أتابع مثل ملايين المصريين مسيرة اللاعب المتميز الخلوق الموهوب محمد صلاح مع فريق «فيورينتينا» الإيطالى، وأشعر أنه ابنى الذى أتمنى تفوقه ونجاحه ووصوله إلى القمة، فأطير فرحاً مثل الأطفال عندما يحرز هدفاً، وينخلع قلبى خوفاً عليه عندما يصاب أو يسقط على الأرض، وأظل أدعو الله أن يوفقه ويحفظه طوال فترة مشاهدتى له فى أى مباراة، وكنت فى شدة الأسى لوضعه فى ثلاجة «مورينيو» على دكة الاحتياط فى تشيلسى، ولكن المولى عز وجل أكرمه بتلك الإعارة إلى النادى الإيطالى الذى تألق فيه وأبدع وأمتع، فاكتسب حب الجماهير والمدير الفنى وزملائه، وكان خير سفير لمصر والمصريين والعرب. وفى يوم الخميس الماضى كنت أتابع باهتمام مباراة «يوفنتوس» مع فريق صلاح «فيورينتينا» فى الدور قبل النهائى لكأس إيطاليا، والتى أحرز خلالها «صلاح» هدفين، منهما هدف أقل ما يقال عنه أنه هدف عالمى لا يحرزه إلا الكبار من عينة ميسى ورونالدو، وكان السبب فى الفوز بالمباراة، وكان المذيع والإعلامى التونسى المتألق «هشام الخلصى» هو الذى يدير الاستوديو التحليلى مستضيفاً «ميدو» ولاعباً إيطالياً شهيراً لا أتذكر اسمه، وبين الشوطين كاد هشام الخلصى يطير فرحاً بسبب الأداء الرائع والهدف العالمى الذى أحرزه «صلاح»، وشعرت أنه فخور بموهبة هذا اللاعب وما يقدمه من كرة، ثم جاءت الكاميرا على «ميدو» فتذكرت تمثيلية إذاعية بعنوان «عوف الأصيل» يقول فيها لشخص اسمه العِكر: وشك أصفر ليه يا عِكر؟ فعلى الرغم من اعترافه بأن الهدف عالمى وأن «صلاح» فعل فيه كل شىء تصديقاً لكلام «هشام» واللاعب الإيطالى، فإنه لم يكن سعيداً، ونسى أن كاميرات التليفزيون فاضحة، وحاولت أن أكذب نفسى، فالله أعلم بالنيات. وبعد انتهاء المباراة وإحراز «صلاح» الهدف الثانى كادت الفرحة تقفز من عينى المذيع هشام الخلصى، مثل كل مصرى وعربى سوى، حتى جمهور «اليوفى» الذى صفق لصلاح عند خروجه من الملعب، وظل يردد ما كتبته الصحف الإيطالية: «صلاح أخضع اليوفى وهزمهم»، ثم أعطى الكلمة لميدو لكى يشاركه الفرحة، فإذا به يلبس ثوب الواعظين الحكماء ويقول فى فتور: أنا مش عاوز «صلاح» يقع فى الفخ! فسأله هشام أى فخ؟ بعد أن تجنب الحديث عما فعله «صلاح» فى المباراة، فيجيب: «فخ الإعلام المصرى، الذى سوف يشده إلى أسفل.. هى دى بلدنا.. وهو ده إعلامنا، وأنا باتكلم عن تجربة زى ما عملوا معايا».. وكأن سبب فشل ميدو فى أن يصل إلى المستوى العالمى مثل دروجبا وإبراهيموفيتش هى مصر والإعلام المصرى، لقد كان دروجبا وإبراهيموفيتش يجلسان على دكة الاحتياطى فى بدايتهما وهو فى الملعب، لكن غروره وتكبره وعناده جعلت منه لاعباً محترفاً عادياً مثل الآلاف من اللاعبين المحترفين، فاللاعب المحترف النجم هو منظومة من العديد من المقومات لم تكن تمتلكها يا ميدو، ولن ننسى لك موقفك من المدرب القدير والمحترم حسن شحاتة، عندما أخرجك من الملعب وأبدلك بعمرو زكى فى الدورة الأفريقية، فقد كنت نموذجاً سيئاً لكل الشباب، وربما كان هذا من ضمن الأسباب التى جعلت الملايين تتعلق بمحمد صلاح لأنه -فوق الموهبة- فهو لاعب متواضع وخلوق. ويتحدث هشام الخلصى إلى مدرب اليوفى فيقول له: «إحنا عارفين إنك زعلان لكن إحنا فرحانين لأن صلاح هو اللى جاب الجولين»، وعندما رفض «صلاح» الحديث لأنه أخذ عهداً على نفسه بعدم الحديث للإعلام، وأتى لإلقاء التحية على من فى الاستوديو، يرد ميدو على اللاعب الإيطالى الشهير ساخراً: «تلاقيه مايعرفكش دلوقت» (فى إشارة إلى تكبر صلاح بعد هذا التألق). عزيزى هشام الخلصى.. أنا من أشد المعجبين بك وبأدائك وصراحتك من قبل، ولكن إخلاصك فى الفرحة باللاعب المصرى العربى محمد صلاح زاد من محبتى واحترامى لك، ويا ريت لا تفسد علينا فرحتنا بصلاح و«بلاها ميدو وخليك فى حازم إمام» فالكاميرا فضاحة، وموجات الحب والكراهية تنتقل بسهولة ووضوح بين القلوب عبر الأثير.