البعض يظن أن عدم تحقيق وعود المائة يوم التى قطعها الرئيس على نفسه فرصه لتسجيل الأهداف فى مرماه، ولكنى أرى الأخطر! إن مصر هى المهددة فى كل يوم مائة مرة تحت حكم لا يفى بوعوده ولا يخطط لتحقيقها، فهل تحتملُ مصر إخفاقاتٍ مئوية أخرى!؟ وهل الأهم هنا هو إخفاق الرئيس أم إخفاق وطن يخصم من أيامه ونجاحاته، بعد ثورة تطلعت إلى التغيير والتقدم والحداثة والحرية والعدالة الاجتماعية؟ نعم أخفق الرئيس فى تحقيق وعده الانتخابى لأول مائة يوم، فشل فى تحقيق ما لم يُجبَر على قطعه على نفسه! فسخ الرئيس بإخفاقه أول عقد سياسى وقعه مع ناخبيه، ومن ثمّ الشعب المصرى بالكامل، فحينما يقدم مرشح برنامجه الانتخابى ووعوده لناخبيه فى مناخ حُر وانتخابات نزيهة، يكون بذلك وقّع عقده السياسىّ معهم، ويكتسب هذا العقد شرعيته بتوقيع الملايين فى بطاقات التصويت!.. . فهل اعتذر الرئيس أو تحدث عن التزامه معنا من عدمه!؟ لقد حدد برنامج المائة يوم للرئيس خمسة محاور للعمل السريع وحل المشكلات الناجز وتتمثل هذه المحاورالخمسة فى: المرور، الأمن، النظافة، الخبز، والوقود، ولقد صِيغت المحاور باحترافية القنّاص الذى ينفذ فوراً لمشكلات الناخب البسيط الذى يحلم بأولويات الحياة بعيداً عن الأيديولوجيات والقناعات السياسية، ولقد ربح الرئيس المقعد من وراء وعوده البراقة والحيوية. هذا.. ولما كانت الوعود سياسية محفزة، كان لا بد أن يبدأ الرئيس باختيار حكومة على نفس المستوى، فتكون سياسية لا تخلو من المهارات والكفاءات، ولكن الرئيس تعمد الاختيار من خلف الستار ومن غير المُعلَنين، اتساقاً مع أهل الثقة ومن يوالون الفكر العام حتى إن ابتعدوا عن قابليتهم لتنفيذ الأفكار والبرامج على الأرض، فظلت الحكومة منذ اليوم الأول مرتعشة تنتظر توجيهات السيد الرئيس، ولا نرى لها ظلاً خاصاً على الأرض، فهم أنفسُهم ظِلُ الرئيس!! كان من المفترض أن يركز الرئيس عمله فى المائة يوم الأولى فى مصر، ويتابع تحقيق وعوده السياسية لناخبيه، ولكنه آثر الترحال ليخلق محاور للهرب من تنفيذ وعوده الداخلية، ولتحقيق الأمان فى الخارج ورسم صورة ذهنية عن الحكم الإسلامى ناصعة بيضاء مدنية باسمه، بغض النظر عن السواد المستمر فى الداخل المُرهَق، فلقد وضع مبارك الدرس سلفاً، الخارج أهم، والداخل مقدورٌ عليه، وذاكرة الشعوب ضعيفة وملفات الخارج دقيقة. تركنا الرئيس لرحلاته وخطاباته فى الخارج ولم يوجه لنا خطاباً عن آلامنا الداخلية وخططهِ للوقوف معنا فى مواجهة شظف العيش، لم يزُر المصانع المعطلة فى كل مدنِ الإنتاج، وذهب إلى الصين التى تحتلنا ببضاعتها رديئة الصنع، ذهب لمجلس أمن تدعم كل قراراته العدو الصهيونى، بينما ترك جيشنا فى سيناء يحارب جماعات تكفيرية تشكل بؤراً انفصالية تهدد أمننا القومى. خطا شرقاً لإيران متحدثاً فى قمه عدم الانحياز، وانحاز فى الداخل لتياره فقط فى السيطرة على أجهزة الدولة ومفاصلها، ومنها شركة المقاولون العرب، والصحف القومية وغيرهما. سافر د.مرسى فى مائة يوم كما لم يسافر مبارك نفسه وكنا نتهمه بكثره الترحال!! إن السيادة للشعب، والشعب يئن من خططٍ سابقة ووعودٍ لم تنفَّذ، ولقد ترك الشعب مقاعد المتفرجين فى 25 يناير، وقرر أن يكون لاعباً رئيسياً، وأول الغيث قطرة وفشل المائة يوم قد يتكرر إذا لم يلتزم الرئيس وأعوانه ببرامجهم والتخطيط لها. مصر لا تحتمل مئوية فشل أخرى، وسيدفع ثمنها من لا يعتبر أن الشعبَ موجود وحى ويراقب، فالمصرى من الممكن أن يصلى الجمعة خلف الرئيس، ولكن لن يمنعه أحدٌ من الدعاءِ على من يظلمه ويعبثُ بطموحه.