لم يحظ صنف من الملابس على مدار التاريخ، بكل هذا الجدل الذي ارتبط دوما ب"الفرو"، إذ تشعب الأمر حتى وصل إلى حد تنظيم مظاهرات ضده بدوافع أخلاقية وإنسانية، بدعوى أنه من القسوة أن يقتل الإنسان الحيوانات ليحصل منها على "الفرو" حتى يبيعه محققا مكاسب طائلة، من أموال السيدات اللاتي يتباهين بامتلاكه، دون أي اعتبار لحقوق "الحيوان". ويعتقد مؤرخون وخبراء فى عالم الموضة أن "الفراء" كان ولايزال أحد الأصناف والتصميمات الرائدة فى عالم الموضة، بل وأقدمها على الإطلاق، خصوصا في تلك العصور الاستعمارية الأوروبية وحتى منتصف القرن الماضي، وهي أزمنة كان "الفراء" فيها سمة بارزة، ويمكن لأى شخص أن يلاحظ ذلك من خلال الأفلام السينمائية والتسجيلية القديمة، التى تظهر فيها سيدات الطبقات الثرية، يرتدين الفراء بشكل دائم تقريبا، حتى فى الأجواء الأقل برودة، حيث عرف "الفرو" دائما بالمتانة وفخامة هيئته. وحتى الآن يرتدى السكان الأصليون ب"الاسكيمو" وبعض مناطق روسيا والبلاد الاسكندنافية، "الفرو" بكل أشكاله، لكن بدافع برودة الجو بالدرجة الأولى. وفي دول أوربا، يجتمع صنفان من البشر، الأول يتعامل دائما مع بيوت الأزياء للحصول على أفخم أنواع الفرو، والثاني تمثله الحركات الحقوقية التى تنظم مسيرات احتجاجية وتظاهرات أمام بيوت الأزياء ضد التوسع في استخدام "الفراء"، وهو ما كان له صدى واسعا أدى إلى تفاعل كبار المصممين معها، خاصة فى بريطانيا، حيث تفاعلت المصممة البريطانية الشهيرة ستيلا ماكرتني نجلة مغنى البيتلز الشهير، مع تلك الحملات وأعلنت مقاطعتها استخدام الفرو وجلود الحيوانات فى تصميماتها، بل والانضمام إلى الحملات المناهضة لاستخدام الفرو بدافع أخلاقى. ويستخدم الفرو بشكل غير مباشر أو صريح فى العديد من التصميمات، من خلال صبغه بعدة ألوان ودمجه داخل التصميمات فى محاولة للتحايل على الحركات المناهضة لاستخدامه. وتأتي الثعالب والنمور والثعابين والدبدبة، وحتى القطط والكلاب، في صدارة الحيوانات التي تمثل مصدرا للثراء السريع لدى صائديها، بعد تحويل جلودها إلى "فرو" بمعالجتها عبر أحماض وأملاح كيميائية ونشارة الخشب والصودا، ليباع إلى كبار مصممى الأزياء بهدف جنى الملايين من جيوب أثرياء العالم. وقد بدأت حملات مكافحة استخدام الفرو وجلود الحيوانات بالملابس، فى أوروبا والولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضى، حتى بلغت ذروتها خلال التسعينيات، وكان أبرز من قاموا بأنشطة وفعاليات على نطاق واسع في هذا المجال منظمة "بيتا"، أشهر المنظمات المعنية بحقوق الحيوان فى العالم. وكان نتيجة ذلك، أن تعرض العديد من الفنانين مثل ليدى جاجا وجيرى هالويل، لحملات مضادة نظرا لارتدائهم "الفرو"، بل ونظمت ضدهم الحملات عبر الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام، مما دفع العديد منهم للتراجع والاعتذار علنا. وتعد الصين وروسيا بين المناطق التي تشهد انتشار عمليات صيد الحيوانات وقتلها للحصول على الفرو، لذلك تركز حملات مكافحة استخدام الفرو نشاطها ضد هاتين الدولتين على وجه الخصوص.