سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبيب الجفرى: علماء الغرب يسخرون من الملحدين الجدد العلم التجريبى ليس سبب أزمة الشباب الملحد.. بل عدم توثيق المعلومة العلمية والنقل وعدم صدق المتخصصين
- خيرى: وصفت الذين يبنون مواقفهم فى الإلحاد على تسرع وعدم قراءة وعدم فهم للغة، هل كانت سخرية لمجرد أنك رأيتهم فى موقف ضعف؟ - الحبيب على: الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه، بالطبع ليس المقصود بهذا الكلام السخرية، بل هو تقرير واقع، هذه التصرفات أصبحت أشبه بمحاولة إيجاد ما يعتبر الإعجاز العلمى فى الإلحاد، والحديث عن أن هذه التصرفات أشبه بالمراهقة لم يكن كلامى، وإنما كلام ملحدين متخصصين فى الفيزياء وفلاسفة فى التطور الأحيائى، أعطيك مثالاً بسيطاً، هناك بروفسور اسمه مايكل روس كتب مقالاً وله مقاطع فى الفيديو سترونها إن شاء الله، انظر ماذا يقول عن تصرفات من سميتهم أو لقبتهم بدعاة الإعجاز العلمى فى الإلحاد، يقول: «على عكس الملحدين الجدد آخذ المعرفة بجدية، كتبت سابقاً أن كتاب وهم الإله لدوكنز، جعلنى أشعر بالخجل من كونى ملحداً». هو ملحد وعالم فيزياء وفيلسوف تطور أحياء، يقول: عندما قرأت كتاب «وهم الإله»، الذى اعتُبر رأس حربة الملحدين الجدد، خجلت من أنى ملحد لما رأيت مستواه، ثم قال: «وفى محاولتهم لفهم أن الإله لا يحتاج إلى سبب، يقول المسيحيون: إن الإله موجود بالضرورة. وقد أخذت على عاتقى أن أحاول فهم ما يعنيه هذا الكلام». انظر الفارق هذا عالم أحياء له باع فى الفلسفة، يقول ليس لمجرد أن المتدينين المسيحيين قالوا عبارة تسخر منها، لا، يتجاهل «دوكنز» ورفاقه هذه المزاعم ويظهرون احتقارهم لكل من يحاولون فهمها، فينطلق «دوكنز» سعيداً كأى طالب جامعى فى السنة الأولى فيسأل الناس بصوت عالٍ: ما الذى سبَّب الإله؟ وكأنه توصل لاكتشاف فلسفى عظيم، كما شعر «دوكنز» بالسخط عندما انتقد فلاسفة كبار أمثال ميرى ميدجلى فكرة المجازية المتمثلة بالجين الأنانى، وهى فرضية حاول «دوكنز» أن يجعلها نظرية علمية، فرد عليه أناس من كبار علماء الأحياء والفيزياء والفلاسفة اعتبروا أن هذا أمر لا يُحترم، لأنه لم يقدم أدلة علمية وقفز مباشرة بالفرضية إلى النتائج الفلسفية فى محاولة إثبات شىء يريد أن يثبته. خلاصة الكلام هنا أنه اعتبرهم مراهقين لسببين: الأول: أنهم لا يبنون كلامهم على أسس علمية قوية أو فلسفية قوية فى الربط بين المنتج العلمى وتوثيقه، ثم الاستدلال به على أمر فلسفى، والثانى: اعتبرهم يعانون من مراهقة الكبر والسخرية من الآخرين لمجرد أن يختلفوا معه. إذن هو ليس بكلامى، بل كلام أناس من أصحاب التخصص لا يقلون بل يزيدون عليهم فى التخصص الذى هم فيه ويفوقونهم بأنه دراسة فى الفلسفة. - خيرى رمضان: أكتر شىء أثر فيا نظرية التطور لما عرفت بعد كده إنه مفيش حاجة اسمها آدم وحواء، وإن عمر الإنسان على الأرض 200 ألف سنة، مش زى الأديان الإبراهيمية كلها ما قالت لنا إن أقصى عمره عشرة آلاف سنة. - الحبيب: نظرية التطور مرت بمراحل كثيرة، وهى لا تعنى الإلحاد، فيه ناس كتير فاهمين إنها تعنى الإلحاد، لكنها لا تعنى الإلحاد.. فيه ناس كتير بتعيش نظرية التطور، ومع ذلك معتقدين بوجود خالق، الخلية الأولى اتوجدت بعناء إلهى، الداروينية من أهم الاستشكالات التى يعانيها شبابنا اليوم فى التعامل مع الدين، والحقيقة ربما جزء من هذه الاستشكالات أو تضخم هذا الموضوع فى نفوس الشباب سببه أن الكثيرين ممن أرادوا الدفاع عن الدين تماهوا فى مناقشة تفاصيل الداروينية، وهذا ما لن أقف معه اليوم لأن هذا يضلل من حيث نقصد أو لا نقصد، يضلل العقول عن لب المسألة، لب المسألة التى لم يتنبه الشباب إليها أنهم وقعوا فى فخ لزوم ما لا يلزم. لو افترضت معكم أن كل ما فى الداروينية القديمة والحديثة حقيقة علمية، مع أن هذا غير صحيح البتة، هناك فى الداروينية ما هو حقيقة وما هو نظرية، وهناك جزئيات لا تزال فرضية، لكن سأعتبر كل ما فيها حقيقة، السؤال: ما دخل هذا بالإيمان والإلحاد؟ لا يوجد أى تناقض، لا توجد أى جزئية فى الداروينية يلزم منها تناقض بينها وبين الدين. - خيرى: إزاى، يعنى الدين بيقول أنا أصلى آدم وحواء والنظرية بتقول إن أصلى متسلسل من شمابنزى؟! - الحبيب: لا يوجد فى النظرية ما يثبت هذا، لا يوجد أبداً، أنا سألت فى هذا حتى علماء أحياء، لا يوجد فى النظرية ما يثبت أننى على الجفرى وأنت خيرى رمضان أن أبانا آدم -عليه السلام- جزء من هذا التسلسل حتى لو اعتبرنا نظريات هذا التسلسل صحيحة، لا يوجد دليل أحفورى أحيائى أو فيزيائى أو كيميائى يقطع بأن آدم كان من هذا التسلسل. كل ما فعلوه أنهم قالوا نحن بنى آدم بيننا وبين الشمبانزى كما قال أحد الشباب 98.4٪ تشابهاً، إذن الفارق 1.6%، الدليل لا يقوم بالكمية، فالذى بيننا وبين الموز 90% من الجينات نقاط مشتركة، بقى 10%، فإذا وجدنا أيضاً مخلوقاً آخر يتجاوز الثمانى والتسعين سنلقى بالشمبانزى ونبحث عن.. لا! ماذا يوجد فى النظرية يمكن أن تثبت من خلاله أن آدم لم يكن أبا البشر، ولم يكن مخلوقاً من طين وماء؟ لا يوجد. فقط القول على التشابه، هذا لا يعتبر دليلاً علمياً، فضلاً عن أن يكون دليلاً بعد ذلك فلسفياً. النقطه الثانية: هم يحاولون الاستشهاد بهذه النظرية على أمر ربما أعمق من قضية آدم وحواء، وربما شبابنا بارك الله فيه لم يصل إلى العمق الذى يحاول الآخرون أن يثبتوا به أنه ما دمنا عرفنا أن هناك تطوراً، فمعنى هذا أن المخلوقات لا أولية لها، أى أنه لا يوجد خلق من عدم، كل مخلوق قبله مخلوق، قبله مخلوق، على هذا النحو، وبالتالى فالعالم قديم قدماً نوعياً وبالتالى لا يحتاج إلى خالق، هذا العمق الذى يحاول بعض الملاحدة استخدام الداروينية به كلام مضحك للغاية، لأن الذين تصرفوا على هذا الأساس حقيقةً لم يتمكنوا لا من علم المنطق ولا من الأدلة العقلية ولا حتى من الفلسفة، يعنى كبار الفلاسفة المعاصرين ينظرون إلى ما يفعله الملحدون الجدد فيقولون ماذا يفعل هؤلاء؟ لأنهم يرون أن هذا شىء طفولى للغاية. - خيرى: كنا نتكلم عن التشابه المتجاوز 98% بين الإنسان والشمبانزى، أليس هذا دليلاً؟ - الحبيب: هل يصلح من الناحية العلمية أن يكون وجود هذه النسبة العالية من التشابه دليلاً قطعياً على أن الجنس الإنسانى الآدمى جاء متسلسلاً من قرد؟ كلام أهل العلم التجريبى الذين يحترمون أنفسهم والذين هم مشغولون بالبحث العلمى أكثر من انشغالهم بالدعوة للإلحاد والترويج له يقولون: «قطعاً لا يكفى»، فالتشابه يلزم عنه اتحاد النوع، لكن لا يلزم منه أن يكون آدم بعينه قد تسلسل من ذاك. أوضحها بشكل أكثر، على افتراض مع أنا قد أثبتنا أن 98% لا تكفى وأن هناك تطابقاً تاماً بين الإنسان والشمبانزى فى الخريطة الجينية، هذا لا يعنى قط أنهما من مكانٍ واحد، هذا فقط كل ما يعنيه أن هناك تقابلاً تشابهاً، يمكن أن يعنى ذلك أن هناك صفات مشتركة، يمكن أن يعنى ذلك، خذ أكثر من هذه أن هناك مخلوقات تشبه بنى آدم كانت موجودة قبل أبينا آدم -عليه السلام- وانتهت وانقضت، ثم جاء آدم بخلق من الله مباشر. الحجة العقلية تقول إن القرآن الكريم ذكر أن آدم وحواء خلقا من غير جنس مشابه لهما من قبل، أى من غير تسلسل، أن يعتقد أحد أن هناك كائنات تشبه بنى آدم كانت موجودة من قبل، هو بحاجه لينفى قول القرآن، هو بحاجة إلى أن يثبت تسلسل آدم -عليه السلام- من تلك الذرية. - خيرى رمضان: إذا كنت تنفى عليك أنت الإثبات، أثبت. - الحبيب على: أثبت.. أنا ادعيت، أنا قلت وادعيت بما أؤمن به مما جاء فى كلام الله -عز وجل- أن آدم خُلق من طين وأن آدم -عليه السلام- لم يكن له أب بشرى من نوعيته، وأنت تدعى أن له أباً بشرياً، طيب ما هو دليلك؟ قال دليلى أنه وجدت أُحفورات أو سنجد أحفورات، سنجد أحفورات تطابق الجنس الآدمى بالكلية، أو وجدنا أُحفورات تقترب إلى حد كبير.. طيب هل هذا دليل على أن آدم -عليه السلام- لم يخلقه الله -عز وجل- بغير أب؟ أرأيتم، المشكلة ليست فى العلم التجريبى. دعونا ننتقل إلى لب المشكلة، المعلومة العلمية والتوثق منها، التفريق بين الحقيقة العلمية والنظرية والفرضية، عندنا مشكلة فى أمانة صاحب الاختصاص عندما يتكلم، وهذه مصيبة كبيرة، أو أمانة النقل عن صاحب الاختصاص عندما يتكلم. على سبيل المثال، المشهور جداً من كلام عالم النفس المعروف «فرويد» أنه كان صاحب فرضية أن حاجة الإنسان لاعتقاد وجود الإله -سبحانه وتعالى- وإلى الإيمان هو شعور الإنسان بالعطش، لأن الإنسان يجهل تفسير الكون فبحث عن مأوى له باعتقاد وجود إله! «فرويد» طبعاً من أعظم علماء النفس، والذى يشكك فى كون «فرويد» صاحب الثقل فى علم النفس يضحك على نفسه، أخطأ فى أشياء أصاب فى أشياء هذه قضية أخرى، لكن علق عدد من علماء النفس الكبار على «فرويد» باستغراب: يا «فرويد» أنت فرضت هنا فرضية ولم تؤسس لها أدلة، أين ما يثبت أن هذا هو السبب؟ لكن لمجرد أن «فرويد» قالها طارت بها الناس واعتبرتها حقيقة ونظرية قوية فى علم النفس، أين إثبات هذه النظرية؟ وكذلك حصل مع رجل اشتُهر بعلم الأحياء مثل ريتشارد دوكنز الذى جاء وتكلم فى نظرية أراد أن يؤسس لها، اسمها الجين الأنانى، ليسد الثغرة التى نص عليها دارون فى نظريته من أننا إذا لم نحل مشكلة وجود الغريزة، فإن هذا سيهدد صحة النظرية كلها، فألف كتاباً سماه «الجين الأنانى»، وضع فيه فرضية علمية، سخر منه العلماء فى تخصصه، لماذا؟ لأنهم رأوا فيه محاولة الضغط قدر المستطاع لإيجاد شىء يبنى عليه فلسفياً الوقوف ضد الإيمان أو نشر الإلحاد.