أحدث الشيخ ياسين التهامى تمرداً فى مدرسة الإنشاد الدينى، هجر الكلمات القديمة التقليدية، ولجأ لأشعار أقطاب السادة الصوفية الكبار. أخذ «التهامى» من كلمات الأقطاب ما أعانه على إنشاده، كذلك ما ساعده على أن يكون فى حال خاص لم يجربه أحد من قبل. يقول «التهامى»: «أشعر أحياناً وأنا أنشد بأن قلبى هو الذى يقول وليس لسانى ولا حنجرتى، وهذا من مشايخنا أصحاب الحال نفحة، والنفحة الصغيرة منهم كفيلة بأن تجعلنى أنشد طوال الليل دون تعب أو إجهاد»، ويضيف: «يعتبر التهامى نفسه وبتعبيره هو «مرسال الكلمات»، فهو مكلَّف من السادة الصوفية بأن يحمل كلماتهم إلى مريديهم، ولذلك لا بد أن يكون أميناً على هذه الكلمات، لكن يظل لهذا المرسال حالة خاصة. يقول «التهامى» فى تعمد يشى بما وراءه: «أنا لا أختار الكلمات... بل الكلمات هى التى تختارنى». التهامي لا ينشد كلمة إلا بعد أن يشعر بها تفرغ الشيخ ياسين عامين كاملين لقراءة أشعار أقطاب الصوفية الكبار، وتحولت القراءة لحفظ، لا ينشد كلمة إلا بعد أن يشعر بها، ويجدها تداعب وجدانه، فوضع لنفسه منهجاً خاصاً فى حفظ الشعر، كان يعرض القصيدة على قلبه أولاً، كان يدخل إلى القصائد بعلة يشكو منها باحثاً عن علاج، وعندما يجد العلاج فى الكلمات يجدها منقوشة فى قلبه، وظل هذا المنهج معه طوال حياته. يرى «الباز» أن حفظ «التهامى» للشعر الصوفى ملحمة تصل للمعجزة، قائلاً: «نحن أمام شاب بضاعته من العلم قليلة، لا يستطيع أن يفهم ما جاء فى قصائد الصوفية الكبار، فالمعانى الكامنة فى سطورهم تتجاوز قدراته، ولأن الفهم طريق الحفظ، فما فعله عندما حفظ قصائدهم دون أن يفهمها يدخل فى باب المعجزات». القصة عند «التهامى» مختلفة، فالفهم لم يكن مقصده، بل كان الإحساس. روح «التهامي» امتلأت تماما بفيوضات الشعر الصوفي بعد عامين من التفرغ، كانت روح «التهامى» قد امتلأت تماما بفيوضات الشعر الصوفى، وجد نفسه مدفوعاً إلى الترنّم بهذه الأشعار، حتى جاءت الليلة الموعودة، ليلة المولد النبوى لعام 1973، وفى ساحة والده وقف «التهامى» لينشد فى حب رسول الله، بكلمات لعمر بن الفارض سلطان العاشقين، ومن ذلك الحين انطلق ليصبح النجم العابر للأجيال، فحتى الآن ورغم مرور ما يقرب من 50 عاماً يظل هو المنشد الأعظم. قائمة مَن أنشد لهم الشيخ ياسين طويلة، ولا تتعجب عندما تجد أن سلطان العاشقين عمر بن الفارض، وسلطان العارفين محيى الدين بن عربى، وسلطان المحبين عبدالكريم الجيلى، وعبدالقادر الجيلانى والحسين بن منصور الحلاج، وغيرهم. وعلى نفس المرفأ يمكنك أن تقابل كلمات للإمام على، كرم الله وجهه، ولابنه الإمام الحسين، رضى الله عنه، وللإمام الشافعى والإمام أبى حنيفة، كما أنشد لعلى بن محمد وفا، ومحمد بن عمر بن مكى بن عبدالصمد، ومحمد أبوالفيض المنوفى، وأحمد الحملاوى، ومصطفى لطفى المنفلوطى، وأحمد شوقى، وعباس محمود العقاد، وحافظ إبراهيم، وطاهر أبوفاشا، وعلية الجعار.