يسير حيناً بالمفك، وأخرى بعدة السباكة، وقد يأتيه اتصال هاتفى، فيترك كل هذا، ويصطحب شاكوشا ومسامير ليؤدى الغرض، وأحياناً أخرى يصطحب كل هذا، ليقوم بعمرة فى أحد المنازل، من سباكة لكهرباء لنجارة، يكفيه فى هذا مجرد استدعاء قد يأتيه هاتفياً، وقد يأتيه من أحد أبناء المنطقة «ابقى عدى عليا بإصلاح عندى شوية حاجات فى الشقة عايزك تصلحهالى». «عينى يا عم الحج» لا يتلقى الزبون غالباً سوى هذا الرد، فالشاب لا يرد طلب زبائنه، يعرفونه بحسن الخلق واللسان الحلو و«اليد الحنينة» فى الشغل وفى الأجرة، لذا يفضلونه عن غيره، لم يكن «صلاح محمد عبدالله» يحلم بأكثر من هذا، بعد أن قضى 7 سنوات فى مدرسة الصنايع ب«شبرا»، تصور أن إلمامه بعدد من الحرف سيجعل الشركات تتهافت عليه، لم ييأس الشاب الثلاثينى من وقف الحال وعدم تحقق الحلم، فقرر تغييره وإطلاق أول ورشة متنقلة لإصلاح وصيانة التكييفات والتليفونات المحمولة وتركيب الدش وأعمال السباكة والنجارة.. وكما يطلق عليه أهالى منطقته «بتاع كله». «أبويا الله يرحمه دائماً كان بيقولى أتعلم صنعة تنفعك أحسن من الثانوية العامة اللى كل الناس بتسقط فيها» يتذكر «صلاح» نصيحة والده التى عمل بها، حيث يعيش مع والدته وأخيه «عمر»، لا يرى فى نفسه الشاب الناجح، ولا يعتبر نفسه فاشلاً أيضاً، هو حالة وسط بين الحالتين «معايا 7 صنايع، بس بختى مش ضايع، والحمد لله ربنا كارمنى، واللى معاه صنعة فى إيده، عمره ما يبات جعان». يحلم «صلاح» بسنتر كبير يحمل اسم والده لتصليح جميع الأجهزة الكهربائية، ويرسم خطة طويلة الأجل لتحقيق ذلك الحلم دون أن يلجأ إلى قروض أو ديون «أحلى إحساس إن ميكونش حد ليه عندك حاجة ولا بنك ولا أى بنى آدم علشان الواحد يحس بالسعادة والفلوس يبقى فيها بركة».