يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم، قمتهم السنوية في قطر بعد تسعة أشهر من الخلافات التي تمت تنحيتها جانبًا لمواجهة المخاطر الجمة الناتجة عن المجموعات المتطرفة وتعاظم نفوذ إيران. وتبحث، الوضع في العراق وسوريا، في ظل تعاظم العنف في اليمن وانهيار أسعار النفط، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي لدول الخليج وعماد نفوذها العالمي. وقال مسؤول قطري، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، إن "مجرد انعقاد القمة" وجلوس القادة على طاولة واحدة "هو نجاح بحد ذاته". واندلعت الأزمة الأشد في مجلس التعاون الخليجي منذ انشائه في 1981، عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين في مارس سفراءها من الدوحة، ويضم المجلس السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين. واتهمت الرياض وأبوظبي والمنامة، قطر بانتهاج سياسة تتدخل في شؤونها الداخلية، والتي تؤثر على الاستقرار في المنطقة، لاسيما من خلال دعم الإخوان المسلمين خصوصًا في مصر، وتعد الرياض وأبوظبي من أبرز الداعمين لإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي. واتهمت قطر أيضا بإيواء معارضين خليجيين وبتجنيس مواطنين بحرينيين سنة. وفي نوفمبر، توصلت دول الخليج بفضل وساطة كويتية إلى اتفاق مصالحة وتقرر إعادة السفراء إلى الدوحة، فيما دعا العاهل السعودي مصر ضمنًيا إلى الانفتاح على قطر، والتي كانت من أبرز داعمي الرئيس المعزول محمد مرسي. ويؤكد محللون، أنه من الواضح أن لدى المجموعة الخليجية رغبة بتجاوز الخلافات أمام التحديات الكبرى التي تواجهها، خصوصًا بسبب النزاعات في العراق وسوريا واليمن والخطر الناتج عن المجموعات المتطرفة على أمنها الداخلي، فضلًا عن الخوف من توسع النفوذ الإيراني. وحاولت السعودية والإمارات خلال الأشهر الماضية الحصول على تنازلات من قطر، لاسيما الكف عن دعم الاخوان المسلمين الذين تعتبرها تلك البلدان منظمة إرهابية. وأكد المحللون، أن الدوحة قدمت من دون شك بادرات من أجل "الوحدة"، إلا أنها لم تقلب توجهاتها رأسا على عقب، وبالتالي، فإن قمة الدوحة تأتي في إطار تهدئة تدريجية للتوتر داخل البيت الخليجي. وكان يفترض أن تستمر القمة ليومين إلا أنه تم اختصارها بيوم واحد دون إعطاء أي تفسير لهذه الخطوة. وتنتمي معظم دول مجلس التعاون إلى التحالف الدولي، الذي يخوض الحرب ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتحتضن قطر مركز قيادة العمليات، فيما شنت السعودية والإمارات عدة غارات ضد التنظيم. ويناقش قادة الخليج، في قمتهم سبل تعزيز التنسيق والتعاون في مجال القيادة العسكرية لاسيما اطلاق القيادة العسكرية المشتركة لجيوشهم، فضلًا عن مشروع إنشاء قوة بحرية مشتركة وجهاز شرطة مشترك يكون بمثابة إنتربول خليجي. وبحسب الأمانة العامة للمجلس، فإن القادة سيبحثون أيضا التقدم المحرز في مجال تطبيق عدة اتفاقيات أبرمتها دول في المجلس مع الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب. وسيناقش أيضا، مشروع الوحدة الجمركية التي يفترض أن تدخل حيز التطبيق من حيث المبدأ خلال أشهر، إلا أنه من المرجح أن يتم تأخيرها. ولاشك أن دول الخليج تبقي عينها على أسواق النفط، فهي تملك 40% من النفط العالمي وربع احتياطات الغاز، ويؤمن الذهب الأسود 90% تقريبًا من عائداتها العامة. وتراجعت أسعار الخام بنسبة 40% منذ يونيو، ما يعني أن دول الخليج يمكن أن تخسر هذه السنة 300 مليار دولار من العائدات النفطية مقارنة بالعائدات التي سجلتها العام الماضي وبلغت 730 مليار دولار. ودفعت السعودية والإمارات والكويت وقطر باتجاه إبقاء مستويات الإنتاج على حالها في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) خلال اجتماعها الشهر الماضي، ما ساهم في استمرار تراجع الأسعار. وتهدف دول الخليج بزعامة السعودية بحسب المحللين، إلى الضغط على منتجي النفط الصخري وإخراجهم من المعادلة، خصوصًا في الولاياتالمتحدة، والحفاظ على حصتها ونفوذها في سوق الطاقة العالمي.