تابعت مثل ما تابع أغلب المصريين الآزمة الاخيرة المثارة بسبب تصريحات وزير العدل المقال المستشار محفوظ صابر، بخصوص تعيين ابناء عمال النظافة بسلك القضاء .. انتهت الأزمة بالنسبة للأغلبية العظمي من المصريين بإعلان إقالة الوزير، ومن الواضح أن الحكومة اختارت الحل السهل التي تعلم جيداً انه سوف يرضي ابناء الشعب الذي كثيراً ما يوصف ب "العاطفي"، وسوف يشرع بالانتقام ورد للكرامة بمجرد إقالة الوزير. بالنسبة لي خرجت من هذه الازمة بسؤال "هل حقًاً تم أقاله وزير العدل بسبب العنصرية اتجاه فئات معينة من أبناء الشعب, أم أن الإقالة بسبب التصريحات التي لا يجوز ان يصرح بها مسؤول في منصبه. بالرغم أن السؤال ليس في حاجة لكثير من التفكير والجميع علي علم بالواقعة الشهيرة بإلغاء قرار تعين 138 عضو بالنيابة من المتفوقين فى كليات الحقوق –بحجة- ان والديهم لم يحصلوا علي تعليم عالي فى ديسمبر الماضي, فنحن في دولة تعلنها وبكل صراحة أن أبناء العمال والفلاحين والحرفيين غير مرحب بهم في سلك القضاء, فكما قال الكاتب الساخر "جلال عامر" فى بلادنا ناس لها السلك الدبلوماسي وسلك القضاء وناس لها سلك «المواعين». على الضفة الأخرى من البحر المتوسط هناك دول تكرم ابناء الطبقة المتوسطة والفقيرة المتفوقين وتمنحهم الاولوية ومنح وتكريم مادي ومعوني لكونهم تفوقوا بالرغم من صعوبات الحياة, في الحقيقة لم يقتصر الغاء التميز الطبقي علي دول أروبا والغرب فحتى فى أقصي الشرق هناك دول أصبحت تلاحق العالم المتقدم فى الغاء التميز الطبقي والعنصرية ففي الهند نجد " أفيجاي سامبالا " الذي بدأ حياته سباك بعقد عمل بالسعودية أصبح وزير العدالة الاجتماعية في الحكومة الحالية، ولماذا نذهب اللي الهند واوبا ففي المملكة العربية السعودية هناك قصة شهيرة للعامل " علي النعيمي " الذي تفوق على نفسة وكان يذاكر ويعمل في نفس الوقت حتي أستطاع الحصول على بكالوريوس الهندسة وظل يتقدم فى السلم الوظيفي حتي أصبح مدير الشركة التي كان عامل بها وهي " أرامكو السعودية" وبعدها بسنوات يصبح وزيرًا للبترول في المملكة. نعود مرة آخري اللي مصر أرض الحضارة والتاريخ التي يعاقب فيها طالب مجتهد متفوق بسبب مهنة والدة او المستوى الاجتماعي لأسرته او حتي المؤهل العلمي لولديها, مصر التي ينص فيها الدستور البلاد في المادة (53) علي أن «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز», فبدلا من أن نشكر ونكرم أبناء من لهم فضل علي مصر من فلاحين وعمال وحرفيين تعايرهم الدولة وتصنفهم "كمواطنين درجة تالتة". من كانت مشكلتهم فى تصريح الوزير فقد انتهت المشكلة واستقال، وكانت مشكلتهم هي العنصرية والتميز فهي باقية ولم تستقل بعد، وفى الغالب سبب إقالة الوزير هو تجرؤه على قول حقيقة اعتدنا أن نضع رؤوسنا فى الرمال حتي لا نراها.