أن يحصل على تصريح من السلطات الكردية، حاول أن يفهمهم أن كردستان هى جزء من العراق، وهو مواطن عراقى له حق التحرك فى أى جزء من وطنه. قالوا له: كردستان دولة مستقلة للأكراد لا تتبع أى دولة.. وكل ما تدّعيه هو «وهم لا علاقة له بالواقع».. نحن دولة مستقلة عملياً عن العراق وسنضم إلينا قريباً كردستان سوريا وكردستان تركيا وسنكون أعظم دولة فى المنطقة والعالم كله يؤيدنا، خاصة أمريكا وإسرائيل.. استسلم المواطن العراقى للأمر الواقع، وعاد من حيث أتى. مشهد (7) اشترى «القذافى» أسلحة بمليارات الدولارات.. وكانت ليبيا لا تحتاج إلى معظم هذه الأسلحة.. ولكن صفقات الأسلحة كانت عبارة عن رشاوى مقنّعة لهذه الدول الكبرى، كما يحدث فى معظم بلاد الشرق الأوسط.. ثم جاء «الناتو» فدمر هذه الأسلحة، وسيشترى غيرها من أموال الشعب الليبى.. والدول الكبرى ستقبض الثمن عدة مرات كعادتها. والذى حدث فى ليبيا حدث فى اليمن، فقد اشترى «صالح» بأموال اليمن والخليج أسلحة بمليارات.. واليوم تدمر هذه الأسلحة بأيدى العرب.. فالعرب يدفعون فى كل الحالات.. يدفعون ثمن السلاح وثمن تدميره وثمن شرائه مرة أخرى.. والسلاح كله بأيدى العرب يتوجه إلى صدور العرب أنفسهم.. وسلاح المسلمين كله يقتل المسلمين ويجرحهم ويدمر قراهم وبيوتهم.. ولا يتوجه أبداً نحو عدوهم الحقيقى.. وصدق فاروق جويدة «ملعون يا سيف أخى». خلاصة المشاهد العربية.. هذه المشاهد السبعة تلخص حالة العرب اليوم التى لم تخطر على بال أسوأ المتشائمين. فالعرب أمة فقدت كل مقوماتها التى كانت تعتز بها.. فقدت الإسلام الحقيقى الوسطى واكتفت بالإسلام الشكلى الذى لا يعرف من التدين الحقيقى سوى المظاهر الجوفاء والأشكال الفارغة.. وفقدت التدين الوسطى لتقع فى التكفير تارة أو التشيُّع أو التحلل من الدين.. وتركت شهامة العربى الأصيل الذى كان يأبى أن يروّع غريمه إذا دخل البيت الحرام.. واليوم يفجر بعضهم مساجد بعض.