دعا البابا فرنسيس، تركيا، اليوم إلى "حوار بين الأديان" أمام التعصب الذي يعصف بالمنطقة، في حين ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإسلاموفوبيا في الغرب. وفي أول خطاب له أثناء زيارته إلى تركيا، طرح بابا الفاتيكان نفسه أمام أردوغان كمدافع عن الحوار مع الإسلام وعن المسيحيين ضحايا "الاضطهاد الخطير" للجهاديين الإسلاميين في العراقوسوريا. واعتبر البابا فرنسيس الأرجنتيني (77 عامًا) أن مهمة تركيا تقضي بأن تكون "جسرًا طبيعيًا بين قارتين وبين تجليات ثقافية مختلفة" موضحًا أن "مساهمة مهمة يمكن أن تصدر عن الحوار الديني والثقافي بطريقة من شأنها منع كل أشكال الأصولية والإرهاب". وقال أردوغان، إثر استقباله البابا في قصره الجديد "ننظر إلى العالم بالقيم ذاتها. أن آراءنا متشابهة حول العنف"، وتطرق أردوغان مطولًا إلى تنامي الإسلاموفوبيا في العالم الغربي. وفق وكالة أنباء "فرانس برس" الفرنسية. وقال الرئيس التركي، إن" الأحكام المسبقة تزداد بين العالمين الإسلامي والمسيحي. الإسلاموفوبيا تشهد نموًا خطيرًا وسريعًا. علينا أن نعمل معًا ضد مصادر التهديد التي تلقي بثقلها على عالمنا وهي انعدام التسامح والعنصرية والتفرقة". ورغم تنديده بالمنظمات الإرهابية مثل القاعدة و"داعش"، قال "أردوغان" إن التقدم الذي تحرزه يعود إلى أن الشبان الذين يتم تجنيدهم "يعانون التمييز كما أنهم ضحايا سياسات خاطئة". وندد رجل تركيا القوي ب"الخطاب المزدوج" في الغرب حول الإرهاب، مشيرًا إلى "إرهاب الدولة" الذي يمارس في سوريا وإسرائيل. وانتقد أردوغان عزوف العالم عن اتخاذ ردة الفعل اللازمة إزاء منظمة "بي كا كا" الإرهابية، التي تسببت بمقتل نحو 50 ألف شخص في تركيا، على مدار 30 عامًا، بحسب قوله. وأردف أردوغان قائلاً: "وكأن العالم بعدم قيامه بالإجراءات المطلوبة؛ يشجع الانقلابات العسكرية في بعض البلدان، والمجازر، وانتهاكات حقوق الإنسان. إن هذه المواقف ذات المعايير المزدوجة، وهذه المفاهيم الظالمة لا تقتصر على تدمير وجدان العالم الإسلامي فحسب، وإنما تتجاوزها إلى إلحاق الضرر بوجدان الإنسانية الساعية إلى تضميد جراح العدالة". وفق وكالة "الأناضول" التركية. وقال البابا: "إنه لأمر أساسي أن يتمتع المواطنون المسلمون والمسيحون واليهود بالحقوق نفسها ويحترموا الواجبات نفسها"، مضيفًا أن "الحرية الدينية وحرية التعبير إذا تم ضمانهما بشكل فعال للجميع تكونان علامة بليغة عن السلام" في المنطقة. وتعد زيارة البابا رسالة دعم أيضًا لجميع المسيحيين في تركيا الذين يشكلون أقلية صغيرة يبلغ عدد أفرادها 80 ألفًا وسط أكثر من 75 مليون مسلم يشكل السنة أكثريتهم. وجدد البابا الإشادة ب"الجهود الكريمة" لتركيا التي تستقبل لاجئين من سورياوالعراق بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، مؤكدًا أن على الأسرة الدولية "واجبًا أخلاقيًا يقضي بمساعدتها على الاعتناء باللاجئين". وفي ختام لقاء له مع الشيخ محمد غورميز أبرز رجال الدين الأتراك، ندد البابا فرانسيس مرة ثانية بالتجاوزات "غير الإنسانية" للمجموعات المتطرفة مثل تنظيم "داعش" في سورياوالعراق. وقال "إن العنف الذي يبحث عن تبرير ديني إنما يستحق أشد الإدانات". ووفًقا لوكالة "إي ميديا" المتخصصة بشؤون الفاتيكان، فإن البابا سيغتنم زيارته إسطنبول للقاء لاجئين سوريين وعراقيين. وهي بادرة متوقعة منذ الصيف عندما أعلن عن رغبته في دعم العراقيين المسيحيين بكل طوائفهم والهاربين من الجهاديين إلى كردستان العراق. وبعد ثمانية أعوام على زيارة سلفه، سيزور البابا فرانسيس الأماكن نفسها المشحونة بالرموز التي زارها بنديكتوس السادس عشر، من ضريح أتاتورك الى كاتدرائية آيا صوفيا القديمة التي أصبحت متحفًا والمسجد الازرق السبت في إسطنبول، وسط أجواء بعيدة عن التشنج. وأشارت الصحف التركية إلى تدابير أمنية مشددة مع نشر 2700 شرطي في أنقرة وقرابة 7 آلاف آخرين في إسطنبول. كما سيتم إغلاق العديد من الشوارع خصوصًا في حي السلطان أحمد حيث يقع المسجد الأزرق.