أكاد أقول إن حماية حق الملكية الفكرية أصبح أحد أركان قيام الدولة القوية فى العصر الحديث.. إن مجتمعاً لا يحمى حقوق الملكية الفكرية لأفراده.. هو مجتمع محكوم عليه بالتخلف والتراجع المستمر والدائم حتى الفناء!! وقد آن الأوان أن تتقدم مصر على طريق حماية حق الملكية الفكرية الذى هو الضمانة الوحيدة لانتشار ثقافة الاختراع والابتكار عند العالم.. وعند رجال الأعمال.. وتعالوا نشرحها بشكل أوضح: المجتمعات تتقدم -اقتصاديا- إما بالثروات التى فى باطن أراضيها.. أو بالاختراعات والابتكارات التى يصل إليها أبناؤها.. وتبنى على أساسها المصانع لإنتاج هذه المخترعات للسوق المحلية ثم تصدير الفائض.. بل إن هذه المخترعات هى أيضاً التى تسهل استخراج ما فى باطن الأرض وتصنيعه وترويجه. هذه المخترعات سيشارك فيها اثنان.. أحدهما بالعلم والبحث والتفكير.. والثانى بالمال اللازم لتمويل الاختراع فى مراحل البحث ثم فى مراحل التصنيع والترويج.. أى العلماء ورجال الأعمال فى الصناعة. أما فى مجال الملكية الفكرية فى مجال الإبداع الفنى والثقافى فإنها تحتاج إلى نفس التركيبة.. مبدع ومنتج.. فنان، وجهة إنتاج.. كاتب وناشر.. وهكذا. يترتب على هذا أن تكون هناك «حقوق» تعوض العلماء عن السنوات المضنية فى البحث والتنقيب والدراسة من أجل الوصول إلى اختراع يكتب باسمهم.. وتعوض مؤسسات المال ورجال الأعمال عما صرفوه من أموال طائلة حتى إنجاز هذا الاختراع. فإن تقاعس المجتمع -أى مجتمع - عن حماية هذه الحقوق (حقوق الملكية الفكرية) ينصرف العلماء فى هذا المجتمع عن البحث.. أو يذهبون إلى مجتمعات أخرى وينصرف رجال الأعمال إلى الاستيراد بديلاً عن تبنى اختراعات لايحميها المجتمع.. الملكية الفكرية.. هى نتاج عقول أبناء المجتمع.. أو الجزء المبدع فى عقل المجتمع، وعدم حماية الحقوق المترتبة على هذا النتاج يجعل منه بضاعة بائرة.. لا يقبل عليها أحد، تخيلوا مجتمعا يتوقف فيه الإبداع والابتكار والاكتشاف العلمى والأدبى والفنى.. هل تسيطر سوى قوى الفهلوة والغباء والبلطجة.. والاستيراد بدلا من الإنتاج.. هذا هو ما نحيا فيه على الرغم أن مصر من أوائل الدول التى وقعت على جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية التى تعمل على حماية حقوق الملكية الفكرية.. إلا أن القانون والممارسات التى تحدث فى مصر تجعلها من الدول المتخلفة فى هذا المجال. إننى أتوجه إلى وزراء العدل والاستثمار والثقافة والإعلام لكى يشكلوا لجنة لتعديل قانون حماية حق الملكية الفكرية مع وضع الآليات الملزمة للكافة بتطبيق جميع بنوده.. حديث الخرافة.. هو أى حديث عن النهوض بمصر من كبوتها الاقتصادية والعلمية والفكرية دون حماية لحقوق المبدعين والعلماء والمفكرين ورجال الصناعة والتجارة والمال.. وبدون حمايتهم جميعاً من خلال حماية حقوقهم فى الملكية الفكرية.