استاء البعض من شماتة الإخوان فى بعض الأحداث التى ضربت مصر على مدار الأيام الماضية، ولهم حق فى ذلك، فقد شمتت الجماعة فى سقوط عشرات الشهداء من أبناء جيش مصر فى مذبحة الفرافرة، وشمتت أيضاً فى بعض الزلازل التى ضربت مصر خلال العشر الأواخر من رمضان، وأخذت تردد تلك النبوءة اللوذعية التى تقول إن مصر ستتعرض خلال شهر أغسطس لزلزال مدمر لا سمح الله، وتحدث بعضهم أن الزلازل من جنود الله «وما يعلم جنود ربك إلا هو»، وأنها علامة أو إشارة إلى غضب السماء على أهل أرض مصر!، وتوعدت الصفحات الإخوانية المصريين المؤيدين للنظام الحالى بالمزيد، وكأنهم اتخذوا عند الله عهداً!. من حق من غضبوا من هذا السلوك الإخوانى أن ينتفضوا ويصيبهم الضيق، لكننى أظن أن غضبهم سوف يقل وضيقهم سوف ينحسر إذا تذكروا ماذا كانوا يرددون أيام «مرسى»، وكيف أن الخطاب الإعلامى خلال العام الذى حكم فيه الإخوان كرّس مفهوماً محدداً لدى المصريين ملخصه أن هذا الرجل «نحس»، واستندوا فى ذلك إلى شهداء الجيش الذى سقطوا فى رفح والعريش، وإلى حوادث القطارات والزلازل والحرائق والحوادث التى كانت تضرب الدول التى كان يزورها «مرسى». لو فكر قليلاً من يلومون على الإخوان هذا السلوك المعيب والساذج، لأدركوا أنهم ليسوا أقل «معيبة» أو سذاجة منهم. والتشابه بين الطرفين أمر طبيعى للغاية لأنهم أبناء ثقافة واحدة تفتقر إلى أدنى درجات العقلانية، والمثل يقول «اللى فى الدس تجيبه المغرفة»!. إننا ببساطة أمام ثقافة تقوم على تغييب العقل والاطمئنان إلى فكرة الاتصال بالسماء، فكل طرف يحاول أن يحتكر السماء لنفسه، كما يسعى إلى احتكار الأرض، وبالتالى تجده يفعل الشىء وعكسه، لأن المهم فى الحالتين أن يخدم مصالحه وأهدافه. وفى تقديرى أن هذا النمط من التفكير يعد أحد العوامل المفسرة لحالة الفشل والتردى التى ابتلينا بها. فنكاد نكون جميعنا سواء فى السقوط فى هذا الفخ. فالإنسان يقرأ أحداث الحياة وحوادثها ويعكسها على مرآة مصالحه أو رؤيته أو تقديره للأمور، وما أكثر ما يؤكد لنفسه ولمن حوله أن القدر يعمل لصالحه، ظناً منه أنه يملك الحق والحقيقة، ولا يدرك من يفكر بهذه الطريقة أن الحق نسبى والحقيقة نسبية، قد يكون لأحدنا نصيب منها، لكنه بحال لا يحتكرها كلها لنفسه. فالناس شركاء فى العقل، والعقل كما كان يقول ديكارت هو أعدل الأشياء قسمة بين البشر. فى القرآن الكريم وصف بديع لتلك الحال التى يتحكم فيها الهوى وليس العقل فى الإنسان فيدفعه إلى الازدواجية فى الرؤية فينحاز للأمر إذا كان ذلك فى صالحه، ويضاده إذا لم يكن كذلك: «وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». نحن جميعاً أبناء ثقافة واحدة، تعتمد على تغييب العقل والانتصار للهوى. وهو أمر يحتاج منا إلى مراجعة. الشماتة عَرَض من أعراض علة التخلف!.