مر شهران على تنصيب الرئيس السيسى بدت خلالهما مؤشرات إيجابية على رغبة الرئيس فى تحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع، كما ظهرت مؤشرات سالبة تخصم من حجم التأييد الشعبى الذى تحقق للرئيس بفوزه الكاسح بتصميم المصريين على انتخابه. وبين المؤشرات الإيجابية والسلبية توجد مؤشرات غير واضحة ولا مؤكدة قد تتحول إلى أداء إيجابى مقبول، وقد يتحقق عنها أداء سلبى أو حتى كارثى! وتنبع أهمية التقييم المبكر والمستمر لأداء الرئيس ومعاونيه فى «مؤسسة الرئاسة» والحكومة من ضرورة التأكيد على المبدأ الدستورى والديمقراطى بأن «السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات»، وهو المبدأ الذى التزم به الرئيس حين دعا المواطنين إلى العمل وإلى تحمل المسئولية، مؤكداً أنه لا يعمل منفرداً وأن المسئولية مشتركة بين «الشعب» و«الرئيس». من هنا وجب تقييم الأداء الرئاسى مبكراً وباستمرار، للحكم على مدى توافق الأداء الرئاسى مع رغبات المواطنين وأهداف الوطن. يكون هذا التقييم تأكيداً للمشاركة الشعبية وممارسة لحق «شركاء الوطن» فى المتابعة النشطة والتدخل الإيجابى لضمان التزام الرئاسة والسلطة التنفيذية بما يتم التوافق الوطنى والشعبى عليه! ومن المهم توضيح أسس ومعايير تقييم الأداء الرئاسى حتى تكون الموضوعية هى الأساس فى الحكم على النتائج المتحققة، سلباً أو إيجاباً، وأهم معايير التقييم هو ما ألزم الرئيس به نفسه مما جاء فى رؤيته للمستقبل، التى أعلنها قبل أيام من نهاية مرحلة الانتخابات الرئاسية واعتُبرت بمثابة «برنامج عمل» للرئاسة الجديدة، وكذلك خطاب التنصيب وما ورد به من تعهدات قطعها الرئيس على نفسه وحدد بها ملامح نظام حكمه، كذلك فإن أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، اللتين اعترف بهما الدستور وأشاد بهما الرئيس، هى من معايير تقييم الأداء الرئاسى. وبالرغم من قصر المدة التى قضاها الرئيس السيسى فى منصبه، فإنه قد ظهرت دلائل ومؤشرات تصف أبعاداً مختلفة للأداء الرئاسى، فهناك حالات واضحة الإيجابية واحتمالات نجاحها عالية، وحالات أخرى من الأداء الرئاسى تحتمل النجاح أو الفشل، والنوع الثالث هو أداء احتمالات نجاحه مشكوك فيها وهو أقرب إلى الفشل منه إلى النجاح. ولنبدأ بالمؤشرات الإيجابية التى تتفق مع آمال المواطنين «شركاء الوطن»، وفى المقدمة كان أسلوب المصارحة والمكاشفة الذى يمارسه الرئيس فى كل لقاءاته وأحاديثه، إنه لا يحاول تجميل الصورة وبيع الوهم للمواطنين، بل إنه يكاشف الناس بحقيقة الأوضاع الاقتصادية وأزمات الوطن واحتياجاته الضرورية، ويطالبهم بالمساندة والمشاركة فى تحمل المسئولية الوطنية، ومن ذلك القبيل اتخاذ قرارات جريئة تقبلها المواطنون رغم قسوتها، التى قضت بترشيد منظومة دعم الوقود ورفع أسعار استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعى. كذلك كان الإصرار على تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور على الجميع دون استثناء والبدء بنفسه حين قرر الاكتفاء بنصف راتبه والتبرع بنصف أمواله الخاصة! ويقع فى نفس مجموعة المؤشرات الإيجابية نجاحه فى تحسين الصورة الذهنية لمصر فى العالم، وتقبل الجميع بمن فيهم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى لحقيقة ثورة 30 يونيو، وإن كانت النوايا ما تزال تضمر العداء لمصر، وتوثيق العلاقات المصرية مع السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن. كذا نجحت السياسة الخارجية للرئيس السيسى فى استرجاع العلاقات الوطيدة التى ربطت مصر وروسيا وأعادت آفاقاً مبشرة للتعاون العسكرى والاقتصادى بين البلدين، ناهيك عن التأييد السياسى ودعم موسكو لثورة 30 يونيو. كما كان من المؤشرات الإيجابية نجاح الإدارة الجديدة للرئيس السيسى فى تلطيف المناخ المعادى لمصر بالاتحاد الأفريقى، وإقرار عودة مصر لكامل أنشطتها بالاتحاد. كذلك يبدو فى الأفق مؤشرات إيجابية فى اجتياز عقبة سد النهضة الإثيوبى، واقتراب الوصول إلى حل فى هذه القضية لا يتعارض مع مصالح البلدين. وفى الأسبوع الماضى، أضاف الرئيس السيسى علامة فارقة فى سجل التنمية الوطنية بإعلانه فى احتفال حاشد بالإسماعيلية عن بدء العمل فى حفر قناة موازية لقناة السويس، تحقق إحياء لفكرة كانت تراود المسئولين بهيئة قناة السويس منذ ما يقرب من 30 عاماً، ويرتبط بهذا التطور الإيجابى فى مسيرة التنمية الوطنية قرب الإعلان عن التحالف الفائز بإعداد المخطط الجديد للمشروع الأهم الهادف إلى تطوير محور قناة السويس إلى مركز لوجيستى عالمى وإقامة قواعد للخدمات اللوجيستية ومناطق التخزين والمراكز الصناعية وصناعات التجميع للمنتجات العالمية، وجذب الاستثمارات العالمية والانطلاق بعدها إلى تعمير كل سيناء! تلك المؤشرات الإيجابية على أداء الرئيس السيسى و«معاونيه غير المعروفين» تمثل أحد أبعاد ثلاثة فى التقييم المتكامل للرئيس وإدارته الجديدة. وما من شك فى أن تلك المؤشرات الإيجابية تسهم فى تعزيز الدعم والمساندة الوطنية للرئيس، سواء فى مجالات العمل الداخلى أو فى علاقاته الخارجية. لكن يبقى بعدان فى محاولة التقييم المتكامل هما الأخطر على مسيرة الأداء الرئاسى إن لم ينالا الاهتمام الجدير بهما من مؤسسة الرئاسة ومن المواطنين «شركاء الوطن»، وهذان البعدان هما: أولاً: المؤشرات السالبة التى بدأت تطل على المشهد السياسى وتؤثر سلباً على شعبية الرئيس والمناطق الأقل وضوحاً فى خريطة الأداء الرئاسى، التى قد تمثل مناطق مهجورة وقنابل موقوتة، وثانياً: خطر التكلُّس فى أجهزة الدولة التنفيذية وغياب أو عدم فعالية خطط الإصلاح المؤسسى وإعادة الهيكلة الشاملة للدولة على أسس ومعايير ونظم غير تقليدية تناسب تطورات العلم والتقنية، بما يهدد كل مشروعات وطموحات التنمية بالفشل! وهذا موضوع المقالين المقبلين بإذن الله. حمى الله مصر!