أكملت العملية العدوانية «الجرف الصامد» التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، أسبوعها الأول، بعد تجاهل ورفض دعوات التهدئة ووقف إطلاق النار، وفق المبادرة المصرية. ومع حلول موعد بدء تنفيذ المبادرة ردت الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية، بقصف مدن فلسطينية محتلة بالصواريخ، رداً على العدوان الإسرائيلى. وأعلن أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة فى غزة، استشهاد 4 فلسطينيين فى غارتين إسرائيليتين على «خان يونس» جنوب قطاع غزة، معلناً ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 192 شهيداً و1410 مصابين، منذ الثلاثاء الماضى وحتى صباح أمس. وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى لحركة «حماس»، مسئوليتها عن قصف مدينة «حيفا»، ومستوطنة «رحوفوت» وسط الأراضى المحتلة، وعدد من المستوطنات ومدينتى «أسدود» و«عسقلان»، كما قصفت تجمعات عسكرية فى قاعدة «زيكيم» الإسرائيلية، ب3 قذائف هاون. وأعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية، أنها قصفت عدة مدن ومستوطنات إسرائيلية، مؤكدة أنها نجحت فى إرسال رسائل تهديد باللغة العربية ل400 ألف إسرائيلى، جاء فيها: «إلى جميع الصهاينة.. قياداتكم الغبية تقودكم إلى الهلاك، وما ينتظركم فى غزة أمران.. فإما الأسر أو الموت المحقق»، فيما أعلنت كتائب الأنصار، الجناح العسكرى لحركة الأحرار الفلسطينية، مسئوليتها عن قصف موقع «زيكيم» العسكرى الإسرائيلى، بوابل من صواريخ «أنصار» محلية الصنع. وأعلن جهاز الأمن التابع لحركة «حماس»، إغلاق الجانب الفلسطينى من معبر إيريز الحدودى فى قطاع غزة، ومنع نحو 20 مريضاً من التوجه إلى إسرائيل، إضافة إلى منع دخول عدد من الصحفيين إلى غزة. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى أن الفصائل الفلسطينية أطلقت عدة صواريخ على إسرائيل، فور انقضاء المهلة المحددة لبدء وقف إطلاق النار، لكن لم تسفر عن سقوط خسائر بشرية أو مادية. وعقب غارات الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، أعلن مجلس الوزراء الأمنى المصغر فى إسرائيل، الموافقة على مقترحات التهدئة التى قدمتها مصر. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو: «الحكومة قررت الموافقة على المبادرة المصرية من أجل وقف إطلاق النار». وحذر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى من أن إسرائيل ستكثف غاراتها الجوية المتواصلة وتنوى توسيع عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، إذا أعلنت حركة «حماس» رفضها رسمياً المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار. وزعم الرئيس الإسرائيلى، شيمون بيريز، خلال لقائه بمبعوث اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام فى الشرق الأوسط تونى بلير، أن وقف إطلاق النار يعطى فرصة لوضع حد لمعاناة الطرفين، مؤكداً أنه لا يمكن التوصل إلى السلام عن طريق الحرب والاقتتال. وقال فوزى برهوم، المتحدث باسم حركة «حماس»، فى تصريح ل«فرانس برس»، إنه «بالنسبة للمبادرة المصرية، فإنه لم يصلنا شىء بشكل رسمى، ووقف إطلاق النار دون التوصل لاتفاق هو أمر مرفوض.. لم يحدث فى حالات الحروب وقف إطلاق النار ثم التفاوض». من جهته، قال سامى أبوزهرى، المتحدث باسم الحركة فى بيان «ما يجرى ترويجه بشأن نزع سلاح المقاومة غير خاضع للنقاش، ونحن شعب تحت الاحتلال، والمقاومة بكافة الوسائل حق مشروع للشعوب المحتلة». وقالت «فرانس برس» إن مصدراً رفيعاً فى «حماس» طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن «المبادرة المصرية فضفاضة ولا تلبى طموح ومطالب المقاومة، ولكن يمكن أن يجرى تطوير هذه الصيغة بالحوار». ورحب الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، بالمبادرة المصرية، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بالمبادرة حفاظاً على دماء الشعب الفلسطينى والمصالح الوطنية العليا، مطالباً بأن «تمهد هذه المبادرة لجهد سياسى لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية»، كما رحب المبعوث الدولى «تونى بلير» بالمبادرة، واعتبر أنها تمنح فرصة جديدة لمستقبل أفضل للأطفال فى غزة وإسرائيل. ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مبادرة وقف إطلاق النار، مؤكدة أن المبادرة عقد للتهدئة مع الاحتلال الذى يشكل وجوده عدواناً دائماً على الشعب الفلسطينى. وتباينت ردود فعل الساسة الإسرائيليين على الأوضاع الراهنة، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن عضو الكنيست الإسرائيلى رونين هوفمان، قوله إن «الموقف فى غزة بعيد تماماً عن التعادل، حيث تلقت حركة حماس ضربة شديدة»، فيما رحبت النائبة الإسرائيلية ميخائيلى ميراف بقرار مجلس الوزراء المصغر بقبول مبادرة مصر، مؤكدة أن إسرائيل أثبتت مجدداً أنها لا تفهم سوى منطق القوة، موجهة الانتقادات إلى «نتنياهو»، قائلة إن «نتنياهو لو كان شخصاً مسئولاً، لكان استفاد من الهدوء الأمنى الذى كان موجوداً ليوصلنا فى نهاية الأمر إلى اتفاق سلام». وأشاد الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بالمبادرة المصرية، وقال، خلال إفطار بالبيت الأبيض احتفالاً بشهر رمضان إن «الولاياتالمتحدة تعتزم مواصلة بذل أقصى ما بوسعها لتسهيل العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 2012، ومنحتنا المبادرة التى طرحتها مصر شعوراً بالثقة فى تحقيق هذا الهدف»، فيما دعا وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى حركة حماس، إلى قبول الاقتراح المصرى لوقف إطلاق النار مع إسرائيل فى قطاع غزة. ونقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية عن مصدر فلسطينى، رفض ذكر هويته، قوله إن «الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن، سيصل إلى القاهرة اليوم على رأس وفد رسمى للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إطار التشاورات المستمرة وتنسيق المواقف بشأن التطورات فى الأراضى الفلسطينية. وعلى الصعيد الدولى، نددت دول عديدة فى أمريكا اللاتينية بالعملية العسكرية التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مطالبة بوقف إطلاق النار، وأعربت وزارة الخارجية المكسيكية، فى بيان، عن «قلقها العميق إزاء تصعيد العنف»، فيما دعت السلطات الكوبية «المجتمع الدولى إلى مطالبة إسرائيل بأن تنهى تصعيد العنف»، مؤكدة «إدانتها الشديدة للعدوان الإسرائيلى الجديد على سكان قطاع غزة»، واصفة إياه ب«العقوبة الجماعية». وقال وزير خارجية ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير، إنه ليس هناك على المدى الطويل أمام الإسرائيليين والفلسطينيين أى بديل آخر سوى العودة إلى طاولة المفاوضات». وتعقد لجنة الشئون الخارجية والسياسية والأمن القومى بالبرلمان العربى، اليوم، اجتماعاً طارئاً بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور أحمد بن محمد الجروان، رئيس البرلمان العربى، فيما اتهم رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، إسرائيل ب«ممارسة إرهاب الدولة فى قصفها لقطاع غزة، وارتكاب مجزرة بحق الفلسطينيين». أكدت شبكة «بى بى سى» الإخبارية أنه إذا استمرت «حماس» فى رفض المبادرة المصرية لوقف إطلاق النيران، فستشعر السلطات الإسرائيلية أنها خرجت من المباحثات الدبلوماسية رفيعة المستوى «بخفى حنين». وأضافت أنه لا يمكن التكهن بما يحدث وراء الكواليس بين «حماس» ومصر، مشيرة إلى أن «حماس» لديها كلا الجناحين السياسى والعسكرى بالرغم من عدم وجود بعض قادتها فى غزة، وبينما يصعب التواصل مع البعض الآخر «المختبئ» أثناء الغارات الجوية الإسرائيلية. وأشارت إلى أن حركة حماس الفلسطينية تحتاج نوعاً من الفوز السياسى بعد هذه المواجهة الدامية التى تسببت فى كثير من المعاناة والدمار للشعب الفلسطينى، ولذلك من المرجح أنها ستقبل بالتسوية فقط فى حالة تخفيف القيود الاقتصادية الصارمة على غزة التى تفرضها إسرائيل، ولكن المؤشرات الحالية لا تعطى أى ضمان ل«حماس» بالنجاح فى الوقت الراهن.