سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البيت الأثرى مالوش غير معنى واحد: «خراااااابة» ملاك العقارات القديمة يهدمونها ويبيعون الأرض أو يبنون عليها عقاراً سكنياً: «كله بيدفع ويخلص ورقه فى المحافظة»
بعد أن كانت محلاة بنقوش فنية مميزة، تجذب كل من يراها، أصبحت مجرد بيوت مهجورة تستخدم كمقالب للقمامة أو كمصانع صغيرة. هل تصدق أن عقارات شبرا الأثرية، ذات الطراز المعمارى الفريد والأسقف المرتفعة والنقوش التى تزين واجهاتها، تحولت إلى «خرابات»؟ بنظرات يملأها الأسى والحسرة، ينظر رأفت منصور، من سكان شبرا، إلى أحد عقارات شبرا الأثرية، التى كانت مصدر إلهامه فى الصغر، الآن أصبحت مجرد «خرابة» بأيدى ملاكها: «كنا بنشوف السما، قبل ما تحجب العمارات الرؤية، هدموا اللى هدموه والباقى بقى خرابة». نشأ «منصور» فى حى شبرا. هو شاهد عيان على الفوضى التى حلت بالعقارات الأثرية. ولد وتربى فى أحد هذه العقارات، لكن العقار انتهى. تم هدمه من أجل بناء عقار سكنى مكون من 12 طابقاً، لاستيعاب عدد أكبر من السكان. لم يكتف السكان بتشويه العقارات الأثرية فى شارع «الأفضل» بشبرا، بل الحدائق التى كانت تمتلئ بالأشجار النادرة تحولت إلى محال وجراج للسيارات، أما الأعمدة التى كانت على شكل تماثيل رومانية، فتم تشويهها وإتلاف بعضها: «الشارع مابقاش فيه غير بيتين لسه على حالهم بس معرضين للهدم فى أى وقت». التشويه المتعمد امتد إلى القصور التاريخية التى تقع بالحى. فى ميدان «كتشنر» بشبرا، تم تشويه أحد القصور، حتى إن سُكان الحى لا يعرفون اسمه الحقيقى، بسبب أعمال التعدى والإهمال، التى امتدت لتمحو اسم القصر: «القصر اللى قدامى ده أثرى بس ماعرفش تاريخه ولا اسمه، وكل يوم بشوف اللى بيحصله وبحس نفسى شاهد على جريمة فى حقه، لأنهم للأسف حولوه لمصنع لإعادة إنتاج لحم الخنزير وطبعاً الريحة مش هقولك» حسب «فيليب»، أحد سكان شبرا. يشير الرجل إلى قصر آخر فى نهاية «كتشنر» تم الاستيلاء عليه وهدمه وتحويله إلى عقار سكنى ضخم: «هنا كان يوجد قصر عريق تحول إلى مدرسة، وبعد أن رفع ملاكه قضية فى المحاكم، عاد إليهم القصر، فهدموا المدرسة وبنوا عمارة». غياب الرقابة على العقارات الأثرية، دفع أصحاب النفوذ إلى دفع الرشوة للمسئول عن تسجيل هذه العقارات كمبنى أثرى، حتى يُغمض عينه ويتم هدمها وتشويهها، ما دفع «محمد»، أحد المقاولين فى شبرا، إلى إلقاء اللوم على المسئول عن هدم هذه الآثار: «كله بيدفع فلوس ويخلص ورقه فى المحافظة، وفى الآخر مفيش بيوت بتتسجل تبع وزارة الآثار.. خلصت على كده». وحسب الرجل الخمسينى فإن أصحاب هذه العقارات يتحايلون على القانون، بهدمها قبل مرور مائة عام على بنائها بعام أو عامين، حتى لا يقعوا تحت المسئولية. حسام إسماعيل، عضو لجنة التنسيق الحضارى بوزارة الثقافة، قال إن التجنى على المناطق الأثرية بشكل عام وصل ذروته فى أعقاب ثورة يناير، من قبل أصحاب هذه العقارات، بسبب قانون الإيجار القديم: «ملاك البيوت بيبقوا عايزين يتخلصوا من المستأجرين أصحاب عقود الإيجار القديمة، لأنهم بيدفعوا ملاليم، فبيهدوا العقار ويبيعوا الأرض، وطبعاً بيكسبوا دهب». «إسماعيل» يتوقع أن تستيقظ الدولة على كارثة محققة، وهى اختفاء معظم المبانى الأثرية: «فى أحد البيوت اكتشفنا أن المالك وضع شنكل حديد ضخم بين جدارين فى المبنى لتدميره».