ذهب البعض إلى أن جماعة الإخوان المسلمين وراء تفجير حزب النور.. وهى فكرة من موروثات ما قبل الثورة التآمرية.. لكنها تبعد تماماً عن المنطق ومعرفة وفهم سيكولوجية الجماعات الإسلامية.. فضلاً عن التحليل السياسى الواقعى.. ذلك أن عموم الناس ينظرون للتيار الإسلامى نظرة واحدة.. لا يعرف الكثير منهم الفرق بين جماعة الإخوان والمجموعات السلفية مثلاً.. أو الفرق بين الجماعة الإسلامية والمجموعات السلفية الجهادية.. جميعهم شىء واحد.. لذلك فإن تفجير حزب النور ليس فى مصلحة الإخوان.. العكس هو الصحيح.. تفجير النور يسىء إلى صورة الإخوان ويجعل الصورة الذهنية لهم أكثر سوءًا. قبل الثورة كانت مهمة تفجير الأحزاب من مهام الدولة، التى لم تكن تفعل سوى تعميق هوة الخلاف بين المتناحرين لزيادة الشقاق.. ولأن الثورة أتت على دور الأجهزة الأمنية السياسى.. حتى الآن.. فإن البعض يريد تفسير تفجير الحزب بعيداً عن تفسير بشرية القيادة!.. تفسير يُراد به البعد عما يطلقه قادة وأعضاء تيار الإسلام السياسى بأنهم لا يعملون إلا لله وللدين.. وإن ما سواهم يعملون للدنيا والمناصب ولغير الله! قلت فى السابق، محذراً، بأن السياسية فرّقت صحابة رسول الله فى الفتنة الكبرى؛ بين سيدنا علىّ بن أبى طالب أحد المبشرين بالجنة وابن عم رسول الله، وبين سيدنا معاوية أحد كتبة الوحى.. صحابيان عدلان.. لا شىء آخر.. لكن فى السياسة والسلطة هناك كلام. كان لدخول التيار السلفى السياسة بعد الثورة.. أبلغ الأثر السلبى على جماعة الإخوان المسلمين، كما كان هناك أثر إيجابى بالطبع.. من الآثار السلبية الأحداث التى هزّت نظرة المجتمع فى التيار الإسلامى كله ولا تزال، مثل حادثة النائبين البلكيمى والشيخ على ونيس على وجه الخصوص، لأنهما تتعلقان بالنظرة الأخلاقية.. حادثان وما شابهما كان له أثر مباشر فى حسم انتخاب الدكتور مرسى رئيساً للدولة بصعوبة بالغة على خصم كان يسهل صرعه بالضربة القاضية لو أُجريت الانتخابات الرئاسية قبل أن يرى المجتمع ما رأى من «الإسلاميين» بعد الثورة!.. انقسامات حزب النور ستأخذ نصيبها العكسى على جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات المقبلة، لا ريب، لأن خطاب الإسلاميين فى الحشد والتأثير واحد يشترك فيه جميع الحركات على مختلف مشاربها.. كما أن الوحدة التى تعترى القوى المدنية والوطنية والثورية المناوئة سياسياً بطبيعتها للتيار الإسلامى آخذة فى الصعود والتكتل والحصول على التأييد، نتيجة أن السلطة التى يتمتع بها الإسلاميون تنتقص من شعبيتهم يوماً بعد يوم.. الأمر الذى يجعل وحدة «الإسلاميين» ضرورة لمواجهة كل ذلك.. لذلك فإن تفجير «النور» ليس فى صالح «الإخوان» بقدر ما ينتقص منها.. هذا ليس دفاعاً بقدر ما هو قراءة فى «فقه المصالح والمفاسد» بعيداً عن «فقه المؤامرة»!