سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة ل«الوطن»: قانون «التجارب السريرية» لا توجد به ضمانات «مجد»: القانون يتاجر بأجساد الفقراء.. ويحول مصر إلى «بديل رخيص» للتجارب العلمية
انتقدت الدكتورة مجد قطب، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة، مشروع قانون «التجارب السريرية» المزمع تقديمه إلى مجلس الشعب المقبل، وقالت إنه لا يراعى صحة المصريين وسيؤدى إلى عواقب خطيرة على صحة الفقراء والحوامل والمساجين، وأشارت إلى ثغرات عديدة بمشروع القانون الجديد، مثل عدم وجود تعريف للإهمال أو تحديد العقوبات، وحذرت من تحويل مصر إلى بلد «البديل الرخيص» لتجارب شركات الأدوية العالمية دون مقابل أو عقاب. ■ ما أهم الثغرات فى مشروع قانون «التجارب السريرية» المقرر عرضه على مجلس الشعب المقبل؟ - أهم ثغرة فى القانون على الإطلاق أنه يفتح الباب لشركات الدواء الأجنبية لتجريب منتجاتها غير المرخص باستخدامها من العقاقير والخلايا الجذعية والعلاج الجينى فى الإنسان والأطفال المصريين، دون أن تجريها على أبناء الدولة الأجنبية، وتلك المنتجات غير معلومة الأضرار أو الفعالية وهذا يعنى أن مشروع القانون يمنح الأجنبى حق تجريب علاجات جينية ومسرطنات على المصريين المعدمين والفقراء والأطفال والمساجين والسيدات الحوامل دون التجريب على أبناء دولته، وهذا فى رأيى اتجار بفقر المصريين ويفتح الباب لمضاعفات مستقبلية مثل السرطان أو الطفرات الوراثية، واستحداث أمراض مثل الإيدز فى المصريين ومضاعفات مثل الفشل الكبدى والكلوى والجلطات والشلل الرعاش، كما يفتح الباب لحرب بيولوجية ضد المصريين تحت غطاء «تشجيع الاستثمار فى صناعة الدواء». ■ ما مواد القانون التى تتضمن تلك الثغرات؟ - المادة 8، وهى مرفوضة تماماً لأنها تسمح لشركات الدواء الأجنبية بالتجريب فى المستشفيات الخاصة أو الأهلية أو المراكز الطبية، ما يستحيل معه الرقابة على الأبحاث، والقانون يسمح لشركات الدواء الأجنبية بالتعاقد مع منظمات البحوث التعاقدية ولم يحدد أى اختصاصات أو مسئوليات أو عقوبات، وهى منظمات تجارية تهدف إلى إجراء أبحاث بالوكالة نيابة عن شركات الدواء الأجنبية، وهذا يعنى أنها قد تلوث يدها بالتجريب فى المصريين من خلال وسيط، دون أن تلوث الشركات الأجنبية يدها بالتجريب فى المصريين الفقراء والمعدومين وفاقدى الثقافة والمسجونين والأطفال والحوامل كما ذكرنا، وهناك تخوف من أن تصبح مصر مثل الهند فى توفير البديل الرخيص للتجارب العلمية. ■ هل يحدد القانون الجديد تعريفاً للإهمال والمضاعفات التى تترتب على أخطاء البحوث؟ - القانون لا يضع تعريفاً للإهمال ولا المضاعفات، مما يستحيل معه تسجيل المضاعفات، وهو ما يؤدى إلى استغلال شركات التأمين لتلك النقطة ورفض الاعتراف بالمضاعفات، وسيترتب على ذلك وقوع العديد من الصراعات بين شركات التأمين والباحثين. ■ وماذا عن حقوق الباحثين؟ - المادتان 7 و17 من مشروع القانون تضمنان هيمنة الشركات التجارية وترهبان الباحثين، لأنهما لم تحددا المخالفة بشكل واضح، ولم تمنحا الباحثين أى حماية قانونية بسبب عدم وضع تعريف قانونى للمضاعفات، ولا يلزم الراعى بحفظ ملفات المصريين الذين خضعوا للتجريب عليهم مدى الحياة، لتسجيل تأثير تلك العقاقير والمواد على المديين القريب والبعيد، فضلاً عن انتهاكه لاستقلال الجامعات لأنه يؤدى إلى هيمنة «اللجنة القومية للبحوث الطبية» التابعة لوزارة الصحة على كليات الطب التابعة للجامعات المصرية، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، والقانون لا يمنح لمصر أى ميزة حال ثبوت فعالية وأمان العقار محل التجريب وحال تسجيله للتداول فى الأسواق، فلا يوجد نص يلزم الشركات بمنح مصر تخفيضاً أو توفير العلاج لمدد زمنية أو أى ميزة أخرى. ■ بعض كبار الأطباء الذين اطلعوا على القانون يقولون إنه يحتوى على ضمانات حقيقية للحفاظ على حياة المريض، وإن المعترضين عليه يتعاملون بمنطق «ولا تقربوا الصلاة»! - لا توجد أى ضمانات سوى «الموافقة المستنيرة»، وهدف مشروع القانون بلا لبس أو مواربة ينص على الآتى: «يهدف مشروع القانون إلى تشجيع صناعة الدواء وحفظ حقوق المبحوثين المواطنين المصريين والباحثين»، والحقوق هنا هى ثمن التجريب ولا يوجد أى ذكر للحفاظ على حياة المريض، القانون كذلك لا يتحدث عن مرضى وإنما يتحدث عن المواطن المصرى والاختلاف كبير جداً، لأن التجريب على المواطن الفقير والمعدم والمسجون يكون فى تجارب المرحلة الأولى، وهى التجريب على المواطن السليم للوقوف على أمان المستحضر، وإذا ثبت أن المستحضر أو الخلايا الجذعية أو العلاج الجينى قاتل لا يتم التجريب على المرضى. ■ هل الغرامة المالية الموقعة على الشركات الأجنبية حال حدوث أخطاء كافية تعادل نفس الغرامات فى الدول الخارجية؟ - شركات التأمين المصرية تتحمل التعويضات عن الشركات التى تقوم بالتجريب، وليس فقط نفقات العلاج، وجعل التأمين لصالح المريض وليس لصالح المستشفى الذى سيتولى علاج المريض، وهو ما يفتح باب الاتجار على المستوى الشخصى للمصريين. ومشروع القانون يهدف إلى تنظيم الأبحاث على الآدميين بما يضمن عدم حدوث أخطاء، ولم يضع القانون تعريفاً للأخطاء أو تصنيفها، ولم يضع العقوبة المرتبطة بذات الخطأ أو الجريمة، فهناك أخطاء لا تكفى فيها الفدية أو الغرامة. والتاريخ واضح جداً فى مصر، عندما تم تجريب عقار «الفؤادين» على المصريين لعلاج البلهارسيا ثبت أنه غير فعال، وبعد سنوات عديدة لاحقة ثبت أن تلك التجربة على المصريين تسببت فى نشر فيروس «سى» بين المصريين، لذلك يجب النص على أن الشركات مالكة الاختراع تظل مسئولة عن تلك المواد بدون تقادم. ■ هل مصر مضطرة حالياً إلى تطبيق هذا القانون بسبب انتشار الأمراض المزمنة فيها بكثافة مثل فيروس سى والسكر؟ - لا يوجد أى اضطرار لتطبيق مثل هذا المشروع ولا يوجد ما يبيح المتاجرة بصحة وأجساد المصريين، لكن يجب أن تتخذ مصر خطوات فاعلة فى الإفادة من الترخيص الإجبارى للعقاقير والاختراعات الأجنبية التى تم تسجيلها فى دولة المنشأ. والترخيص الإجبارى منصوص عليه فى قانون 82 لسنة 2002 بشأن حماية الملكية الفكرية، وهو يضمن نقل معارف التصنيع لتلك العقاقير والاختراعات إلى مصر بما يضمن التصنيع والتطوير لتلك العقاقير فى مصر.