من الأمور الملفتة للنظر فى مهرجان "كارلوفى فارى" السينمائى الدولى الذى عقدت دورته التاسعة والأربعون بين 4 و 13 يوليو فى المدينةالتشيكية التى تشتهر كمنتجع صحى، زحام جمهور من الشباب أمام دور السينما التى تعرض الأفلام ومنها القاعة الكبرى فى فندق "ترمال" ، فندق المهرجان الرئيسى، والتى تتسع لألف ومائتى مقعد، بالإضافة إلى أربع قاعات أخرى يضم كل منها أكثر من مائة مقعد. ويتيح المهرجان لكل ضيف الحصول على ثلاث تذاكر يوميا لمشاهدة الأفلام فى حفلات مختلفة فى القاعة الرئيسية وهذه التذاكر التى يطبعها الكمبيوتر تحمل رقم المقعد، وعلى صاحب التذكرة التواجد فى دار السينما قبل بدء العرض بخمس دقائق بحد أقصى لأنه فى الدقائق الخمس الأخيرة يكون مسموحا لاى مشاهد سمح له بالدخول بموجب "بادج" المهرجان، يسمح له ان يحتل اى مقعد خال لم يحضر صاحبه الاصلى، ولكن التسابق على هذه المقاعد الشاغرة لا يتم إلا بعد الإعلان عن ذلك فى الميكروفون باللغتين التشيكية والانجليزية. والحقيقة ان الجمهور التشيكى كريم جدا مع الأفلام فهو يصفق طويلا بعد انتهاء العرض مهما كان مستوى العمل السينمائى الذى شاهده بل ان غالبية المشاهدين لا ينهضون من مقاعدهم إلا مع انتهاء عناوين الفيلم ليصفقوا مرة أخرى. ومن الأمور الأخرى التى ينفرد بها مهرجان "كارلوفى فارى" أيضا تقديم أسرة أفلام المسابقة الدولية المكونة من اثنى عشر فيلما على خشبة المسرح أمام المشاهدين فى حفلى الخامسة والثامنة مساء، وتتم هذه العملية بان يقوم المدير الفنى للمهرجان "كارل اوك" بتقديم الفيلم ثم يدعو أعضاء أسرة الفيلم إلى الظهور من الكواليس واحدا وراء الآخر وسط تصفيق الجمهور، ثم يدعو المخرج الى توجيه كلمة تقوم مترجمة بترجمتها الى التشيكية اذا كان الضيف يتحدث بالانجليزية أو إلى الانجليزية إذا كان المتحدث تشيكيا. وفى ختام تلك الكلمة يدخل عدد من الشباب والفتيات إلى خشبة المسرح لتقديم باقات زهور الى النساء أعضاء الوفود، وفى بعض الأحيان تصل أعداد هذه الوفود إلى 15 فرداً بين المنتج والمخرج والممثلين والفنيين وهذا التقليد لا يتبع فى اى مهرجان دولى أخر مثل برلين وكان وسان سباستيان. وظهور وفود الأفلام على المسرح أمام الجمهور لا يتعارض مع حضورهم مؤتمر صحفى مع النقاد التشيك والأجانب فى فترة الظهيرة بعد ان يكون هؤلاء النقاد قد شاهدوا فيلمين من أفلام المسابقة فى عرضين صحفيين فى الثامنة والعاشرة والنصف صباحا فى إحدى القاعات الصغيرة التى أشرت إليها سابقا. وتوفر إدارة المهرجان خدمة ممتازة لضيوفه من الصحفيين وغيرهم، هذه الخدمة هى إمكانية مشاهدة نسبة كبيرة من أفلام المهرجان على جهاز تليفزيون تم تخزين هذه الأعمال عليه مصنفة حسب القسم الذى تشارك فيه، ويوجد فى إحدى القاعات فى فندق "تيرمال" عشرين جهاز تليفزيون يمكنك مشاهدة ما تود من الأفلام المتاحة بعد ان تكون قد وضعت على أذنيك سماعة تم توصيلها بالتليفزيون، وكل ما عليك أن تفعله للاستفادة من هذه الخدمة هو أن تحجز ثلاث ساعات مشاهدة يوميا بين العاشرة صباحا والعاشرة مساء. الجوائز: بعد هذه المقدمة تعالوا نستعرض النتائج التى توصلت إليها لجنة التحكيم الدولية، التى رأسها المنتج الاسبانى لويس مينارو وعضوية أربعة سينمائيين آخرين من اليونان وأيسلندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا. شاهدت اللجنة مع الجمهور يوميا فى حفلتى الخامسة والثامنة مساءً أفلام المسابقة الاثنى عشر وامتدت هذه العروض على مدار ستة أيام من السبت إلى الخميس وفى يوم الجمعة اجتمعت اللجنة للمداولة والاتفاق على الجوائز التى أعلنت فى اليوم التالى فى قاعة العرض امام جمهور غفير.. وكانت الجائزة الكبرى (الكرة الكريستال و 25 الف دولار) من نصيب "جزيرة الذرة" من إخراج الروسى "جورج اوفاشفيلى". الفيلم إنتاج مشترك بين جورجيا وألمانيا وفرنسا وجمهورية التشيك وكازاخستان والمجر.. تقع الأحداث فوق جزيرة صغيرة وسط نهر يفصل جمهورية " ابخازيا " عن جمهورية " جورجيا" وكانت " أبخازيا" قد خاضت حربا انفصالية عن " جورجيا" فى عام 1992 وانتصرت فيها وأعلنت استقلالها وان لم يزد عدد الدول التى اعترفت بها عن أربع منها روسيا. بطل الفيلم فلاح كهل قرر الاستيطان فى الجزيرة مع حفيدته الشابة .. ويقيم كوخا لهما ويقومان بزراعة الذرة وتقوم الفتاة من حين لأخر بالذهاب بقارب إلى بلدة مجاورة لتشترى منها احتياجاتهما .. وذات يوما يلجأ جندى جريح إلى الجزيرة من اجل الاختباء من الجنود الأعداء حيث انه ينتمى إلى الابخاز الانفصاليين.. ويرحب الجد وحفيدته بالجندى وينكران وجوده عند مرور دورية من الجنود الجورجيين بقاربهم .. ولكن الطبيعة القاسية لا ترحم حيث تقضى الأمطار تماما على الجزيرة. والفيلم يكاد يكون خاليا من الحوار وتعتمد العلاقات على النظرات فى المقام الأول.. وقد تخرج " جورج اوفاشفيلى" فى معهد السينما ب " جورجيا" سنة 1996 واستكمل دراسته فى أكاديمية الفيلم فى نيويورك .. وقد اخرج فيلمه الأول " الضفة الأخرى" سنة 2009 ونال عنه عدة جوائز. ولم استرح كثيرا إلى حصول الفيلم المجرى الفرنسى الكورى الجنوبى " سقوط حر" على جائزتين هامتين هما جائزة لجنة التحكيم الكبرى (15 الف دولار) وجائزة الإخراج للمجرى " جيورجى بالفى" .الشخصية الرئيسية فى الفيلم هى امرأة بدينة نسبياً على مشارف السبعين تصعد فى بداية الأحداث إلى سطوح العمارة التى تقيم بها ثم تلقى بنفسها، ولكنها تفاجأ بأنها لم تمت فتنهض وتعود إلى مدخل العمارة لتستقل المصعد ولكنه معطل فتضطر إلى صعود السلالم.. وفى كل دور تمر عليه يقدم لنا المخرج قصة تحدث فى داخل إحدى الشقق.. الفكرة مبتكرة ولكن معظم القصص التى نشاهدها لم تثر اهتمامى وبالتالى لم أشاطر لجنة التحكيم إعجابها الشديد بالفيلم مما دفعها الى منحه جائزتين هامتين.. وحصلت الأمريكية الشابة " ايل فاننج" على جائزة أحسن ممثلة عن دورها فى فيلم Low down للمخرج " جيف بريس" وتؤدى " فانج" الشخصية الحقيقية لفتاة تدعى " ايمى جو ألبانى" قامت بتأليف كتاب عن والدها " جو البانى" الذى حقق نجاحات فى مجال العزف على البيانو فى السبعينات من القرن الماضى.. وجسد دور العازف الذى كان يعانى من إدمان المخدرات الممثل " جون هوكس" وأدت الممثلة المعروفة " جلين كلوز" دور والدته. و" ايل فانج" التى تألقت فى الأسابيع الماضية فى فيلم maleficent إلى جوار انجلينا جولى من مواليد سنة 1998 وبدأت تمثل وهى فى الثالثة من العمر وذلك فى فيلم " أنا سام" مع " شون بن " وبعد هذا العمل السينمائى أخذت توزع نشاطها بين السينما والتليفزيون إلى أن لفتت الأنظار بشخصية الطفلة فى فيلم " حالة بنجامين باتون الغريبة" سنة 2008. أما جائزة أحسن ممثل فكانت من نصيب الارجنتينى " ناهويل بيريز بيسكايار" فى الفيلم البلجيكى الكندى " أنا ملك لك" ويجسد " ناهويل" فى الفيلم شخصية " لوكاس" وهو شاب ارجنتينى يتواصل على النت مع صاحب مخبز بلجيكى شاذ جنسيا.. وتبدأ الأحداث مع وصول لوكاس إلى بلجيكا بدعوة من " هنرى" صاحب المخبز .. ويتناول الفيلم تطور العلاقة بين الرجلين وتوترها مع وقوع " لوكاس " فى غرام امرأة مطلقة تعمل فى المخبز. ومن الأفلام الاثنى عشر التى شاركت فى المسابقة الدولية أعجبت بالفيلم التشيكى " لعبة عادلة" الذى تقع أحداثه فى جمهورية التشيك فى عام 1983 وقت الحكم الشيوعى. بطلة الفيلم فتاة تدعى " أنا" تبلغ من العمر 18 سنة وهى تتلقى تدريبا شاقا على العدو من اجل الاشتراك فى دورة الألعاب الاولمبية فى لوس انجيلوس سنة 1984 . تعيش " انا" مع والدتها التى تمارس أعمال النظافة فى احد الأبنية الحكومية وتحلم بان يوفر فوز ابنتها فى الاولمبياد الفرصة لهما للعيش خارج البلاد وتقرر الإدارة المشرفة على تدريب " انا" حقنها يوميا بمنشط لزيادة مقدرتها الرياضية.. وعندما تكتشف " أنا" ذلك فإنها ترفض الأمر فى الوقت الذى يلقى القبض على والدتها من جانب المخابرات لقيامها بمساعدة احد النشطاء المعارضين للحكم الشيوعى. ويقدم الفيلم صورة قاتمة للوضع السياسى والرياضى فى تشيكوسلوفاكيا وقت الشيوعية. وقد استقبل مهرجان " كارلوفى فارى" عددا من النجوم والمخرجين المعروفين الذين عرضوا أفلامهم فى أقسام المهرجان المختلفة غير المسابقة الدولية مثل النجم " ميل جيبسون" الذى تم تكريمه فى حفل الافتتاح وعرض فيلمه " ابوكاليبتو" الذى أخرجه فى إطار هذا التكريم ، وكذلك المخرج الامريكى " وليم فرديكين " الذى حضر عرض فيلمه الشهير " الساحر" ، والنجم الايطالى " فرنكو نيرو" بطل احد أفلام المخرج الايطالى الراحل " ايليو بترى" الذى كرمه المهرجان بعرض كل أفلامه، والممثلة الأمريكية " لورا درن" التى حضرت عرض فيلمها " القلب المتوحش " والممثلة الفرنسية " فانى اردان" التى جاءت مع فيلمها " إيقاعات ملحة " من إخراجها وغيرهم.