ستتردد فى البداية، وفى البداية فقط، وستلعن نفسك، ومن حولك، بعد أول صرخة من إحداهن وهى تقول: «بتعمل إيه يا حيوان»، وستتلعثم تلعثم المبتدئين فى هذا المجال، ولا مانع من صفعة قوية من أحدهم، وهو يقول لك: «جتكو القرف مليتو البلد»، ومن بصقة تختار مكانها فى وجهك، مع العبارة الشهيرة المصاحبة: «ما عندكوش إخوات بنات يا أخى»، وسيصر شخص ما، دائماً، على اقتيادك لعمل محضر، لكن شخصاً آخر، متخصص فى مثل هذه المواقف، سيظهر كملاكك الحارس، وهو يصرخ فى الجميع: «كفاية اللى خده وربنا يستر على ولايانا» لتنزل بعدها من الأتوبيس، وكل ركابه ينظرون إليك فى ازدراء، بينما تقنع نفسك أن المارة فى الشارع لا يعرفون ما حدث، ولم يشاهدوا الصفعة، وسيعتبرون أن البصقة رذاذ غسيل؛ ووقتها ستتذكر استخدام المناديل الكلينكس، التى اشتريتها بجنيهين كاملين، رغم أن ثمنها لا يتعدى نصف جنيه، لكى تساعد المتسولة، التى طلبت مساعدتها بشراء المناديل، بدلاً من أن تتسول، مع أنك تعرف أنها بذلك أيضاً تتسول، ولكن احترافها يجعلها دائماً تأبى أن تعيد لها المناديل وأنت تعطيها الفلوس لأنها -كما ستكرر- لا تتسول، ولأن المناديل من حقك. مع مرور الوقت -وكديدن الأشياء- سيصبح كل شىء أكثر إتقاناً، مع إضافة لمساتك الخاصة، التى لا يعرفها سواك، وستحفظ كلمات على منوال: «إيه تلاقيح الجتت دى يا ست إنتى»، ولا تتردد وأنت تقول لها: «اتقى الله وخليكى محترمة»، بل إنك ستطيل ذقنك قليلاً، وتتمتم بآيات قرآنية وأدعية بصوت خفيض، لكنه مسموع، وهو ما سيكفل ارتباكاً شديداً عند الفتاة، التى تقف خلفها فى الأتوبيس المزدحم، لا سيما أن الليمونة التى وضعتها أنت فى جيبك، وأحدثت بروزاً يعطى ملمساً معروفاً، سيجعلها ترتبك فى بادئ الأمر، لكن خشوعك فى التلاوة، ووضع وقفتك بالجانب، سيجعلها لا تشك كثيراً، على اعتبار أن الليمونة ميدالية، وأنك سيدنا الشيخ، الذى لا يمكن أن يفعل ذلك أبداً. بعدها لن يدهشك أن تلتصق بليمونتك السحرية فى أماكن أكثر جرأة، فلا تجد أى رد فعل من إحداهن، وسيجعلك ذلك تعدل من وقفتك، وتستدير بكامل جسدك، طالما أنها لا تمانع تحت وطأة الاحتياج الهرمونى المشترك، ولن يتكلم أحد أبداً، طالما أن صاحبة الشأن لا تمانع، كما أنك ستحرص على ألا يمتد الموضوع لأكثر من الأتوبيس، حتى إن غمزت لك، وهى تنزل فى محطتها كى تنزل معها، وستظل تركب كل الخطوط، حتى تعرف أى الأتوبيسات يلائمك أكثر من الآخر، وتزيد من حصيلتك البصرية، لتصبح لياليك أكثر إمتاعاً، وأكثر ازدحاماً بكل بطلات فيلمك الخاص، الذى تخرجه بنفسك كل مساء تحت غطائك، ولن يشفع لك زواجك منذ عام، أو يزيد، على أن تترك كل عاداتك السرية والمعلنة؛ لكن نقطة التحول، التى ستجعلك تتوقف عن الأمر، وتحاول علاج إدمانك، ستكون يوم أن تقف خلف إحداهن بليمونتك، فترضخ فى بادئ الأمر، قبل أن تستدير بكامل جسدك، لتصبح فى وضعك المفضل، وحين ستهم بها، ستضربك بين فخذيك بحقيبتها، بمنتهى القوة، وهى تتصنع العفوية المقصودة، وبينما أنت تنحنى متألماً، ستصطدم بنتوء تعرفه جيداً، فتنظر خلفك، لتجد شاباً رقيعاً يقف خلفك تماماً فى منتصف الهدف، وهو يغمز لك بنظرة ذات مغزى، لتصرخ فيه: «إيه اللى عملته ده يا حيوان»، ويرد هو عليك بثقة: «ما تحترم نفسك يا بنى آدم.. جتكو القرف مليتوا البلد» لتهرب بعدها نازلاً إلى أقرب محطة أتوبيس، وأنت تتلوى ألماً من الأمام، ومن الخلف، فى منتصف الهدف.. تماماً. (من المجموعة القصصية: محاولة أخيرة لقتل بوجى)