لا أعرف الشاب «أحمد دومة» معرفة شخصية، لكننى لا أستطيع أن أنفى متابعتى له، انطلاقاً من إحساس لدىّ بأنه من تلك الزمرة النقية من أبناء ثورة يناير، تلك الثورة التى أحياناً ما انخرط فيها الحابل بالنابل، والمخلص بالانتهازى، والوطنى بالمأجور، لكن يبقى أنها قامت وواصلت وسوف تظل تواصل مستعينة بملح أرضها، هؤلاء الأنقياء الذين خرجوا يوم الثلاثاء 25 يناير، مطالبين بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. شارك أحمد دومة فى ثورة يناير، بكل موجاتها، وكان وجهاً بارزاً من الوجوه التى وقفت بصلابة فى مواجهة حكم الجماعة، حتى اندلعت الموجة العاتية للثورة فى (30 يونيو) لتكتسح حكم «مرسى» وجماعته فى طريقها، وعندما قررت سلطة ما بعد 30 يونيو إصدار قانون التظاهر، لم يجد «دومة»، مثله مثل كل أنقياء يناير، مبرراً لصدور هكذا قانون، ورفضوا التمحك بقصة الإرهاب، إذ إن لدينا من القوانين ما يكفى لمواجهته، وكانت النتيجة أن دفع «دومة» حريته ثمناً للوقوف ضد هذا القانون ليلقى به فى السجن. على أكثر من نافذة إعلامية صرخت زوجته مستغيثة: «أحمد يموت»، ولم يغثها أحد. أكدت أن حالة زوجها الصحية متدهورة رغم أنه فض الإضراب عن الطعام، وأنه يعانى من حالات إغماء متكررة، وطالبت بنقله من مستشفى سجن طرة إلى مستشفى آخر، ولم يجبها أحد!. لقد سبق وقرأت تعليقاً لزوجة «دومة» على مسألة التدخلات الخارجية للإفراج عن زوجها قالت فيه: «السلطة فى مصر لا تقبل أى ابتزاز من أى جهة خارجية، موضحة أن زوجها لم يسرق ولم ينهب ولم يستغل نفوذاً ولم يقتل أو يعذب ولم يرفع سلاحاً فى وجه الوطن». ناشدت الرئيس عبدالفتاح السيسى الإفراج عن زوجها بسبب تدهور حالته الصحية عبر رسالة نشرتها إحدى الصحف، وحتى الآن لم نسمع رداً على رسالتها. «دومة» سجين، لأنه رفض قانون التظاهر الذى يشهد كل من له صلة ب«القانون» بأنه غير دستورى. «دومة» سجين لا تسمح الداخلية بعلاجه خارج السجن، رغم أن هناك مساجين آخرين (درجة أولى) يقضون عقوبة فسادهم فى أرقى المستشفيات، والله أعلم هل يقيمون فيها على نفقتهم الخاصة، أم على نفقة الدولة التى نهبوها!. «دومة» سجين، فى حين ينعم رهط ممن ثار ضدهم ذات يوم بالحرية و«رحرحة» العيش، رغم اتهامهم بنهب مليارات من دم المصريين، واحد من كبارهم، تم الإفراج عنه من أحد المستشفيات، بعد أن عشنا شهوراً نظن أنه يقبع وراء القضبان!. لقد طالبت نقابة الأطباء النائب العام ووزارة الداخلية باتخاذ إجراءات سريعة بعيداً عن «الروتين العادى»، ونقل أحمد دومة، المحبوس فى سجن طرة، إلى مستشفى مجهز بعناية مركزة، محذرة من أن حياته فى خطر. ويبدو أن طلب النقابة أقلق الداخلية فتحركت ونقلت «دومة» للعلاج بأحد المستشفيات لعلاجه. على السلطة الحالية أن تستوعب أنها تخسر كثيراً ب«العناد». وقديما قيل: «العند يورث الكفر». وعلينا ألا ننسى أن «عناد» نظام «مبارك» أورث الشعب الكفر به.