تستعد لجنة الحكام لسماع المتسابقة التالية، هل ستفاجئهم بموهبة تجذبهم، أم تخيب آمالهم، آذان صاغية وعيون مرتقبة، تخطو الفتاة ذات الثمانية عشر عامًا، بجسد يافع لا تدفعه ثقة، ووجه برئ يليق بفنانة في مقتبل العمر، ملابس ليست بالأنيقة، ووردة ربطت بها شعرها للخلف، تنم عن بساطة بدت على نفس ذاك الوجه، تقف باستقامة وتتمايل تفاعلًا مع لحن "أنا قلبي دليلي" الذي بدأ في الخلفية، تندمج أكثر فأكثر وتشدو لتطربهم وتأسرهم. لم تنذر خطوات المتسابقة ماجدة الرومي، نحو ميكروفون "استديو الفن" عام 1974، بثقة تذكيها لدى لجنة التحكيم، إلا أنها أدخرت تلك الثقة لتفجرها مع موهبتها التي دفعت والدها، الموسيقار حليم الرومي إلى الموافقة على فتحها باب الغناء، بعد أن رفضه تمامًا في البدء، وهو من أهدى "أيقونة الفن" فيروز للعالم، ولم يتوقع أن ابنته الرقيقة ستحذو حذو "الفيروزة" وتكون خليفتها. "تعلمتها لوحدي، ونقتها لأنها حلوة"، إجابة بسيطة من متسابقة أبسط، على سؤال مقدم البرنامج عن سر اختيارها لهذه الأغنية، تبدأ الموسيقى وتتمايل معها الرومي في خفة كزهرة، تجوب عيناها الأرجاء، قلقًا ربما، وربما كانت تستعد لإدهاش الجميع بصوت خلاب أشاد به الجميع، وتنتظر إشادتهم في أول تحد حقيقي لها، آهات أوبرالية بدأتها الفتاة، غلبت في عذوبتها موسيقى الأغنية، يزيد التمايل بين اليمين واليسار، سُمع الصوت أخيرا "دايمًا يحكيلي، وبصدق قلبي"، ابتسامة رسمت أخيرًا على وجهها الملائكي، وكأنها تشدو لنفسها، لتثق حقًا بصوت قلبها الواثق من موهبتها. تحولت من زهرة تتمايل مع الأهواء، إلى فراشة تختار هي متى تميل وإلى أين، تكسوها ابتسامة تزداد كلما ارتفع صوتها بالغناء، وترتفع معها إقبالًا نحو درجات سلم الشهرة، مع ازدياد التصفيق لها، ليعلن مذيع البرنامج الشهر في بيروت آنذاك، بعد جولات عدة وأصوات قوية، عن فوزها "ماجدة الرومي- البقاع 74" بالمركز الأول، لتظل كما هي بعد 40 عامًا من مشاركتها في البرنامج، وانطلاقها في سماء "الغِنية"، سيدة بيروت وأنشودة السلام.